محمود طارق
مضى أكثر من شهرين على إعلان المستشار هشام جنينة الصادم حول حجم الفساد في مصر والذي بلغ – على حد قوله – 600 مليار جنيه في عام واحد، تلى ذلك حملة عنيفة ضده أدت لتعاطف واسع معه، ثم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق انتهت إلى أن كلام جنينة مرسل ويعكس صورة سلبية عن الاقتصاد المصري ككل، ثم قال جنينة أنه سيعلن ما لديه من أوراق ومستندات بعد ذكرى 25 يناير الخامسة.
انتهى الأمر كالعادة إلى لا شئ، لا نعرف مدى دقة ما أعلنه جنينة، ولا نرى كفاءة حقيقية لدى الدولة فيما يتعلق بمحاربة الفساد، لكن المفاجأة أنه وسط كل هذه الأزمة والصدام بين جنينه ومن يصدقوه من جهة ومن يشككوا في كلامه من جهة أخرى، وجد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الوقت الكاف لكي يتحرك قانونا ضد الزميل خالد حنفي رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون ويقدم بلاغا ضده يتهمه فيه بالسب والقذف بسبب سلسلة مقالات كتبها حنفي على مدار عدة أسابيع في المجلة الصادرة عن اتحاد الإذاعة والتلفزيون.
بالقطع من حق أي مسئول أن يتقدم ببلاغ ضد أي جريدة، لكن عندما يصر سيادة المستشار على عدم استخدام حق الرد، أي ارسال ردود وتفنيدات على ما تنشره المجلة ويتجه للقضاء مباشرة، فهذا أمر لا يمكن وصفه إلا بأنه “ضيق صدر” من شخصية من المفترض أن تشجع حرية الصحافة التي نشرت تصريحاته حول الفساد والتي تحتفي بكل مرة يسقط فيها فاسد جديد.
كان الزميل خالد حنفي قد نشر 4 موضوعات رئيسية حول المستشار هشام جنينة بدأت بمقال عنوانه “الجهات السيادية عقدة هشام جنينة” بتاريخ 24 أكتوبر الماضي، ثم “جرائم هشام جنينة السياسية” بتاريخ 31 من الشهر نفسه، وعاود فتح الملف في ديسمبر من العام الماضي ليكتب تحت عنوان “رشاوى المركزي للمحاسبات تفضح مهمة هشام جنينة” ثم هشام بدوي يكتب نهاية هشام جنينة”.
بسبب المقال الذي حمل عنوان “رشاوى المركزي للمحاسبات تفضح مهمة جنينة” اعتبر المستشار الجليل أن ما كتبه خالد حنفي يدخل في نطاق السب والقذف، ومثل رئيس تحرير الإذاعة والتلفزيون بالفعل أمام نيابة استئناف القاهرة في القضية رقم رقم 8 لسنة 2016 حصر تحقيق استئناف القاهرة، وحضر جلسة التحقيق سيد ابوزيد محامي نقابة الصحفيين وخالد البلشي عضو مجلس إدارة نقابة الصحفيين.
خالد حنفي أكد خلال التحقيق أنه لم يلتق بالمستشار هشام جنينة وليس بينهما أي علاقة أو خصومة شخصية.. مؤكد أنه كتب عدة موضوعات عن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بدأت وقت توليه المنصب ايام حكم جماعة الإخوان، لأنه استشعر أن الجهاز جري استخدامه وقتها للنيل من مؤسسات الدولة .. بدأها بملف القضاة عندما وضع ملفات أندية القضاة تحت يد الجماعة في وقت كانت تريد فيه التخلص من القضاة وتصفيتهم.. وقتها بدأت الجماعة في حشد أعضاء التنظيم والأنصار من التيارات الدينية المتطرفة لمحاصرة دار القضاء العالي وخرج مرشدهم مهدي عاكف ليصرح أنه يريد التخلص من حوالي 3 آلاف قاضي، ومن ثم وجب علي الجماعة وهي في الحكم تصفية القضاة نزولا علي رغبة شعبية كانوا وراء الحشد لها وتصوير القضاة علي أنهم مفسدون .. وعقب الاطاحة بحكم الجماعة الارهابية اصبحت تقاريره أداة للتهديد والتشويه.. وهو ما ينال من هيبة الجهاز نفسه ودوره الرقابي الهام
واصل حنفي خلال التحقيق الرد على أسئلة النيابة بخصوص ادعاءات هشام جنينة وأكد أنه لم يتعرض لشخص رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.. بل انتقاداء وتوصيفا لما يقوم به بحكم منصبه.. مؤكدا أن هذه الفقرة الثانية تحديدا ثبت صحتها بعد ذلك.. ووردت بالنص في تقرير لجنة تقصي الحقائق التي جري تشكيلها بقرار من رئيس الجمهورية وكان من بين اعضائها المستشار هشام بدوي نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو ما يعني أن ما كتب لم يكن مجرد عبارات مرسلة أو اتهامات شخصية
.