هند كرم تكتب: عندما تتضخم" الإيغــو "وتهوي بسكان القلاع المُحصنة

مشهد 1 – داخلي /ليل

معالي وزير العدل بمكتبه في اجتماع عاجل مع كبار المسؤولين في الوزارة .

رنين هاتفه المحمول يقطع الاجتماع….

الوزير يرد على المكالمة متفاجئا : تمام ياافندم ، أيوة ياافندم … ماهو ياافندم بس …. اسمعني سيادتك يا باشمهندس … ياافندم ما الاعتذار حصل على كل القنوات والجرايد ودي كانت زلة لسان اتشالت من سياقها و ….. ياافنــددد ……. !!!

الوزير بعد أقل من دقيقتين من فشل مراوغاته وتعنته : (تمام ياافندم….. اللي تشوفه سيادتك)  !

معالي وزير العدل ينهي الاجتماع ويغادر مكتبه غاضبا متوترا منفعلا متوجها الى جهة غير معلومة ..

مشهد 2 – خارجي/ ليل

حالة من السخط والغضب والاشتعال على وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ردا على  تصريحات وزير العدل المسيئة للرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام في لقاء تلفزيوني  اعتبرها الرأي العام ذنبا لايُغتفر ولابد من رحيل الوزير ..

مشهد 3 – النهاية  

بيان صحفي صادر من مكتب رئيس مجلس الوزراء المصري يعلن إعفاء سعادة المستشار احمد الزند وزير العدل من منصبه  ./ تمــت /

….مشاهد تخيلية دراماتيكية هي أقرب للواقع تنقل مادار في اللحظات الاخيرة قبل إقالة الوزير الزند بعد مااعتبره هو “زلة لسان ” أطاحت بأسد القضاء المصري كما يصفه محبوه وأنصاره ومريدوه والمدافعون عنه ..

ماحدث في أزمة وزير العدل بالامس ليس إلا فصلا جديدا من فصول المعارك السياسية الدائرة رحاها على الساحة هذه الايام بضراوة والتي أطاحت برؤوس كان قد حان وقت قطافها منذ زمن بعيد ولكن لم تسقط ، بدات بالنائب توفيق عكاشة ، تلاه  وزير العدل احمد الزند بينما ينتظر دوره في موسم الربيع باستعلاء وتبجح كلٌ من النائب مرتضى منصور وولده أحمد ( الشركاء في البرلمان  !) ، وغيرهم كثيرون من الشخصيات الاعلامية والسياسية والاقتصادية والعامة ربما !..

فهل بهذا نفهم أننا الان نستعد لمرحلة مابعد إنفعال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطابه الاخير لنرى كيف يكون نفاذ صبرالرئيس على المتجاوزين والمتعجرفين ؟؟

ولو بالغنا في التفاؤل أكثر وتوقعنا ان القادم افضل وانها خطوة على طريق تطهير الدولة واعادة بنائها من تطهير بقايا الجحور من داخل قلاع الهيمنة المسكونة ، فلماذا ساد الصمت والانتظار طويلا الى حد القشة التي قسمت ظهر البعير ….

يخطيء من يتوهم أن الشعارات العامة والعريضة الرنانة كالغيرة والحمية الدينية أوتهديد الامن القومي هي المحرك الرئيسي وراء سقوط مثل هذه الشخصيات ,, فالمعارك الان خارج التصنيف وفوق مستوى التوقعات وحدها ” الايغــو ” أو هوس الأنـا المتعالية لدى هؤلاء الاشخاص هي الفرس الجامح الذي غالبا ماتكون كبوته قشة أو زلة لسان غير محسوبة!!

ولعل غياب العدل في القصاص والانتقائية في التطبيق الجاد للقانون على سكان قلاع الدولة العتيدة ، أتاح الفرص للشخصيات المتنفذه ان تـُغذي وتنمي نرجسية الايــغو المتاصلة لديها لتصل بهم الى هاوية الانتحار قبل أن تهوي بهم زلاتهم واخطاؤهم وعدم سيطرتهم كرجال للدولة على انفعالاتهم والتحكم في تصريحاتهم وتصرفاتهم ..

لن أتوقف كثيرا عند المتعاطفين ( كالعادة ) مع الوزير المـقال حتى وان وصل تعاطف البعض حد  ( رد الجميل أو احقاقا لحق يُراد به باطل ) واعني الاعلامي أحمد موسى وفضيلة الشيخ خالد الجندي وفضيلة الشيخ مظهر شاهين من المدافعين عن الوزير السابق ! ولكن الاهم  في رأيي هو التوقف عند تلكؤ الدولة في إنفاذ قانون المحاسبة على المسؤولين أولا بأول وكيفية إدارتها للازمة  وعدم ترك  ” الايغــو ” المستعرة لدى بعض اللامسؤولين واللا إعلاميين للنمو والتغول أكثر فأكثر في غياب تام لمعايير واضحة لدولة المؤسسات يعكسها باستمرار مشاهد عبثية وفوضوية غير متزنة غالبا ماتنتهي  بتدخل رئاسي حاسم وقاطع  ….

ولكن إلى متى التعويل على تدخل الرئاسة في الازمات ؟ هذا ماعنيته بالماضي المسكوت عن بعض شخصيات التأزيم السياسي والمجتمعي والذي هو كفيلٌ بكتابة نهاياتهم دون حاجة للبحث لهم عن مبررات للتخلص منهم وابعادهم عن الساحة … يكفي تحديهم الدائم والمعلن والفج للانصياع داخل منظومة العمل المؤسسي للدولة والالتزام بقوانينها بسبب التضخم النرجسي لذواتهم …

لاأحد فوق القانون ( عبارة جاءت على لسان الزند ولم تكن بـزلة) ؛ ولو كان يعلم قيمة هذه العبارة اوجدية تطبيقها لما اضطر للخطأ الغير محسوب أو رفض الشعب لاعتذاره و إرغام الرئاسة له على مغادرة عرينه عبر محادثة هاتفية لم تستغرق دقيقتين ./

الصفحة الرسمية للصحفية والكاتبة هند كرم من هنــا

اقرأ أيضًا:

هند كرم تكتب: “لو يعلم المتعاطفون إلى أي منقلبٍ ينقلبون ” 

هند كرم تكتب : “هل الانحياز للوطن وحده جريمة؟!” 

هند كرم تكتب : متى تنتهي فقرة البهلوان في البرلمان؟!

هند كرم تكتب : “عصير الإنتخابات” على “الحدث” ماسخ وبه سمُ قاتل‎

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا