محمد توفيق يكتب : متى تهتم نقابة الصحفيين بالصحافة؟

نقلاً عن “جريدة المقال”

رفع عدد من الزملاء الصحفيين لافتة يطالبون فيها الرئيس بالتدخل لحل أزماتهم، وإعادة صحفهم المتوفقة أو توزيعهم على الصحف القومية، وكان اللافت أن تلك اللافتة كانت تضم كل أنواع الأخطاء التى عرفتها اللغة العربية!

هذه هى الأزمة الحقيقة التى تواجه المهنة، فالصحافة فى منحى خطر، قد يؤدى إلى إنقراضها، ليس فقط بسبب السلطة التى لا تريد الصحف إلا إذا كانت تابعة، وليس بسبب رجال الأعمال الذين لا يرغبون فى رؤية الصحف إلا إذا كانت واجهة بل بسبب غياب الصنعة الدقيقة، المحترفة، المختلفة التى كانت أهم ما يميز الصحافة المصرية.

فقد خاضت نقابة الصحفيين سلسلة طويلة من المعارك على مدار تاريخها، وانتصرت فى المعارك الكبرى بوحدة الصف والموقف وإعلاء القيم والمبادئ.

ولعبت دورا كبيرا بين الصحافة والسياسة، وكانت سلالم النقابة خير شاهد على صمود جموع الصحفيين فى مواجهة السلطة بكل صورها، والاستبداد بكل أنواعه، ومازالت النقابة تحاول أن تكون خط الدفاع الأول عن تطلعات المصريين وطموحات الصحفيين.

فالنقابة منذ سنوات بعيدة لم تحاول تطوير أدواتها، وألا يكون ذهاب أعضائها للصحف مرتبطا بالانتخابات والأزمات، وألا يقتصر دورها على التضامن مع الزملاء؛ لنها لو قامت بدورها على النحو الأمثل ستتحسن الأحوال، وتتبدل الأوضاع، ولن يحتاج أعضاء النقابة إلى التضامن لأن الصحف لن تغلق أبوابها.

والسؤال: إذا لم تتحرك النقابة فمن؟ وإذا لم تتحرك الآن فمتى؟

والجواب: لا أحد يمكنه إنقاذ الصحافة إلا نقابة الصحفيين، ولا يمكن للنقابة أن تقوم بدورها إلا إذا امتلكت خيال مختلف، ورؤية إصلاحية شاملة، وواضحة، ومتطورة لتطوير المهنة، وألا تكتفى بالجمعيات العمومية بل عليها أن تقوم بعمل اجتماعات مكثفة مع ملاك الصحف ورؤساء التحرير وشيوخ المهنة وشباب الصحفيين للوصول للرؤية الأمثل لمواجهة الخطر الداهم الذى قد يؤدى إلى انقراض المهنة، وتطرح حلولا وأفكارا مختلفة ومدروسة لكيفية التكامل بين الصحف الورقية والرقمية لبقاء الاثنين معا باعتبارهما متكاملان وليسا متصارعان.

وهناك محاولات قام بها بعض الزملاء على اسحياء، لكنها لم تر النور لعدم وجود منهج فى التعامل مع تلك القضية التى يعتبرها البعض رفاهية، لكنها القضية التى إن لم تنتصر فيها النقابة فلن يكون لها وجود فى المستقبل؛ لأن صناعة الصحف الورقية فى طريقها للاندثار مع تراجع توزيعها، وتزايد خسائرها وعدم تحقيق أغلب الصحف الرقمية مكاسب مادية تضمن استمرراها.

لكن الأزمة أيضا أن البعض يخشى من طرح رؤية مختلفة تصدم الغالبية، فقد كنت أجلس مع اثنين من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين كلاهما اتفقا أن “بدل التكنولوجيا” (وهو بدل نقدى يحصل عليه الصحفى بمجرد انضمامه لعضوية النقابة) رغم أهميته البالغة إلا أنه يجب إعادة النظر إليه فبسببه لم يحصل شهداء الصحافة على عضوية النقابة!

فالنقابة –مع الأسف- صارت لا تعنى لأغلب الصحفيين إلا ثلاثة أشياء هى: البدل، ومشروع العلاج، واللجوء إليها فى حالة الفصل التعسفى، وهذا الثالوث طالما أنه لم يمس، فلا شئ يهم.

فقبل كل انتخابات لاختيار أعضاء مجلس النقابة يتبارى المرشحون فى إقناع زملائهم بانتخابهم، ويذهبون إليهم فى صحفهم، ويجلسون معهم على المقاهى ويتواصلون معهم تليفونيا، ويرسلون لهم عشرات الرسائل لتذكيرهم بموعد الانتخابات، وغالبا ما يعرض كل مرشح خدماته بعضهم يتحدث عن مشروع إسكان، وبعضهم يسعى لزيادة البدل النقدى، والبعض الآخر يعد بالوقوف مع زملائه فى أزماتهم مع صحفهم.

وكل هؤلاء مخلصون، لكن قد تغيب عن بعضهم البوصلة الحاكمة لما يجب فعله، فالمهنة الآن فى خطر ليس فى مصر وحدها بل فى العالم بأسره، لكن العالم المتقدم يدرس، ويفحص ويخطط، ويجرب أكثر من طريق ليصل لأهدافه، بينما نحن انشغالنا بالقضايا الجانبية وتركنا القضية الرئيسية وهى أن المهنة التى قد تنقرض، وفى أفضل الأحوال ستنحصر، وستحاصر ليس من السلطة وإنما من راس المال الذى يمكن فى لحظة أن يعلن انسحابه من تلك الصناعة ويتركها تغرق وحينها لن يجد أغلب الصحفيين قوت يومهم.
برغم هذا الوقت لم يفت، لكنه أيضا قد حان.

نرشح لك – محمد توفيق يكتب: كيف نجحت “التايمز”.. ولماذا فشلنا؟!

اقرأ أيضًا:

بالفيديو.. أول ظهور لمحرك شخصية آبلة فاهيتا

الشناوي: عادل إمام “مكسوف” من مهنة والده

مشاري العفاسي قريبًا في دويتو مع “فضل شاكر”

أول حصر لتبرعات السيسي لصندوق تحيا مصر

خالد الصاوي: لهذا السبب نادم على موقفي من قضية ميريهان حسين

المسيح يتكلم عبر واتس آب

فتاة تلجأ لمنى عراقي هربًا من تحرش الأب

بالصور: سارة سلامة حامل بدون زواج

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا