نقلًا عن جريدة “المقال”
منذ أن دخلت مهنة التعليق على مباريات كرة القدم إلى بلادنا منتصف القرن الماضي علي يد الراحل محمود بدر الدين، ونحن لم نر معلقا واحدا يلتزم بقواعد الحيادية المطلقة إلا ميمي الشربيني الذي جعلنا نحتار في تحديد ميوله التشجيعية رغم معرفتنا المسبقة بأنه أهلاوي الهوى والهوية.
الكابتن لطيف قال ذات مرة قبيل انطلاق إحدى لقاءات القطبين: (الأهلي على يمينك و إحنا على شمالك)، حسين مدكور كان يهتف على الهواء مباشرة: (الحمد لله.. الحمد لله) عندما يسجل الفريق الأحمر هدفا، أما علاء الحامولي فقد تلفظ أمام الميكروفون بكلمة استهجان خارجة – مشتقة من مصطلح أحيه الإسكندراني – حين دخلت إحدى الكرات السهلة شباك عادل المأمور حارس مرمى الزمالك الأسبق.
جيل الألفية الثالثة من المعلقين حاول جاهدا أن يتفادى الوقوع في فخ التحيز لناد معين حتى يضمن لنفسه مكانا ومكانة داخل القنوات الفضائية وفي قلوب الجماهير المصرية، لكن كثيرا منهم لم ينجح في ذلك بعد أن غلبته إنتماءاته الكروية فصار أقرب إلى مشجع الدرجة الثالثة المتعصب الذي لا يرى على أرض الملعب سوى محاسن فريقه و عيوب منافسيه.
أحمد الطيب هو النموذج الذي ضرب بعرض الحائط كل أصول المهنية وتجاوز أبسط حدود الحيادية، حين أظهر على الملأ تعاطفه الكامل مع الكيان الأبيض وتفنن في إبتكار التعبيرات الشعرية والعبارات البلاغية التي تتغنى بأفراده وتشيد بإنتصاراته، في حين أنه لم يفوت فرصة دون أن ينتقد لاعبي الفريق الأحمر، ويقلل من إمكاناتهم الفنية، بل وصل الأمر إلى درجة التلميح بأن السبب الحقيقي لتتويج الأهلي بالبطولات يرجع إلى مساعدة الحكام له!
جريدة “الفريق” نشرت أول من أمس حوارا مطولا مع المعلق المثير للجدل، تضمن مهاترات عديدة وردت على لسانه وعبرت عن شخصيته النرجسية ومغالطاته الفكرية التي أذكر منها:
أولا: (أنا لم أبتعد عن مصر خلال السنوات الماضية وكنت حاضرا في عديد من القنوات الحكومية و الخاصة) … الحقيقة أنه كان يعمل خارج البلاد لمدة 16 سنة، متنقلا بين محطات قطر وأبوظبي الرياضية، لكنه كان يأتي على فترات متباعدة حتى لا يفقد مكانه داخل قناة “نايل سبورت” التي رفضت الاستجابة لطلبه بالتعليق على لقاء القطبين الأخير، نظرا لتحيزه الواضح الفاضح.
ثانيا: (مش هأزغط كل واحد من الجماهير في بقه، و مش هأفرح بتصويتهم ليا لأنهم مش هيدخلوني الجنة) .. معلوم أنهم لن يدخلوك الجنة في الأخرة لكنهم قادرون على إلقائك داخل نار التجاهل في الدنيا بسبب تلك المقولة الغبية التي تبين قلة احترامك لقطاع كبير يمثل نسبة لا تقل عن 65% من متابعي المباريات الذين يملكون القدرة على حجبك عن كل الشاشات.
ثالثا: (هناك حملة موجهة ضدي، حتى جمال الغندور خرج يعترض على إنتقادي للحكام رغم أن كثيرون يفعلون ذلك دون أن يتعرض لهم أحد)… ما قلته عن حكم مواجهة الزمالك والإنتاج ليس نقدا بل هو اتهام مباشر له بارتكاب أخطاء متعمدة أدت لخسارة الأبيض، لذلك خرج رئيس اللجنة للرد علي تجاوزاتك و فضح أطماعك في إلقاء مزيد من المحاضرات على الحكام نظير أموال أكثر.
رابعا: ( أنا بأشجع الإسماعيلي ولست زملكاويا، أنا مش مطبلاتي لحد وليس هناك تربص مني بالأهلي).. هل تعتقد أننا سنصدق هذا الكلام المرسل الذي يتنافي تماما مع ما سمعناه منك خلال الفترة الماضية؟ راجع بنفسك تسجيلات المباريات التي قمت بالتعليق عليها مؤخرا كي تدرك معنا أنك بالفعل لا تنتمي لجماعة المطبلاتية بل تنتسب بجدارة لطائفة المداحين والمغنواتية.
خامسا: ( البعض يشير إلى أنني هاجمت أحمد حجازي لأنني عرضت عليه اللعب للزمالك فرفض، لكن الحقيقة أنني سعيت لإحترافه في إيطاليا).. هل أنت رئيس منطقة السويس لكرة القدم أم وكيل لاعبين أم معلق أم محاضر أم رجل أعمال؟ هذه التخصصات المتداخلة المتعارضة مع بعضها تذكرني بشخصية الباز أفندي ساقط التوجيهية الذي يشتغل وكيل أعمال وسمسار مراكب وقباني وبالعكس.
فوق يا طيب واتكسف على دمك.. الحيادية هي رأس مالك وعزوتك ولازم تكون همك!