رغم تعرضي خلال الأسابيع الماضية لاضطهاد إعلامي كبير في عملي بأخبار التليفزيون، حظيت بشرف اختياري ضمن اللجنة الوطنية للتشريعات الإعلامية وهي اللجنة المستقلة التي رفضت تدخل الحكومة في صياغة قوانين المهنة، وبدأنا بالفعل العمل لكتابة مشروعات القوانين المنظمة للإعلام طبقا لمواد الدستور الضامنة للحريات والمؤسسة للمجالس والهيئات المزمع تشكيلها، والجميل أن اللجنة تزخر بالعديد من الشخصيات الإعلامية الراقية التي ما زالت تحتفظ بمباديء وأصول وقواعد الرسالة الإعلامية.
وخلال هذه الفترة التي تصادف مشاركتي في هذه “اللجنة الأمل” لاقاذ الصحافة والإعلام، ومنذ يناير الماضي أعمل على الانتهاء من كتابي الأول عن الإعلام والذي أسميته “الإعلام مأساة مصرية وتجارب دولية”، وخلال هذا الكتاب احاول تشخيص الحالة الإعلامية المصرية من خلال امثلة عملية لحالات تعايشت وتعاملت معها خلال السنوات العشر الأخيرة، كما اقدم نماذج لبعض الدول التي انتقلت بإعلامها من المراحل الدكتاتورية الى المراحل الديمقراطية وهنا احاول تقديم ملخص لعدد من النقاط اسعى جاهدا لتحقيقها في مشروعات القوانين المترجمة لمواد الدستور والمؤسسة للمجالس والهيئات المنظمة للعمل الاعلامي والصحفي.
عشر نقاط اتفقت جميع التجارب على وجوب توافرها وسبقتنا العديد من الدول بتضمينها لمواد القانون الحاكمة للمجتمع الاعلامي ورغم انها بديهية لكن عملية اقرارها لن تكون سهلة وتواجه صعوبات جمه لكن علينا ان نخوض شرف المحاولة لانقاذ الاعلام وانقاذ الوطن من المخاطر الاعلامية والتلوث السمعي والبصري الذي يطلق على هذا الشعب المسكين..
القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد لوعي الشعب المصري وتغييب العقول بفعل ما يسمى مجازا بالاعلام مستمر على قدم وساق ولا يخفى على أي إعلامي مبتديء كم الأكاذيب والتضليل اليومي في اغلب القنوات والصحف والاذاعات والمواقع مما دفع الكثير من الشعب للهروب الى برامج التسلية والافلام، وعزف قطاع عريض ممن اهتموا بالسياسة والمعرفة عقب ثورة 25 يناير الى العودة للانقطاع عن كل ما هو سياسي من جديد.
اذا اردتم إنقاذ الإعلام طبقوا هذه المباديء العشر لضمان الحرية والاستقلال وتحقيق التنوع والتعددية ومنع الاحتكار في مشروعات قوانين الإعلام.
1-يجب الا تلعب اي سلطة تنفيذية بالدولة دورا في شئون الإعلام أو صياغة القوانين او تعيين اي عضو بالمجالس او الهيئات المنظمة للصحافة والاعلام.
2- التأكيد على دور البرلمان في اختيار وتعيين المجالس والهيئات الإعلامية مع تجنب السيطرة الحزبية بمشاركة المجتمع المدني في اختيار وتعيين المسئولين عن الإعلام.
3-تُساءل المجالس والهيئات الإعلامية أمام البرلمان فقط والرأي العام ولا تُساءل أمام اي هيئة او سلطة تنفيذية.
4-في عملية الضبط الذاتي لا بد من النص على تشكيل لجنة لشكاوى المواطنين تشكل من متخصصين وبعض الشخصيات العامة وترفع هذه اللجنة تقاريرها الى البرلمان وتنشر تقاريرها للرأي العام وتتعاون مع النقابات المعنية في فرض العقوبات على المخالفين.
5-تشكل لجنة ضمن المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام المزمع تأسيسه لتلقي شكاوى الصحفيين والاعلاميين وذلك لحماية وضمان الحريات الصحفية والاعلامية ومتابعة ابعاد السلطة ورأس المال عن التدخل في العمل الصحفي والاعلامي.
6- يجب ان يتضمن القانون مادة خاصة بإلزام السلطة التنفيذية بجميع مؤسساستها بحرية تداول المعلومات وتدفقها لارتباطها الوثيق بجودة الأداء الإعلامي.
7-النص على منع الإحتكار ووضع نسبة محددة للملكية الخاصة لوسائل الإعلام مع التدرج في التخلص من الوضع الاحتكاري الراهن خلال فترة زمنية محددة.
8-لا بد ان يتضمن القانون تأسيس لجنة او محكمة خاصة للعقوبات الإعلامية لكل من يتجاوز القانون والقواعد الإعلامية على ان تطبق العقوبات بما لا يمس حرية الرأي والتعبير أو المنع والحجب الا في الحالات التي ينص عليها القانون.
9- يختص المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام المزمع تشكيله طبقا للمادة 211 في الدستور بمنح الترددات الاذاعية وشارات البث وهو ما يضمن التنوع والتعددية الإعلامية.
10-أساس اختيار رؤساء المجالس والهيئات التمتع بالشخصية القوية المستقلة التي لا ترضخ لأي ضغوط من أي سلطة للحفاظ على استقلالية الهيئة او المجلس.
ومن هنا أتعهد امام الجميع ان هذه المباديء هي الحاكمة لعملي في هذه اللجنة ودستور عمل لن احيد عنه او اقبل بتحريفه لتحقيق ما ضحى من اجله شهداء الثورة بإنجاز مجتمع ديمقراطي احد قواعده الاساسية الاعلام المهني الشريف الذي يسعى جاهدا خلف حق المواطن في المعرفة.