ربما لم يكن وقف برنامج “ذا كوين”، الذي تقدمه الفنانة الإماراتية أحلام مفاجئا للكثيرين، فالبرنامج القائم على محبي أحلام الراغبين في لقائها والتقرب منها، لم يكن يصلح للعرض على الشاشة بهذه الطريقة، ليس فقط لمخالفته الأعراف الإعلامية التي تمنع الإساءة للضيوف واستغلال عشقهم للملكة، لتصويرهم وكأنهم عبيد يسعون لدخول البلاط السلطاني، ولكن لأن شاشة “دبي” من القنوات المحافظة عربيًا، فهي القناة التي تقوم بحذف بعض المشاهد الغرامية من الأفلام المصرية عندما يتعلق بالقبلات والمشاهد الحميمة، ويتابعها جمهور رغم انفتاحه في بلاده على ثقافات واسعة إلا أنه متحفظ ويرفض خرق العادات والتقاليد ويعتز بإنسايته وكرامته، ومن الطبيعي أن لا يقبل مشاهدة ممارسات سادية على شاشته.
تُعرّف السادية علميًا بأنها الحصول على اللذة والمتعة بتعذيب الآخرين، وهو ما حدث في حالة “ذا كوين”، فالملكة هنا لا تجد لذة سوى في الاستمتاع بتعذيب محبيها، ومشاهدة نظرات الرعب والخوف في أعينهم، وترسل لهم حارسها الشخصي، الشاب الإفريقي أسمر البشرة حاد الملامح والذي يزيد وجوده بينهم حالة من الرعب قبل أن يصطحبهم إلى أسفل المكان المتواجدين فيه، ويقوم بتغطية أعينهم وإدخالهم غرفة التحقيق للحصول على اعترافاتهم، وتهمتهم الرغبة في لقاء الملكة.
صحيح أن أحلام قالت لمساعدها أن يخفف من أسلوبه العنيف بعد دخول أول مشتركة، لكنها عادت وطلبت منه أن يتعامل بالطريقة التي يراها مناسبة، فهي لم تستطع إخفاء لذتها ومتعتها التي أظهرتها الكاميرات في ابتسامتها طوال وقت خضوع المشترك للتحقيق خاصة عندما يصاب بالرعب، فكيف تقبل أن يتم ذلك في الجمهور الذي صنع نجوميتها وجعل حياتها تتبدل من الفقر إلى الثراء الفاحش، وأدخلها قصور الأميرات وجعلها المطربة الأغلى بمنطقة الخليج في الأعراس؟
ألم تفكر أحلام في تداعيات أسلوبها بالبرنامج على نجوميتها وشهرتها وعلاقاتها مع الجمهور؟ فهي تفضل دائما لقب الملكة وأن تجعل جمهورها “الحلوميين” – كما تسميهم – في موضع سخرية من جمهور باقي الفنانين، فلا يذكر التاريخ أن فنانا أهان جمهوره بهذه الطريقة وجلس يبتسم، لكن يبدو أن عدم محاسبتها عن أخطائها السابقة وإهانتها لبعض المعارضين لها بشتائم من خلال حسابها على تويتر، جعلها تتمادي في غرورها حتى وصلت إلى أقصى درجات الشدة في التعامل مع جمهورها.
هل فكرت أحلام أن تضع نفسها بنفس الموقف، مواطنة إماراتية ثرية تشترك في برنامج لمقابلة مطربتها المفضلة ومطربة مصر الأولى أنغام، هل كانت ستوافق على التعامل معها بهذه الطريقة المهينة، وأن يتم وضعها معصوبة العينين لمجرد رؤيتها عن قرب ومعرفتها شخصيًا؟، هل كانت ستوافق أم أن كرامتها ستمنعها من ذلك، خاصة وأن الموقف مصوّر بالصوت والصورة؟
فكرة “ّذا كوين” ليست سيئة، لكن كان يمكن تنفيذ فقراتها بأسلوب أفضل، يجعل من البرنامج وجهة لالتقاء محبي أحلام، وفرصة للفنانة الإماراتية التي لم تقدم مؤخراً أي اغاني ناجحة في العودة لتويتر، لاسيما بعد تأجيل عرض برنامج “أراب إيدول” إلى نهاية العام الجاري واختفائها من الساحة الفنية خلال الشهور الماضية، لكن غرور أحلام وساديتها جعلت البرنامج يدق مسمارا جديدا في نعش نجوميتها، فهل يمكن أن تتجاوز ويغفر لها جمهورها خطيئتها؟
اقرأ أيضًا: