سما جابر
دائما ما نسمع ونستمتع بالأغاني دون محاولة لمعرفة كواليس الأغنية التي خرجت للنور وأبدينا إعجابنا بها وأصبحت علامة وذكرى مميزة في أحداث حياتنا، أغنيات كثيرة تمر علينا مرور الكرام بالرغم من أن كواليس صناعة بعض من هذه الأغنيات تصلح أن تتحول لقصة درامية.
في كتاب “كل العواطف” للناقد والمؤرخ الفني مؤمن المحمدي، قدم “المحمدي” مائة حكاية لمائة أغنية سواء من الفلكلور أو الأغاني الشعبية والتي ارتبط بها المصريون، بعض الأحداث من الممكن أن تكون متداولة ومعروفة، لكن هناك عدد من “الحكاوي” غير المتوقعة والتي بمجرد قراءتها تجعلك تقول “يااااه”، ويرصدها إعلام.أورج في هذا التقرير.
1- سالمة يا سلامة: أصل الغنوة يعود للفترة التي كانت فيها الدعارة قانونية، فأي امرأة تعمل في هذا المجال كان يتم اجراء الكشف الطبي عليها واستخراج رخصة لمزاولة المهنة، والفتيات اللواتي كن يخرجن من الاختبار بصحة جيدة ويحصلن على تراخيص، كن يغنين أغنية “سالمة يا سلامة رحنا وجينا بالسلامة”، ومن هنا أخذها الراحل سيد درويش وقام بمعالجتها، وفيما بعد غناها عدد كبير من المطربين أبرزهم داليدا.
2- يا ليلة العيد: من كلمات أحمد رامي وتلحين رياض السنباطي وقامت أم كلثوم بغنائها في فيلم “دنانير” لكن تم حذفها من الفيلم لأنها بالعامية، كذلك تم تغيير الكوبليه الأخير أكثر من مرة، ففي الفيلم كانت تغنيها دنانير لهارون الرشيد، وبعد حذفها من الفيلم تم تغيير المقطع وإضافة اسم الملك فاروق، وعند سفر أم كلثوم للعراق في إحدى الحفلات، تم تبديل اسم الملك فاروق باسم الملك فيصل، وبعد إلغاء الملكية استقرت على كلمة “النيل” بدلا من وضع اسم أحد الرؤساء، ليصبح المقطع “تعيش يا نيل وتتهنى ونحيي لك ليالي العيد”.
3- على الحلوة والمرة: صنعها اثنان ليس لهم علاقة بالفن في بدايتهم، ورغم ذلك حققت نجاحا كبيرا، فقام بكتابتها سيد مرسي “مكوجي” وقام بتلحينها وغنائها عبدالغني السيد “ستورجي” والذي قام بتدريبه زكي مراد والد الفنانة ليلى مراد، إلى أن جاءت فرصته الحقيقية للغناء أمام منيرة المهدية بعد اعتذر الموسيقار محمد عبدالوهاب عن تقديم المسرحية أمامها.
4- رمضان جانا: تسببت ضائقة مالية مّر بها الفنان محمد عبدالمطلب، أن يطلب من الإذاعة المصرية أن يقوم بغناء أي أغنية هناك، فقالوا له أنه من الممكن أن يغني أغنية لشهر رمضان، وبالفعل قدم أغنية رمضان جانا التي حققت نجاحًا غير متوقع، وانتشرت بشكل كبير منذ إذاعتها وحتى الآن.
5- ليه خلتني أحبك: لم تقم الفنانة ليلى مراد بتسجيلها للإذاعة بسبب اعتراض لجنة النصوص المكونة من صلاح عبد الصبور وأحمد رامي، على بعض كلمات الغنوة وهي “فين تهرب من ذنبك، روح منك لله”، وجملة “أدعيلك بأمانة”، فالاعتراض كان على كلمة “بأمانة” دون إعطاء أي تفسير لذلك، فرفضت “مراد” تعديل الأغنية وتسجيلها للإذاعة، وهي من ألحان كمال الطويل وكلمات مأمون الشناوي، وبعد ثلاث سنوات قامت الفنانة نجاة الصغيرة بتسجيها بعد التعديل، ليصبح المقطع “فين أهرب من حبك، وأدعيلك أه يانا”.
6- زينة زينة: بعدما أخرج يوسف شاهين فيلم “إنت حبيبي” لفريد الأطرش وشادية، وذهب “شاهين” لفريد ليسلم له نسخة الفيلم، فانفعل عليه الأطرش لأن خام الفيلم كان 19 كيلو جراما فقط!، فطلب من “شاهين” أن يجعل خام الفيلم يصل إلى 22 كيلو جراما، لأنه دعا الملك حسين لحضور افتتاح الفيلم، ومن غير الطبيعي أن يخرج فيلم لفريد الأطرش أقل من 22 كيلو جراما، وبعد مناوشات بينهما، سأله شاهين على اسم والدة الملك حسين، فأجابه “الأطرش” بأن اسمها “زين”، فقرر شاهين أن يتم كتابة أغنية “زينة زينة” وإضافتها للفيلم ليصبح الخام 22 كيلوجراما فعلا.
7- أنا والعذاب وهواك: قصص الحب كانت وراء الأغنية التي غناها الموسيقار محمد عبد الوهاب، وذلك بعد محاولات فاشلة من التقرب إلى الإذاعية فضيلة توفيق “أبلة فضيلة”، والتي طلبها للزواج ولم توافق هي وأسرتها، فاجتمع مع صديقه مؤلف الأغنية، عبد المنعم السباعي الذي كان يحب الفنانة مديحة يسري وقتها أيضًا، فخرجت الأغنية بهذا الشكل في بداية الستينات.
8- ما تزوقيني يا ماما: احتياج الشاعر عبدالرحمن الخميسي والملحن بليغ حمدي للمال جعلهما يذهبان للإذاعة، ليقنعهم “الخميسي” أنه قرر كتابة أغاني، وبالفعل حصل على عربون للأغنية التي سيقدمها لهم، ثم خرج الإثنان من الإذاعة وذهبا للفنانة مها صبري، وأكد لها “الخميسي” أنه سيكتب لها أغنية “تكسر الدنيا” فاقتنعت مها صبري وبالفعل حصل منها على عربون أخر، لكنها طلبت منه أن تستمع لكلمات الغنوة، فطلب منها الخميسي أن تُنهي وصلة الغناء الخاصة بها، وبالفعل قام بتأليف الغنوة في هذا الوقت، لتصبح الغنوة هي أهم حدث فني في تاريخ مها صبري.
9- وطني الأكبر: النسخة الأولى من الأوبريت الشهير لم تكن النسخة النهائية التي ظهر بها الأوبريت، فكانت الفنانة الراحلة هدى سلطان ضمن فريق عمل الأوبريت، لكنها انسحبت لأنها لم تشعر بالتقدير المناسب لها، فكانت الفنانة فايدة كامل هي البديل بعد انسحابها، ولأن الأوبريت كان يضم نجوم بلاد المشرق العربي ولا يضم أي نجم من المغرب العربي فاستعانوا بوردة الجزائرية وقاموا بكتابة كوبليه لها وتم تصوير الأوبريت ليظهر بتلك النتيجة، كما تم إلغاء موالا كان من المفترض أن يغنيه عبدالحليم حافظ قبل الكوبليه الأخير، حتى لا يكون صاحب النصيب الأكبر من الأوبريت.
10- بسبوسة: هي من تأليف محمد عبدالوهاب، وكان من المفترض أن تغنيها الفنانة شادية في فيلمها “زقاق المدق”، ولكن بعد تصوير الفيلم كان من المفترض حذف أغنية من الأغنيتين الموجودتين في الفيلم، فاختارت شادية حذف أغنية بسبوسة لعبدالوهاب وغنائها خارج الفيلم، مما تسبب ذلك في غضب عبدالوهاب، رافضًا إذاعة الغنوة في الإذاعة إلا بعد عامين، وبعد 25 سنة أخرى، أهدى الأغنية لمطربة جديدة وقتها وهي أنغام.
11- شفت الحليوة راكبة تاكسي: سمير غانم، عادل نصيف، وحيد سيف، هؤلاء هم أعضاء فرقة ثلاثي أضواء المسرح الأساسيين في بدايتها، ولكن خرج وحيد سيف وانضم جورج سيدهم، ثم خرج عادل نصيف وانضم الراحل الضيف أحمد، ومن أسباب خروج وحيد سيف من الفرقة، اتفاقه على الحفلات والأجر وما إلى ذلك، فكان يتفق مع باقي الفرقة على أجر معين، ليكتشفوا بعد ذلك أنه يتقاضى أكثر من ذلك، لكنهم لم يغضبوا، بل شعروا أن قيمتهم الفنية كبيرة، ومن أشهر أعمالهم اسكتشات فيلم 30 يوم في السجن، خاصة اسكتش “شفت الحليوة”، الذي تشابهت ألحانه مع ألحان أغنية أمل حياتي لأم كلثوم، لدرجة جعلت البعض يظنون أن لحن الاسكتش مأخوذ من غنوة أم كلثوم، لكن ما حدث هو العكس، فمعظم أغنيات الثلاثي كان مأخوذة من ألحان عالمية، وهو ما فعله عبدالوهاب مع أغنية أمل حياتي، حيث كانت مأخوذة أيضا من ألحان عالمية.
12- سألوني الناس: غنتها الفنانة الكبيرة فيروز ضمن أحداث مسرحية “المحطة”، وكانت إهداء منها لزوجها عاصي الرحباني بعد مروره بوعكة صحية ودخوله المستشفى، وابتعاده عن تقديم دوره في المسرحية لفترة، فكانت تلك هي المرة الأولى التي لم يظهرا فيها سويًا منذ بدايتهما، وقام بتلحين الغنوة ابنهما زياد الرحباني، وأضافوا الغنوة ضمن أحداث المسرحية، لكن بعد خروج عاصي الرحباني من المستشفى عاود مواصلة عمله بالمسرح، وكان أول قرار اتخذه حذف الأغنية من أحداث المسرحية باعتبارها نوع من أنواع التجارة بمرضه، لكن الجمهور كان دائمًا ما يطلب بنفسه الأغنية، فقرر اعادتها للأحداث مرة أخرى.
13- الله أكبر بسم الله: بعد إعلان النصر في في حرب أكتوبر، قرر بليغ حمدي أن يسجل أغنية تعبر عن النصر، وبالفعل ذهب للإذاعة ودخل إحدى الاستوديوهات بعد معاناة وتهديدات له، ورفض دخوله للإذاعة في بادئ الأمر، وبعدما قام بتلحين الأغنية وجد نفسه في مأزق، فلم يجد مطربا أو كورالا ليقوموا بغناء الغنوة، فجمع العاملين بالمبنى وأفراد الأمن والسكرتارية واختار من بينهم 15 شخصا دربهم على الأغنية وبالفعل قاموا بتسجيلها، لتخرج لنا بصوت المصريين وليس بصوت كورال محترف.
14- الباقي هو الشعب: من كلمات سيد حجاب وألحان كمال الطويل، والأغنية في البداية كانت من نصيب عبدالحليم حافظ، لكنه رفض تسجيلها في أخر لحظة بحجة أن “حجاب” شيوعي، فقرر رفض الأغنية مطلقًا، مما جعل “الطويل” يختار عفاف راضي لتقوم بالغناء.
15- طيب يا صبر طيب: الأغنية قام بغنائها القدير عبدالمنعم مدبولي ضمن أحداث فيم “مولد يا دنيا” وهي من كلمات مرسي جميل عزيز وألحان كمال الطويل وتوزيع عمار الشريعي الذي قام في نصف اللحن بعمل مساحة ارتجالات على الأورج، وعندما سمعها مخرج الفيلم حسين كمال قرر إعطاء حرية الحركة لعبدالمنعم مدبولي، فارتجل مدبولي الرقصة التي ظهرت في الفيلم.
16- يالا بينا- في السكة: كانت الأغنيتان من أوائل الأغاني التي قدمها محمد فؤاد في بداياته، واشتهر بهما، لكنهما مأخوذتين من أغنيات لمطرب مغمور وقتها وكان يغني بالجامعات فقط واسمه مسعد رضوان، لكن فؤاد اختارهما ليكونا ضمن أول ألبوماته.
17- الشيكولاتة: استاء الراحل عمار الشريعي من تجاهله كموزع وملحن في مسلسل “هو وهي” وإعطاء الاهتمام لكمال الطويل فقط، فقرر أخذ لحن أغنية “الشيكولاتة” واعطائها للفنانة فاطمة عيد، وحققت نجاحًا كبيرًا وقتها وارتبطت بها أكثر من سعاد حسني.
18- كل البنات بتحبك: جاءت الأغنية التي حققت نجاحا كبيرا وقتها للمطرب حسام حسني بالصدفة، فكان كل من حسام حسني ومحمد محيي والشاعر عنتر هلال أصدقاء مقربين، وكانوا سهارى في أحد الأيام، فقرروا أن يمازحوا “هلال” فطلبوا منه أن يؤلف أغنية ليتركوه يذهب للنوم، وقام “هلال” فعلًا بتأليف “لولاش قلبي ما يوعاش طول عمره أهو عاش عيشة الروقان”، وقام حسام حسني بغناء الغنوة وحققت نجاحا كبيرا دون الاهتمام بمؤلفها، فبعد كل إشادة بالأغنية كان “هلال” يقول لـ”حسام”: “يا بختك يا عم مانت كل البنات بتحبك”، فطلب منه “حسني” أن يكتبها له غنوة وبالفعل كتب له “كل البنات بتحبك”.
19- أنا حبيت: غناها محمد محيي في بداياته، وهي من كلمات سيد تمام وعنتر هلال، وكان محيي قد سمع اللحن في مكان ما وأعجب به واستعان به لتقديم الغنوة باعتباره لحن فلكلور، لكن اتضح بعد ذلك أن اللحن خاص بالفنان سعيد صالح والأغنية التي غناها في مسرحية “كعبلون”، وبعد اعتراض سعيد صالح لضياع حقوقه الفنية في لحن الغنوة، تم حل المشكلة فيما بعد، وتم وضع اسمه على لحن الأغنية في الطبعة الثانية من الألبوم.
20- بتونس بيك: تعرضت الأغنية للتأجيل قليلا بسبب اعتذار عمار الشريعي عن تلحين الأغنية لانشغاله بتلحين تترات المسلسلات، وبعدها طلب مدير أعمال الفنانة وردة وشقيقها، مسعود، من عمر بطيشة، أن يجعل “الشرنوبي” يتصل بوردة – قاصدًا فاروق الشرنوبي -، أما “بطيشة” فكان يقصد صلاح الشرنوبي صديقه، وبالفعل قام صلاح الشرنوبي بالتواصل مع وردة وتلحين الغنوة التي تسببت في نجاحه وشهرته، أما فاروق الشرنوبي وعمار الشريعي فاستاءوا مما قام به بطيشة.
21- قولوا لعين الشمس ما تحماشي: ظهرت الغنوة بسبب الحكم بالإعدام على إبراهيم ناصف الورداني قاتل بطرس غالي، وغنتها نعيمة شخلع إحدى اسطوات شارع عماد الدين، وبعدها بـ56 عامًا ظهرت نسخة جديدة من الأغنية قامت بغنائها شادية من كلمات مجدي نجيب وألحان بليغ حمدي، وبعد نكسة 1967، مرت الأغنية بأزمة جعلت المصريين يفقدوا حماسهم تجاهها، حيث أذاعتها الإذاعة الإسرائيلية بصوت مطربة إسرائيلية بعد تغيير الكلمات.
22- يا ناس أنا مت في حبي: كان سيد درويش على علاقة بسيدتان في وقت واحد، “فردوس، ورضوان”، فطلبت منه فردوس في إحدى المرات أن يقطع علاقته برضوان ويثبت لها ذلك، وبالفعل قدم لها تلك الغنوة التي تنتهي بمقطع “قالولي أهي جنة رضوان واخترت أنا جنة فردوس”.
.