(نقلا عن جريدة المقال)
الرئيس عبد الفتاح السيسي أدى صلاة الجمعة الماضية في المنطقة الشمالية العسكرية، وعقب الصلاة التقى بالقادة العسكريين والضباط والجنود بحضور وزير الدفاع.
رئاسة الجمهورية أصدرت بيانا حول تلك الزيارة جاء فيه أن الرئيس ألقى كلمة أشاد فيها بالدور الوطني الذي تقوم به القوات المسلحة لحماية الدولة المصرية وحفظ أمنها وسلامتها، وأعرب عن اعتزازه بالدور الذي تقوم به القوات المسلحة في دفع عملية التنمية الشاملة بالتعاون والتنسيق مع جميع أجهزة ومؤسسات الدولة، مؤكداً على ضرورة بذل المزيد من الجهد والعمل نظراً لما تتطلبه المرحلة الراهنة من تضافر لجهود جميع الجهات بالدولة.
ونوّه الرئيس إلى أن ما تقدمه مؤسسات الدولة في المرحلة الراهنة، وفي مقدمتها القوات المسلحة، يُعد محلاً للتقدير والاحترام من الجميع، لافتاً إلى أن القوات المسلحة تمثل ذراعا قوية تدعم جميع مؤسسات الدولة بغية تعظيم الاستفادة من الامكانيات المتاحة لدفع عجلة التنمية.
وما استوقفني في كلام الرئيس هنا هو أنه تحدث عن مؤسسات أخرى تشارك القوات المسلحة في عملية التنمية وخاصة تدشين المشروعات القومية الكبرى وتطوير العشوائيات وغيرها من المجالات المهمة لدفع عجلة التنمية.
وسبب التوقف عند هذه النقطة هو أننا نشعر كما لو كان الرئيس يتحدث عن مؤسسات وهمية أو مؤسسات ترتدي “طاقية الإخفاء” وتتعاون مع القوات المسلحة في السر وتخشى أن يراها أحد أو يضبطها متلبسة بتعمير الوطن.
فكل المشروعات التي يتم افتتاحها تقريبا تكون من الألف إلى الياء من تفكير الرئيس وتنفيذ القوات المسلحة بل وبإشرافها على كل كبيرة وصغيرة في تلك المشروعات.
فقد وصل الحال أن رئيس الحكومة لا يستطيع أن يشرح المشروعات التي يحضر افتتاحها مع الرئيس، بينما ضابط صغير في الهيئة الهندسية للقوات المسلحة يكون ملما بكل تفاصيل هذه المشروعات.
فمشروع قناة السويس نفذته وأشرفت عليه القوات المسلحة ومشروع جبل الجلالة كذلك من تنفيذ القوات المسلحة ومشروع المليون ونصف المليون فدان وشرق التفريعة ببورسعيد وغيرهم الكثير كله من تنفيذ وإشراف القوات المسلحة.
إذن فحينما يتحدث الرئيس عن مؤسسات أخرى تشارك القوات المسلحة في هذه المشروعات أو في عملية التنمية فلابد أن يفصح لنا عن تلك المؤسسات لأننا لا نلمس أو نرى أي دور في عملية التنمية فعلا إلا للقوات المسلحة.
فقد وصل بنا الحال أن القوات المسلحة هي التي تتدخل لإطفاء الحرائق أو إنقاذ ضحايا العقارات المنهارة أو حل أزمة الأمطار والسيول وكذلك وصل الأمر لدرجة أن القوات المسلحة هي التي تتدخل لضبط الأسعار في السوق وتوفر السلع واللحوم بأسعار منخفضة للقضاء على جشع التجار.
لقد تحولت الحكومة ورئيسها إلى مجرد ضيف شرف على هذا الوطن، وحقيقة لا أعلم ما الداعي لوجودها أصلا ولا ما الداعي لأن تعرض برنامجا على البرلمان ولا ما الداعي لكل هذه الدوشة من الأساس؟
فالواقع يقول إن القوات المسلحة هي التي تقوم بكل شيء ينتظره أو يتمناه المواطن من الحكومة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه الحكومة لم ولن تقدر على القيام بأي شيء ولم تتعود على الإنجاز أصلا.
وفي الحقيقة فإنني لا ألوم القوات المسلحة على القيام بكل هذا بل هو محل تقدير كبير، ولكن أرى أن الحكومة أصبحت عبئا على هذا الوطن بل أصبحت عبئا على القوات المسلحة نفسها، نعم فلو كانت الحكومة قادرة أو ستقدر على القيام بكل هذه المهام لتفرغت القوات المسلحة للدور الأهم والأكبر والمطلوب في هذه اللحظة الفارقة وهو التدريب والتسلح والتجهيز للدفاع عن الوطن ضد ما يحدق به من أخطار كبرى.