على العكس تماما..
الدكتور المخزنجي رجل كان يرفض أن يذهب مع المثقفين إلى مثل هذه اللقاءات الرئاسية، وهو لديه كل الحق فى ذلك، لأنه يعرف أن “الثرثرة” و”الكلام في الفاضي وعلى الفاضي” سمة أساسية في مثقفي مصر بلا منازع، لكنه ذهب هذه المرة.. وهو حر تماما أيضا، كما لم يذهب آخرون وهم أحرار مثله. ذهب العازف عن كل شيء أملا فى أن يجد وقتا ليقول 5 نقاط فندها في مقاله بالمصري اليوم، وهى نقاط جيدة للغاية ولا أعرف شخصا يريد “دولة مدنية ديمقراطية حديثة”، إلا ويجب أن تكون هذه النقاط في باله ووعيه بل وأهم أهدافه، فالمخزجي يريد:
*اقتصادا فعالا، وقبله استقرار أمنى، ودولة يسودها العدل لا يحبس فيها الأطفال، ولا يتسلط فيها البعض على المختلفين بقوانين الحسبة.. هل نهاجمه لأننا لا نريد الأمن والعدل والمساوة، ونريد أن يحبس آخرين مثل بحيري وناجي وأطفال المنيا؟.. ما الخطأ في ما قاله المخزنجي هنا؟
*هو بالأساس وإن لم يقل هذا بشكل مباشر، في رأيي يرفض مشروعات إصلاح الصحراء بالمياه الجوفية ربما “مشروع المليون ونصف المليون فدان”، وأن توجه الزراعة إلى الساحل الشمالى اعتمادا على الأمطار الشتوية، ويلخص “ثمة ما يؤكد أنه يمكن أن يغنى حتى أفقر فقرائنا بالبروتينات زهيدة السعر”، ما الخطأ في هذا؟
*لا يريد من الدولة أن تظل تبني مساكن جديدة كما تفعل الآن، وهناك “مدن أشباح بها مئات الآلاف من الوحدات السكنية المهجورة، ويقول: “لا أرى ضرورة لإنشاء مدنا جديدة كمدينة للأثاث -على سبيل المثال- في دمياط، بينما دمياط هي مدينة أثاث قائمة بالفعل”.. ما الخطأ في هذا؟
*يريد العمل على موضوع الطاقة الشمسية، وموقفه من موضوع النووي معروف ومنشور من سنوات، أي إنه بالأساس يرفض مشروعات للرئيس نفسه.. ما الخطأ في هذا؟
*النقطة الأخيرة كافية وناجزة لكل ما يمكن أن يقال في قضية التجديد الديني التي يتحدث فيها الجميع بما فيهم الرئيس السيسي دون أن يفعلوا شيئا، “بدلا من خفة الحديث في تجديد الخطاب الديني بمئة ألف «تابلت» في الكتاتيب العصرية كما يبشرنا وزير الأوقاف، أو مقارعة شيوخنا الكبار لأوروبا بحقيقة إسلامنا الذي ينبذ العنف.. لماذا لا يضطلع الأزهر ووزارة الأوقاف بتفنيد جاد لأخطر كتاب يمثل أداة تجنيد منتسبي «داعش» ودليل تكتيك واستراتيجية حروبها التكفيرية الدموية، كتاب «إدارة التوحش» المنسوب لمؤلفه اللغز «أبوبكر ناجي» والمتاح على 25 ألف رابط على الشبكة العنكبوتية؟”.
أى أنه يرفض كل ما تفعله مصر في قضية تجديد الخطاب الديني، لأنها لا تفعل شيئا حقيقيا يمكن أن نستند إليه في محاربة الإرهاب فعلا.. فما الخطأ في هذا؟
صحيح، لا أعرف من الذي يخاطبه المخزنجي تحديدا في مقاله حين يقول: “فما من واحد ممن يلهجون على كل منبر وفي كل زاوية أو برواز بهذا الشعار النبيل، توقف بجملة لينعى إهدار حقوق إنسانية هؤلاء الجنود البسطاء الذين لم يتجاوز معظمهم العشرين”، لكن هو رأيه وإن كان يرى أن هناك تقصيرا في التعامل مع هذا الملف فله الحق في ذلك، ولنا أن نرى غير ما يرى، لا أن ندينه ليل نهار، ويصبح هذا الرجل بكل ما يحمل من “حق وجمال” فجأة “تابعا” أو مهادنا لنظام أنتم تعارضونه، وكأن النظام –الذى لا أرضى عنه شخصيا في كثير بل وكثير جدا من الأمور- صهيونى يجب أن يحتقره الجميع وإلا فنحن لهم بالمرصاد، يجب أن يكون رأي المخزنجي مثل رأينا، وإلا وضعناه على مقصلة ألسنتنا، ثم إن هذا الحالم الكبير، راجع نفسه في مقال طويل عن حضور مثل هذه اللقاءات خصوصا مع المثقفين، ما الخطأ في هذا أيضا؟
يخرب بيت أبوكم.