بوجه صاف لا يخدشه ماكياج، وعباءة سوداء من تحتها جينز أزرق لونه باهت، خيوط أطرافه مقطعه، تنسدل على سابو أسود قديم، حين تخلعه يكشف عن مانيكير أحمر خفيف مبعثر على أظافر قدميها دون اهتمام… تطل علينا ( نوارة \ منة شلبي) كما لم تطل من قبل، وجه تصادفه كل يوم في شوارعنا وحوارينا، نوارة تلك البنت التي تجلس بجوارها في الميكروباص أو عربة المترو، وتراها تسير مع صديقاتها في شوارع وسط البلد، أو قد تكون قد مررت بها في ميدان التحرير … وجه يشبهنا تماما
أكان لابد أن تحملي لنا كل هذا الوجع يا نوارة !!
لم أر وجه نوارة منكسرا رغم كل الألم الذي يفيض علينا من الشاشة، ورغم نظرة عينيها التي تختصر كل أوجاع الحياة
نوارة الجدعة التي تجري على ستها لكي تحقق حلمها بحج بيت الله، ووالد حبيبها علي الذي ينهش جسده السرطان باحثا عن سرير في مستشفى يرقد فيه، وعلي شقه صغيرة تضمها وحبيبها علي النوبي الطيب
بالرغم من كل مآسيها وأحزانها كانت تلمع في عين نوارة نظرة تفاؤل، تقتنصها بقوة رغم قسوة حياتها، في أحد مشاهد الفيلم يأتي موظفو شركة المياه إلى حارتها الفقيرة من أجل مد مواسير جديده مطالبين الأهالي بدفع المزيد من الأموال وبعد أن ينصرفوا يدور هذا الحوار بينها وبين ستها:
ومشاهد أخرى كثيرة تخرج فيها كلمات نوارة في نهاية الحوار كنقطة نور وكأنها ترعى الأمل في أيام أجمل تثق وحدها أنها ستأتي!
وجع يفضي إلى وجع، وألم ومرارة يسلمك الى ألم أشد، تتسع مساحته مع كل مشهد في الفيلم … ما بين عالم نوارة الخاص وأحلامها الصغيرة بشقة تجمعها مع حبيبها علي تعيش فيها حياة عادية لا أكثر ، وتنقلها من بيتها الفقير في الحارة إلى الكومباوند حيث الفيلا التي تعمل بها كخادمة، وخوفها من الكلب بوتشي الذي يحرس الفيلا حين تطعمه بينما بنت أصحاب الفيلا لا تغادر السويمنج بول، هذا الكلب الذي تدفنه فيما بعد بيديها بعد هروب أصحاب الفيلا خوفا من المساءلة بعد الثورة
ما بين كل هذا وبين حضور ثورة يناير، من أول مشهد ونوارة تسير تحمل الجراكن بيديها في حارتها أمام حائط مكتوب عليه يسقط حسني مبارك، وتوالي هذا الحضور عبر حوارها مع أسامه بيه (محمود حميده) الذي يمثل رمزا من رموز مبارك، أو تعليقات من الراديو والتليفزيون بصوت دينا عبد الرحمن وريم ماجد عن استرجاع الأموال المنهوبة من الخارج وانشغال الفقراء وفرحهم بحساب حقهم من هذه الأموال… لا تملك الا أن تحزن حزنين، حزن على نوارة التي تشبهنا، وحزن على خيبات ثورتنا التي لم تنصف نوارة
في المشهد الأخير في الفيلم يطل وجه نوارة البرىء وهي ملقاة داخل البوكس وسط وجوه العساكر الغليظة، وكأنها تقول بعينيها الخائفتين: بكره أحلى يا علي.