محمود طارق
لا يبدو القرار الرئاسي بعزل المستشار هشام جنينه من منصبه مفاجئاً لكثيرين لاسيما وأن القانون الذي اقره الرئيس السيسي بجواز عزل رؤساء الأجهزة الرقابية إذ ثبت إضرارهم بجهة عملهم قبل أشهر يعتبر تفصيل على حالة المستشار جنينه الذي يعتبر اخر مسؤول في منصب رفيع عينه الرئيس الاسلامي الاسبق محمد مرسي، فجنينه المنتمي لقضاة تيار الاستقلال عين في سبتمبر 2012 بقرار جمهوري صادر من الرئيس المعزول لمدة 4 سنوات تنتهي في سبتمبر المقبل.
رغم عدم تضمن قرار العزل أي معلومات عن أسبابه بحسب ما نشر عبر وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية حيث جاء نص قرار العزل “أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارا جمهوريا باعفاء المستشار هشام احمد فؤاد جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات من منصبه اعتباراً من اليوم 28 مارس 2016″ بعد اقل من ساعة على صدور بيان نيابة امن الدولة ضد جنينه الذي وصف تصريحاته حول تكلفة الفساد بـ”غير المنضبطة” مع التأكيد على أن الجهاز “ليس معني بتحديد الفساد”.
تفسيرات متعددة وتكنهات خرجت من قبل عدة اشخاص لكن يبقي هذا الأمر سراً لن يخرج سوى من الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصياً الذي اتخذ القرار ولم يعلن حيثياته للرأي العام.
(1)
بموجب القانون والدستور لم يكن لرئيس الجمهورية حق في إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات باعتباره رئيس جهة رقابية، وخرجت تصريحات عدة من رئيس الجهاز المعزول تدين بذخ الرئاسة في العهود السابقة بما فيها عهد الرئيس الاسبق محمد مرسي الذي عين جنينه في منصبه.
(2)
الرئيس عبد الفتاح السيسي اقر في يوليو الماضي قانون رقم 89 لسنة 2015 بحالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم في أربع حالات هي إذ قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس امن الدولة وسلامتها، إذ فقد الثقة والاعتبار، إذ أخل بواجبات وظيفته بما من شانه الاضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الاشخاص الاعتبارية العامة، إذ فقط أحد شروط الصلاحية للمنصب الذي يشغله لغير الأسباب الصحية.
(3)
وافق مجلس النواب بعد جدل ومناقشات على القانون خلال فترة الأسبوعين في بداية دور انعقاده استناداً للدستور الذي اعطاهم حق مراجعة القوانين والتشريعات التي صدرت من الرئيس خلال فترة غياب البرلمان، علماً بأن البعض دفع بكون القانون قد تم إعداده للإطاحة بالمستشار جنينه من منصبه بسبب خلافاته مع وزير العدل وهو ما لم يحدث حتى خروج الزند من منصبه.
(4)
المادة 219 من الدستور تنص على أن الجهاز المركزي للمحاسبات الرقابة على أموال الدولة والاشخاص الاعتبارية العامة والجهات الاخري التي يحددها القانون ومراقبة تنفيذ الموازنة العامة للدولة والموازنات المستقلة ومراجعة حساباتها الختامية.
(5)
تبادل المستشار احمد الزند وزير العدل المقال، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المعزول البلاغات والتصريحات المضادة عبر وسائل الاعلام المختلفة، خاصة خلال الفترة التي كان يشغل الزند فيها منصب رئيس نادي القضاة ورفض رقابة الجهاز على ميزانية النادي، مستنداً إلي أن جنينه عندما كان وكيلاً للنادي لم يقبل رقابة الجهاز الذي عين رئيساً له لاحقا.
(6)
ظهر المستشار هشام جنينه في لقاء تليفزيوني مع الاعلامي وائل الابراشي خلال شهر اغسطس الماضي برفقة عائلته لنفي تهمة الأخونة التي لاحقته بشكل مكثف منتقداً تصريحات وزير العدل انذاك المستشار احمد الزند عن خروجه من الخدمة خلال أيام ومطالباً بالتحقيق في تشويه سمعة عائلته عبر وسائل الاعلام والجهات التي تقف وراء ذلك.
(7)
عين الرئيس السيسي في ديسمبر الماضي المستشار هشام بدوي ومنى توحيد إحدى قيادات الجهاز في منتصف ديسمبر الماضي بقرار مفاجئ دون الرجوع الي المستشار هشام جنينه باعتباره رئيس الجهاز انذاك وفي خطوة وصفت وقتها بأنها تمهيد لأن يتولى بدوي منصب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بعد خروج جنينه من الخدمة.
(8)
تحدث المستشار هشام جنينه أكثر من مرة عبر وسائل الاعلام عن فاتورة الفساد التي تصل الي 600 مليار جنيه، مما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي تشكيل للجنة للتحقيق في تصريحاته، وهي اللجنة التي ادانته في تقرير اصدرته بعدها بوقت قصير وتم ارسال نسخة من تقريرها الي الرئيس الذي احاله لمجلس النواب وكان يفترض ان يتم تشكيل للجنة للتحقيق بما ورد فيه، علماً بأن جنينه قام بإصدار بيان يرد فيه على ما ورد بتقرير لجنة تقصي الحقائق نفى فيه الاتهامات التي وجهت له من اللجنة.
(9)
بعض الصحف والمواقع الألكترونية بشرت بخبر عزل هشام جنينه من منصبه قبل صدوره بساعتين، علماً بأن نيابة أمن الدولة العليا اصدرت بيان تهاجم فيه رئيس الجهاز بسبب تصريحاته الاعلامية، بينما تعتبر الواقعة هي المرة الأولى التي يستغل فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي الصلاحيات التي خولها له القانون المستحدث بعزل رؤساء الأجهزة الرقابية.
.