استقيظ أغلب المصريون اليوم على خبر اختطاف طائرة مصرية من مطار برج العرب وتوجه الطائرة إلى قبرص.
بدأت أرصد رد الفعل النفسي للحادث على الجماهير من خلال رصد وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، بجانب الحديث مع سائقي التاكسي، وقامت قناة سكاي نيوز عربية بعمل مداخلة معي بحكم وظيفتي كطبيب نفسي.
القناة استضافت خبيرا أمنيا ومحللا سياسيا، ولكن الغير تقليدي هو وجود مراسلين للقناة في مطار قبرص وأخذ تصريحات من مدير إدارة الأزمات في المطار القبرصي بجانب تصريحات من رئيس الجمهورية القبرصي، وكانت المعلومات دقيقة وسريعة ومختلفة عن بقية القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي.
أحسست باحتراف الجانب القبرصي، بجانب أن المراسلين كانوا يأتون بالجديد.
سألني المذيع عن التحليل النفسي للخاطف وللأسف وقعت في فخ أن اسمه إبراهيم سماحة.
بفكرة العقل الجمعي والقطيع، بدأت أحلل شخصيته على أساس أنه الأستاذ الجامعي، وكيف يتحول الأستاذ الجامعي إلى خاطف طائرة.
لكني بعد ذلك قررت أن أتكلم مع المذيع عن علم نفس الجريمة الذي يحدد مواصفات معينة ونفسية لمن يرتكبون حوداث اختطاف الطائرات، فعادة، خاطف الطائرة يكون مع مجموعة وليس فردا واحدا، وعادة ما يكونون أصحاب شخصية سيكوباتية ضد المجتمع، عتاة في الاجرام، سجلهم الإجرامي حافل، لديهم قدرة على التخطيط والتفاوض والقتل بأعصاب باردة، مقابل تحقيق مطالب مادية أو سياسية أو لفت الانتباه لقضية سياسية.
هذا هو التحليل النفسي لخاطف تقليدي. أما هذا الخاطف، فهو غير تقليدي كفرد، ويطلب مطلبا عاطفيا وهو رؤية طليقته.
هنا تحول السؤال؛ هل الخاطف مجرم أم مريض نفسي؟، وما هو المرض النفسي الذي يدفع الشخص الى ارتكاب فعل ضخم مثل خطف طائرة والتوجه بها إلى بلد آخر؟ طرح فكرة أن الخاطف مريض نفسي وأن الدوافع للخطف شخصية وليست فردية، طرح مريح ومقبول لدى الشعب المصري، لأن العقل الجمعي والراي العام يريد قبول هذا الطرح خوفاً من انهيار السياحة مرة أخرى، والحرب النفسية التي سوف يستخدمها أعداء مصر ضدها.
نعود لمرجوعنا، خاطف الطائرة من المرجح أنه يعاني من اضطراب شديد في الشخصية، وأن لديه ميولا هستيرية وحب شهرة، ونجحت خطته بفضل عدة عوامل.
تقول دراسة علمية أجراها أساتذة الطب النفسي على أكثر من 10 آلف راكب طائرة في أوروبا، أن حوالي 70 في المئة منهم يعتقدون أن الطائرة من الممكن أن تسقط بهم، وأنها من الممكن أن تتعرض لحادث إرهابي رغم دقة إجراءات الأمن، لذلك اقتنع أغلب الركاب وطاقم الطائرة بأن الخاطف يرتدي حزاما ناسفا بالفعل وهذا لم يكن حقيقيا، ومن الواضح أن الخاطف متابع جيد لأفلام خطف الطائرات، ولأنه شخصية اندفاعية وتحب التقليد، قرر تقمص شخصية بطل أحد أفلام الدرجة الثالثة في خطف الطائرات، ولعب أيضا لعبة أخرى وهي الاحتفاظ بالركاب الأجانب، لأنه يفكر بعقلية المواطن المصري “الأجانب لهم قيمة أكثر”، وسوف يتسلط عليه الضوء أكثر.
باختصار، نحن أمام شخص مصاب بالهستيرية، وقد رصد علماء النفس بعض الصفات في الشخصية الهستيرية ومنها:
– حب الذات والاهتمام بها.
– محاولة جذب انتباه الاخرين واهتماماتهم.
– المباهاة وحب الظهور.
– الاتكال على الآخرين في المسؤولية.
– القابلية للإيحاء، والتأثر بالآخرين، والأخبار المثيرة وتفاعلهم القوي مع هذه المثيرات.
– الاستعراضية وحب الظهور.
– الميل الشديد والعالي للتمثيل.
– القابلية للمبالغة والكذب.
– الانفعالات السريعة والسطحية معاً.
– التلون حسب الموقف.
– ضحالة المشاعر وتبدلها.
– الفشل المستمر في الحياة الزوجية وعدم التوافق.
هنا ياتي سؤال آخر وهو المسئولية الجنائية لاضطرابات الشخصية، وإجابة هذا السؤال نجدها في الطب النفسي الشرعي، فمراجعة الطب النفسي الشرعي، وعلم نفس الجريمة، تقول “إن المسئولية الجنائية تقع على المصابين باضطراب الشخصية لأنهم يدركون عواقب تصرفاتهم”.
بعض الآراء من زملائي في الطب النفسي ذكرت احتمالية اصابة الخاطف بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب (الهوس)، وتتمثل أعراض هذا الاضطراب في كالآتي:
ثنائي القطب أو الهوس الاكتئابي (بالإنجليزية: Bipolar mood disorder) هو أحد الاضطرابات النفسية التي تتميز بتناوب فترات من الكآبة مع فترات من الابتهاج الغير الطبيعي، والتي تختلف عن الشعور بالابتهاج الطبيعي، كونها تؤدي بالشخص للقيام بأعمال طائشة وغير مسؤولة في بعض الأحيان.
تم وصف الحالة لأول مرة من قبل طبيب نفسي من ألمانيا اسمه إيمل كرايبيلن، والمريض بهذا الاضطراب – في بعض الأحيان – لا تقع عليه المسئولية، لأنه يكون فاقدا للادراك والتفكير والحكم على الأمور.
باختصار، نحن أمام قضية يريد الرأي العام أن يجعلها “تصرفا فرديا من شخص مختل” وليس حادثا ارهابيا، بجانب أن العقل الجمعي قد ظلم الدكتور إبراهيم سماحة ويجب علينا الاعتذار له.
نرشح لك – د.إبراهيم مجدي: سيكو دراما.. تحت السيطرة نموذجا
.