سما جابر- تصوير: شريف عبد ربه
“تكريم لا تأبين.. حوار بعيدًا عن السياسة، قريبًا من الصحافة” هكذا وصف الإعلامي عمرو عبد الحميد، الندوة التي جمعت أبرز الصحفيين والإعلاميين في حب “الجورنالجي” محمد حسنين هيكل، والتي نظمها النادي الإعلامي بالمعهد الدنماركي المصري، مساء الجمعة.
حديث طويل حول مسيرة الأستاذ المهنية وأعماله الصحفية البارزة، بجانب الحديث عن بعض المواقف الشخصية التي مر بها، وعلى الجانب الآخر روى هؤلاء الحاضرين المقربين شخصيًا من الكاتب الراحل، أبرز ذكرياتهم والمواقف التي تعرضوا لها معه، إعلام.أورج يرصد أبرز تلك الذكريات في التقرير التالي.
أيمن الصياد: رحلتي مع هيكل بدأت في “خامسة ابتدائي”
روى الصياد بداية قصته ومعرفته بهيكل من خلال مُعلمته في الصف الخامس الابتدائي، والتي كانت تطلب منهم كل أسبوع تلخيص مقال “بصراحة” لهيكل وقتما كان رئيسًا لتحرير جريدة الأهرام، لكن لم يكن يتخيل “الصياد” أنه سيجلس في يوم من الأيام أمامه، ليأتي أول لقاء بينهما عام 2000 عندما اختاره هيكل ليكون ضمن فريق عمل مجلة “وجهات نظر” على الرغم من أنه لم يكن مقتنعا بفكرة المجلة من الأساس، إلا أنه لم يفكر سوى قبول العمل مع هيكل، ليؤكد أنه ثبت خطأ وجهة نظره في المجلة فيما بعد.
عن هيكل الذي يريد التعلم دائمًا
الصياد أكد أن هيكل عندما بلغ من العمر 85 عامًا بدأ يسأله عن كيفية تعلم الوسائل التكنولوجية الحديثة، حيث كان يرى أن هناك دائمًا ما يجب تعلمه، وبالفعل ساعده في كيفية استخدام مثل هذه الوسائل، مُشيرًا إلى أنه كان راضيًا جدًا عن حلقاته “مع هيكل” التي قدمها عبر شاشة الجزيرة.
أما عن جنازته أكد أنه لم يكن أحد يتوقع أن تخرج جنازة هيكل من مسجد الحسين، لافتًا أن التفسير الوحيد لذلك أنه كان يرفض إقامة جنازة عسكرية له، إذن فلا بد أن تكون الجنازة شعبية، وليس هناك مكان أنسب من الحسين لجنازة هيكل.
شريف عامر و”تفاصيل” هيكل
العلاقة بين الإعلامي هيكل وشريف عامر علاقة شخصية فقط وليست مهنية كما وصفها الأخير، حيث بدأت قبل خمس سنوات تقريبًا، وعندما استدعاه “الأستاذ” لأول مرة سأله “عامر”: “أنا هنا ليه؟” فأجابه بأنه صفحة بيضاء لم تلوث، حيث وجده “عامر” يعلم عنه كل شيء، لافتًا أن أهم ما استفاده من الأستاذ على المستوى المهني أنه ثبَّت يقينه بما يفعل، بالأسلوب الذي يريد “عامر” أن يعمل به.
شريف عامر أكد أن “الجورنالجي” حسنين هيكل كان يسمع دائمًا من كل شخص وكأنه لم يسمع من أحد قبله، فكان يريد أن يستفيد في مسألة معينة بالاستماع من الجميع، كما كان يتناقش في جميع التفاصيل أثناء التصوير معه لأي لقاء تلفزيوني، فكان يسأله مثلًا “هل كانت الإضاءة جيدة أم سيئة؟”، فكان يتكلم في صميم الأداء بحسب وصفه.
لا مكان للصدفة في حياته
أما من أكثر ما أحزنه في السنوات الأخيرة نسبة قراء الصحف الورقية التي تضائلت، لكنه كان مقتنعًا بأن هناك مستقبلًا جديدًا متمثلًا في الصحافة الإلكترونية.
“عامر” أوضح أن الصدفة لم يكن لها مكانًا في حياة هيكل، لافتًا إلى أنه بالرغم من أن مشهد خروج جنازة هيكل من مسجد الحسين كان غير متوقعًا، إلا إن من يعرف هيكل جيدًا من الممكن أن يتوقع أن هذا المشهد كان في تفكيره قبل 10 سنوات على سبيل المثال.
نرشح لك: هيكل وشريف عامر.. تفاصيل لقاءات التاسعة صباحًا
عبد الله السناوي يكشف عن “هدية العمر” لهيكل
كشف السناوي عن أكثر الأشخاص الذين تأثر بهم هيكل كثيرًا، ومن أبرزهم كامل الشناوي، فعندما كانت تأتي سيرة كامل الشناوي كانت هناك ابتسامة تعلو وجهه وعندما كان يحكي بعض القصص عنه كان يقول “كمولة” فلا يمكن لأحد أن يتصور أن الشناوي بحياته البوهيمية وهيكل بحياته المنضبطة، أن يكون هناك كل هذا الارتباط بينهما.
كما روى أن هيكل ظل طوال حياته “صحفيًا” فإذا قال أحد الجالسين معه أي شيء له قيمة ومؤكد، كان يدونها أولًا بأول، كما كان يحتفظ بالأوراق التي كان يدوّن فيها مواعيد المقابلات لدرجة أنه كان من الممكن أن يعرف عدد المرات التي قابله فيها أي شخص، أما عن الوثائق النادرة التي يمتلكها، أكد السناوي أنه كان لديه هاجس من الدولة والصحفيين في تلك النقطة، فكان يخشى احتفاظ الدولة بتلك الوثائق حتى لا تقم بمحاولة طمس التاريخ واحراق الوثائق، أما قلقه من الصحفيين باحتفاظهم بها فكان يخشى أن يختار أحد الصحفيين أشياء مثيرة منها ومجتزئة من سياقها ونشرها كخبر صحفي.
بينما من أهم مصادر وثائقه كانت “هدية” من الرئيس الراحل أنور السادات، فبعد أحداث مايو 1971 ذهب أشرف مروان بسيارة مملوءة بالوثائق للرئيس السادات لكن السادات رفض تلك الوثائق وأهداها لهيكل، باعتباره “بيحب الورق”، وكانت هدية العمر بالنسبة لهيكل.
أما أخر لقاء بين السناوي وهيكل كانت في فترة مرضه الأخير، وكان في حالة صحية سيئة، لكنه كان يريد ان يعرف أهم أخبار البرلمان، فظل السناوي حوالي 45 دقيقة يحكي له أهم الأخبار، فكان شغوفًا بالأخبار حتى أخر لحظة بحسب وصفه.
عمرو عبد الحميد: لهذا أعتبر نفسي من المقربين لهيكل
بالرغم من أنه لم يحظى بمقابلته قبل ذلك، إلا أن الإعلامي عمرو عبد الحميد يعتبر نفسه من المقربين لهيكل، فأكد أنه كان يستحضر تجربته في عمله الإعلامي والصحفي خاصة عمله كمراسل حرب، عندما قام بتغطية حرب الشيشان وأفغانستان والعراق وجنوب لبنان، فكان هيكل هو مرجعه خاصةً في تغطيته لمعارك العلمين، فكان يتعجب من تغطية هيكل في عدم وجود الإمكانيات العصرية مثل الإنترنت والستالايت والفيديو فون والتي كانت متوفرة لدى “عبد الحميد” في تلك الفترة.
إبراهيم المعلم: هيكل مات زعلان
كانت بداية علاقته بهيكل عندما كان طالبًا في الجامعة فذهب لجريدة الأهرام لمقابلة الكاتب الصحفي حمدي الجمال، حيث أفسد اجتماع الديسك حينها دون قصد، في حضور هيكل موضحًا إنه وقف خلف هيكل دون أن يدري أنه “الأستاذ” وأنهم داخل اجتماع، فنظر له الجميع بذهول إلى أن أدرك ما فعله فخرج، أما العلاقة الحقيقية بينهما بدأت منذ الثمانينات حيث أصبح واحدًا من أسرته كما يصف نفسه.
كشف المعلم أنه حاول اقناع هيكل بكتابة كتاب كامل عن جمال عبد الناصر، لكنه رفض لأسباب لم يستطع قولها في الصحافة.
“هيكل مات زعلان” هذا ما أكده المعلم، لافتًا أن حزنه كان لأسباب كثيرة أبرزها مستوى الصحافة الرديء في مصر، كما يرى أن هيكل كان دائمًا يتسبب في انزعاج البعض، وأوضح أنه تعرض لتهديدات بسببه عندما صدرت مجلة “وجهات نظر”، وغيرها من الإصدارات الصحفية.
.