الإعلام ظهر في الأساس لخدمة المجتمع، اعلامهم بمعلومات جديدة، اخبارهم بما لا يعرفونه عن كل ما يحدث حولهم، تنويرهم وتثقيفهم، لكن الحقيقة أن ما يحدث حاليا بعيدا كل البعد عن مهمة الإعلام الأساسية، فمؤخراً اصبحت بعض وسائل الإعلام المصري بعيدة عن صوت المواطن البسيط.
.
كم برنامج على الفضائيات المصرية يعطي الفرصة للمواطن البسيط للحديث عن مشاكله وما يعانيه من صعوبات في المجتمع المصري؟ العدد قليل جداً، وحتى تلك البرامج التي توفر للناس مداخلات تليفونية للحديث عن همومهم لا تعطيهم حرية كافية، يتم قطع الخط اذا قال المواطن كلمة لم تعجب المذيع أو تعدى الخطوط الحمراء التي تضعها كل وسيلة اعلامية، ويقول المذيع بعدها بكل ثقة “اعتقد ان الاتصال انقطع.
.
أتمنى أن تعطي وسائل الاعلام المصرية فرصة أكبر للناس العادية للتعبير عن انفسهم، بحرية، بدون قيود، ولا تكتفي بذلك بل تتواصل مع مسئولين لضمان وصول المشاكل لهم بهدف حلها.. الناس تستحق منا اهتماما اكبر خصوصا ان المشاكل التي تمر بها مصر حاليا ليست قليلة، والافضل ان تعرض على الهواء لان ذلك سيبين المسئول الذي يعمل من المسئول الكسول الذي لا يحل مشاكل الناس او يهتم بها.
.
الإعلام الخدمي هو المستقبل الحقيقي، والمواطن البسيط يبحث عنه دائماً.. الناس تريد ان تجد من يسمع صوتها ويحترمه.. في اي مكان حين يعلم اي شخص اني صحفي يقول لي فورا “انا عندي مشكلة ممكن تساعدني اوصلها للمسئولين”.. الناس لا تعرف كيف تنقل صوتها للحكومة.. ووسائل الاعلام لا تساعدهم في ذلك.. لا ترسخ لثقافة اننا نعمل من اجلكم وهدفنا ان نكون منصة صادقة لعرض مشاكلكم وهمومكم.
.
اتمنى ان تكون هناك قواعد جديدة لبناء المؤسسات الاعلامية في مصر.. اي قناة جديدة تكون ملزمة بتقديم عدد من البرامج التفاعلية.. التي تعطي الفرصة للمشاهد للحديث على الهواء ليعبر عن مشكلته.. وتتواصل تلك البرامج مع المسئولين.. ويصبح لزاما عليهم ان يشاهدوا تلك البرامج يوميا في مكاتبهم او يقدم لهم مساعديهم تقارير يومية عما جاء بها من مشاكل وكل مسئول يعمل على حلها بحسب المنطقة التي يعمل بها.
.
ناس كثيرة فقدت الثقة في الاعلام.. وحين تسألهم لماذا يقولون لك لانه لا يعبر عنا! الناس لا تريد مذيع جالس في استديو مكيف ومجهز بأحدث الاجهزة يتحدث عن الفقر والمشاكل.. يريدون ان يتحدثوا عن ذلك بأنفسهم.. بصراحة.. وهذا هو دور الاعلام الخدمي الانساني المعتمد على صوت الناس وتقديم خدمة مهمة لهم وهي عرض مشاكلهم لحلها وليس للمتاجرة بها. فهل يحدث ذلك في مصر؟ شخصياً أتمنى.