“تسلم ايدك”، كلمة في منتهى السهولة وعلى سهولتها لا تُقال إلا كل فين وفين، بشكلٍ مبدئي علينا تحية الدماغ التي توصلت لهذه التركيبة المُعبرة عن الامتنان والتي تحمل دعاءً في نفس الوقت، فأنت تدعو لهذه اليد التي أسدت إليك معروفًا بالسلامة من كل مكروهٍ يصيبها فهي لا تستحق أن تتألم لا هي ولا صاحبها بعد أن قدمت هذا الخير لك.
فكر قليلًا في كم المواقف التي تمر بك ويمكن أن تنتهي بهذه الكلمة البسيطة، الأمر لا يتوقف فقط عند كوباية الشاي التي تقدمها زوجتك او أمك أو أختك أو أي حد قرر أن يعبرك فهذا أمرٌ مفروغٌ منه، وقد تستحق أن تُلاحق بدعوى خلع لو أنك لا تقلها بعد هذه المواقف، ولكن المواقف أكثر من ذلك كثيرًا.
على سبيل المثال، من يقدم لك طعامًا أو شرابًا في مطعم أو كافيه، يستحقها، فهو ليس مبعوث السماء من أجل خدمة حضرتك، كما أن المال الذي تدفعه مقابل هذه الخدمة ليس مُكافئًا للمنفعة التي تحصل عليها، لأنك لو لم تجد هذا الشخص الذي يطبخ، والآخر الذي يحمل الطعام إلى الطاولة التي تجلس عليها، فصدقني طعم الأموال سيء للغاية لو قررت أكلها، ولن تسد جوعك، كما أن حارس عقارك لم يولد من أجل غسل سيارتك، بل إن منظر السيارة المترّب الذي سيكون واضحًا للجميع لو لم يقم هو بتنظيفها، يمكن أن يجعلك تخسر عميلًا في شركتك كان سيدفع مبالغا أكبر مما تدفعه شهريًا للحارس بكل تأكيد؛ فقط لأنه يخشى أن اهتمامك بمصالحه قد لا يتعدى اهتمامك بتنظيف هذه السيارة البائسة، أضيفي إلى ذلك أنكِ حينما تدفعين ثمن تذكرة السينما أو المسرح يكون ذلك لمشاهدة الفيلم أو المسرحية وليس لشراء أحد العاملين هناك بحيث يوصلك إلى مكان جلوسك حسب المُبين على التذكرة، صحيحٌ أن كل هؤلاء يقومون بأعمالهم ويحصلون على مقابلٍ مادي لما يقومون به، لكن المؤكد أن الأموال أقل قيمة بكثير من الجهد الذي قام به الطبيب وأدى لإنقاذ حياتك حينما كنت في غرفة العمليات، لو أضفنا لهذه الأموال كلمة بسيطة: تسلم ايدك، أو ما شابهها، صدقني لن تخسر شيئًا على الاطلاق، لن ينقص رصيدك من الكلمات في الدنيا بهاتين الكلمتين.
الكلمات مثل “تسلم ايدك، آسف، شكرًا، اعذرني”، أي كلمة كويسة هي مُرطبات العلاقات الإنسانية، لا تكلف مجهودًا كبيرًا، ولكنها ذات تأثيرٍ كبير على نفسية البشر، فنحن في النهاية بشر، ولن تفيدنا على الاطلاق حالة التناحة واللطاخة القومية التي نعيشها، حيث الابتسامة نفسها بحساب، والتعامل الجاف السيء هو القاعدة، بينما التعامل الودود اللطيف هو محط التساؤل والمُلاحقة باتهامات النفاق، رطبوا العلاقات الإنسانية.. والسؤال دلوقتي: تعرف تقول تسلم ايدك؟ طيب ممكن تدرب نفسك وتقولها كتير؟ يومك زي الفل.