نقلاً عن مجلة “7 أيام”
يعتبرني البعض من أصحاب القدرة على كتابة تعبيرات قصيرة ساخرة أعلق بها على الأحداث عبر موقعي فيس بوك وتويتر، تميزت الكتابة الساخرة عبر مواقع التواصل الإجتماعي بشيوع أسلوب كتابة التعليق وكأنه عنوان لخبر أو تصريح لمسئول، وفي أحيان كثيرة نضطر إلى توضيح أن هذا التعليق ما هو إلا “قلش” ولم يصدر من المصدر فعلا ولم يحدث على أرض الواقع، فالناس – كان الله في عونهم- باتوا يصدقون المستحيل بسهولة من كثرة ما مروا به من أحداث جسام منذ يناير 2011 ، تناقضات وتحولات ومواقف ومفاجآت جعلت كل كلمة يتم التعامل معها بجدية حتى لو كانت حروفها تقطر بالسخرية.
لما سبق آثار سلبية تترتب على عدم إحترام حقوق الملكية الفكرية لصاحب “المنشور” أو “البوست”، والذي يتعامل معه البعض باعتباره “نكتة” من طراز “مرة واحدة” فيتناقلها ويتكسب من ورائها ضحكات الآخرين على صفحته الشخصية وكأنها من بنات أفكاره، وفي اعتصام سابق لأمناء الشرطة ألفت هتافا تخيلت أنهم وجهوه للضباط وهتافا مضادا من الضباط لهم، ورغم أنه لا يوجد أي فيديو أو أي مصدر غيري كتب “البوست” لكن تم نشره في إحدى الصحف باعتباره واقعا، وذكره أحد مقدمي البرامج، ومع تجدد اعتصام أمناء الشرطة كتب إعلامي آخر الهتاف الذي لم ينطق به أحد في مقال يعلق من خلاله على الأزمة الجديدة، حتى كدت أقلد محمد عوض في مسرحية “جلفدان هانم” حيث جسد شخصية عاطف الأشموني الاديب الذي فشل في تسويق أعماله فاشتراها أحد الأثرياء ونشرها باسمه وحققت نجاحا كبيرا ليصاب هو بلوثة ويتجول في كل مكان قائلا “أنا عاطف الأشموني مؤلف الجنة البائسة” وأنا مثله مؤلف الهتاف الذي لم يفكر فيه أحد غيري.
قد تكون القضية حتى الآن “هايفة” بالنسبة للبعض، لكن ما حدث معي الأسبوع الماضي كان خارج التوقعات، هذه المرة لم يسرقني أحد، بل وجدت اسمي وصورتي الموجودة على فيس بوك وبجوارها كلام رومانسي للغاية عن تقدير الرجل لزوجته، على أساس أنني قلت هذا الكلام بعد عملية ولادة قيصرية مرت بها زوجتي وأم أولادي، وتلقيت عشرات من الإشادات بما كتبت، إلى جانب كلمات اللوم والعتاب من أصدقائي الرجال الذين اتهموني بإحراجهم أمام زوجاتهم اللاتي طالبوا الأزواج بأن يعاملوهم بالمثل.. “مش دة صاحبك ياريت تبق زيه”.
بعيدا عن تأثر السيدات تحديدا بأي كلمة حلوة أو صورة رومانسية منتشرة عبر مواقع التواصل، القضية الأهم هي أنه فيما عدا زميلة صحفية لم ينتبه أحد إلى أن الكلام المتداول والذي حصد آلاف اللايكات لا ينتمى إلى قاموسي وأنني حتى لو أردت أن أوقر زوجتي على مواقع التواصل الإجتماعي لا أكتب بهذا الشكل، كما أن آصغر أبنائي عمره 6 سنوات، ومكتوب بجوار المنشور المزعوم “فبراير” دون تحديد السنة، ولله الحمد زوجتي لم تلد عبر عملية قيصرية، وعندما جاءت ابنتى الكبرى للحياة لم أكن قد عرفت الفيس بوك أصلا.
في البداية كنت أرد على كلمات المجاملة بوجوه ضاحكة، لكن زاد الأمر عن الحد ولست في حاجة لأي اعجاب وهمي، وبدأت أنبه البعض إلى أنني لست كاتب هذا الكلام، وهنا النقطة الأخطر، والتي تحول الموقف كله من كونه شخصي كما يبدو فيما سبق إلى موقف عام يمس كل من يتجول في شوارع وأزقة السوشيال ميديا.
من الذي ركب صورتي على كلام أعترف أنه جميل ومحترم لكنه ليس لي، وهل فعل ذلك متعمدا أم ان خطأ تقنيا ما حدث على برنامج تحويل “البوستات” إلى صور يتم اعادة نشرها على صفحات يتابعها الملايين خصوصا المهتمة بالقضايا العائلية والمجتمعية، ولو حتى يا سيدي كتبت أنا هذا الكلام منذ سنوات – ومتأكد أنني لم أفعل- على أي أساس يتم استحضاره واستغلاله مرة أخرى، وكيف لم ينتبه العشرات من الذين هنأوني على حسن القول وجمال التعبير إلى أنهم لم يقرأوا المنشور نفسه أبدا على صفحتي!!
إنه عصر “البرينت سكرين” الذي يجعلنا بحاجة للمزيد من التحقق من كل ما نراه من فيديوهات وصور وكلمات عبر مواقع التواصل الإجتماعي، إنه العصر الذي يحتاج إلى حملة مثل “أخلاقنا” لكن هدفها توعية مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي وعلى نطاق واسع بما يجب أن يتابعوا وكيف يفلتروا ما يمر أمامهم من كلمات ومعلومات حتى لا يقعوا في المحظور.
ربما كانت كلماتي التي لم أكتبها جيدة وإيجابية، لكن كم من كلمات أخرى منسوبة زورا لأسماء وصور شخصيات أكثر شهرة مني ومرت كأنهم قالوها وهم منها أبرياء.
.