وقع الدكتور على مبروك، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، و عدد من المثقفين بيانا ، طالبوا فيه بالإفراج الفورى ، عن الكاتب الموريتانى محمد الشيخ بن محمد ، والذى حكمت عليه المحكمة بالإعدام رميا بالرصاص، بتهمة الردة.
وأكد الدكتور على مبروك، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك ، أن مقال الكاتب الذى تسبب فى الحكم عليه بالإعدام ، ليس به أى ردة ولا خروج على الدين .
و دعا الكاتب الحكومة الموريتانية للاقتداء بالنبي الرحيم فى العفو عن الكاتب، و نص بيان المثقفين على ان المحكمة الموقرة اعتمدت فى حكمها على مقال للكاتب يستدعى فيه أحداثاً معلومة ووقائع مذكورة فى كتب السيرة النبوية عند كافة المسلمين تقريباً.
ويتابع البيان : يبدو أن المحكمة الموقرة قد ارتأت أن فى طريقة إيراده لهذه الوقائع والأحداث ما يؤدى إلى استنتاج ما يسىء إلى صورة النبى الرحمة الكريم؛ محمدٍ عليه السلام، فأصدرت حكمها السالف، بالجزم واليقين ثبوت ما يستوجب تطبيق الحد عليه، على الرغم من أنه لم ينطق صراحة بما يدل على إقراره بالخروج من الإسلام.
و أكد البيان أن الفقه فى الإسلام فتح الباب أمام كل ما يحول دون تطبيق الحدود؛ وبما يفسر الندرة البالغة فى إيقاع العقوبات حدَّاً فى الإسلام. ولقد ظل المسلمون وغيرهم يعتبرون هذا السلوك من المآثر الكبرى للفقه الإسلامى. ولهذا فإننا، ومن باب التجاوب أولاً مع هذه المأثرة الفقهية العظمى، ومن باب الحرص على صورة الإسلام والمسلمين الموصومة فى عالم اليوم بالدموية والعنف، نناشد السلطات الموريتانية بالعفو عن الكاتب.
. وقد قام عدد من المثقفين بالتوقيع على البيان ومنهم: على مبروك ، أمير فهمى ، وائل السمرى ، محمد الشوا ، عمر شهريار ، عماد عاشور ، أمينة أحمد ، حمدى عبد العزيز .
المقال الجدلى
أرفق على مبروك على صفحته نص مقال الكاتب الذى أثار الجدل ، مؤكدا أنه لا يحمل أى خروج على الدين ، و نشر مبروك ، نص مقال محمد ولد الشيخ ولد امخيطير ، على صفحته ، تحت عنوان “الدين والتدين ولمعلمين”. :
و يقول فيه امخيطير : لا علاقة للدين بقضيتكم أيها لمعلمين الكرام فلا أنساب فى الدين و لا طبقية و لا “أمعلمين” و لا “بيظان” ، مشكلتكم إن صح ما تقولون يمكن إدراجها فيما يعرف بـ”التدين”.
و اقتبس الكاتب مقولة د. عبد المجيد النجار عن الفرق بين الدين و التدين ، قائلا : “إن حقيقة الدين تختلف عن حقيقة التدين ؛ إذ الدين هو ذات التعاليم التى هى شرع إلهي، والتدين هو التشرع بتلك التعاليم ، فهو كسب إنسانى. و هذا الفارق فى الحقيقة بينهما يفضى إلى فارق فى الخصائص، واختلاف فى الأحكام بالنسبة لكل منهما” .
و علق الكاتب إن بذلك ، الدين هو وضع إلهى و التدين كسب بشرى ، و أعد فترة حياة الرسول صلى الله عليه و سلم ” دين ” ، و فترة ما بعد الرسول ” تدين ” .
كما استشهد الكاتب بمعركة بدر ، راويا : الأسرى من قريش فى قبضة المسلمين، و الحكم قد صدر بما يلى: قال المستشار الأول لرسول الله أبو بكر الصديق: “يا رسول الله، هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإنى أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار، وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدًا“. ملاحظة: من هم الكفار إذا هنا فى رأى أبى بكر….؟ ثم كان بعد ذلك قرار أبى بكر هو القرار النهائى مع إضافة عملية التعليم لمن لا يملك المال. لكن مهلا…. لقد كانت هنالك حالة استثنائية فقد أرادت زينب بنت رسول الله افتداء زوجها أبى العاص بقلادة لها كانت عند خديجة ، فلما رآها رسول الله رقّ لها رقّةً شديدة ، وقال لأصحابه 🙁 إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذى لها فوافقوا على ذلك )، رواه أبو داود. برأيكم ما هذا الاستثناء…..؟
و تعجب الكاتب من التفريق بين ” هند بنت عتبة ” و ” وحشى ” ، فبرغم أنها أعطته حريته و مكافأة مالية مقابل حياة حمزة ، و لكن بعد الإسلام ، لقبت هند بـ “عزيزة فى الكفر … عزيزة فى الإسلام” أما وحشى فأمره النبى أن يتوارى عن أنظاره عند دخوله الإسلام.
و تابع الكاتب قائلا : خالد بن الوليد كان السبب الرئيسى فى هزيمة المسلمين فى “أحد” و قتل عددا من المسلمين و عند دخوله الإسلام أخذ اللقب الشهير “سيف الله المسلول” ، فلماذا لا يتم استقبال وحشى و يأخذ مثلا لقب “حربة الله التى لا تخطئ الهدف”…..؟.
و رأى الكاتب أن عفو النبى عن أهل مكة ” اذهبوا فأنتم الطلقاء ” ، حفظ الأنفس من القتل و السبى ، و لكن هذا لم يطبق على المناطق الأخرى ، يما وصف الكاتب ما حدث لبنى قريظة بـ ” الإبادة ” ، مستشهدا بقوله تعالى ” ” و لا تزر وازرة وزر أخرى ” ، متسائلا : فلما أبيدوا إن كان قادتهم فقط هم من تآمروا ؟
و من الأقوال المثيرة للجدل للكاتب ، زعمه بأن رسول الله شتم اليهود قائلا :” يا إخوة القردة والخنازير و عبدة الطواغيت أتشتموننى ؟ قال فجعلوا يحلفون بالتوراة التى أنزلت على موسى : ما فعلنا ويقولون يا أبا القاسم ما كنت جهولا ثم قدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الرماة من أصحابه!! .. و يقول الكاتب أن هذا مذكورا بالنص فى الطبرى و ابن كثير ، و أشار أنه فى حديثه عن النبى يتحدث عن ” العقل الشامل ” ، بدليل أنه لا ينطق عن الهوى !
و يقارن الكاتب بين حالة قريش و بنى قريظة ، و يرى أن ما حدث تفريق ، متسائلا : أين راحت الرحمة، أم أن للأخوة و “أَتْبَنْعِيمَه” دورها فى “العقل الشامل/المطلق“ !!
و ختم بقوله : إذا كان مفهوم ” بنو العم والعشيرة والإخوان” يجعل أبا بكر يحجم عن قتل المشركين و علاقة الأبوة بين زينب و الرسول تمنحها إطلاق سراح زوجها مجانا ، و الانتماء القرشى يعطى ألقاب البطولات للقرشيين و يمنعها عن الحبشيين. و الأخوة و علاقة الدم و القربى تمنح حق الرحمة لقريش فى الفتح و تحرم بنى قريظة من ذلك الحق. و كل هذه الأمور تتم فى عصر الدين فما بالك بعصر التدين !!
نقلًا عن “محيط”