إبراهيم عيسى يكتب:كل هذا العند

نقلاً عن المقال

بدلًا من التقاط المعنى والمبادرة فورًا بالاحتكام إلى الشعب فى قضية ‏تيران، و‫‏صنافير سيستمر الرئيس فى ما استمر فيه سابقوه

أشك كثيرًا وعميقًا في أن تفهم أجهزة الدولة ما حدث.

شكِّى يتحولَّ يقينًا فى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى لن يقرأ مظاهرات الجمعة على نحو يذهب به وبالشعب إلى الأمام.

المثلث الذى يتصرفَّ على أساسه كل نظام حاكم فى مصر مع مظاهرات مهمة يواجهها فى لحظة تحدٍّ مكونَّ من ثلاثة أضلاع، الإنكار ثم العناد ثم العدوان.

لا شىء جديدًا مطروح ليفعله نظام السيسى أمام مظاهرات الجمعة إلا هذا المثلث.

فالرئيس رهين نظرية المؤامرة تمامًا، يكررها فى كل لحظة وفى كل حين، وهو كذلك يستمد من تراث الرئيسَين السابقَين عليه نفس سمات العناد، كأن منصب الرئيس فى حد ذاته وفى مصر تحديدًا يزرع العناد فى جينات صاحبه، اعتداد مخلوط بالعناد وعناد مُعتز باعتداده، وهو فى كل الأحوال خطأ رهيب لا يتورعَّ رؤساء مصر عن ارتكابه، ثم إن الرئيس، خصوصًا فى لقاءاته الأخيرة، لا يسمع إلا صدى لصوته.

فالأجهزة الأمنية التى يعتمد عليها الرئيس ويثق فيها استوعبت ما يريده الرجل فتلبىِّ ما يريد.

الأجهزة الأمنية ليست مؤسسة واحدة، فضلاً عن أنها أصلاً تملك قيادات ربما تنفصل هى الأخرى عن قاعدتها، فالموظفون فيها يتصرفَّون كما كل موظفى الدولة عبر تكييف التقارير والمعلومات على هوى ما يريده مديرهم، ثم هى عمومًا تفشل فى قراءة السياسة، تنظر إلى كل شىء وحركة وشخص مختلف باعتباره خصمًا وربما عدوًّا، وتحركها الهواجس والهلاوس أكثر مما يحركها العقل البارد المتجردّ.

ثم إن حكومة شريف إسماعيل متواضعة تمامًا فى الذهنية السياسية ومجبولة على السمع والطاعة والانحناءة، فكيف لها أن تنطق بأى اختلاف؟ هى أصلاً لا تختلف فى شىء أو على أى حاجة، بل مستعدة أن تضع توقيعها فى أى فراغ على ورقة يأمرها الرئيس بأن تضع توقيعها فيه.

هل يجرؤ شريف إسماعيل على أن يكلمّ الرئيس فى التليفون (هل هذا مسموح له أم لابد أن يطلب مدير مكتب الرئيس أولاً؟!!) ويطلب منه اجتماعًا لمناقشة وتحليل مظاهرات الجمعة؟ أبدًا ومستحيل.

لأن شريف إسماعيل أصلاً ليس لديه أى تحليل ولا أى اهتمام ولا يرى أنها موضوعه أصلاً، ثم إنه لا يجرؤ على أن يبدو مهتمًّا بشىء لم يطلب منه الرئيس أن يهتم به.

ثم إن الرئيس ليس لديه مستشارون سياسيون، وحتى السيدة فايزة واللواء أحمد فإنهما من أبناء الدولة المخلصين، تم تربيتهم كل هذه السنين على السمع والطاعة والولاء الأعمى والاعتقاد العميق الصادق أن الرئيس بيفهم أحسن منهم ومن أى حد، فكيف بهم يناقشونه؟ ثم إنهم أيضًا لا يملكون التواصل معه مباشرة بل فى حاجة إلى الاستئذان للمجىء إلى الاتحادية وتحديد موعد مع الرئيس.

إن أقصى أمانيهم هو مدير مكتب الرئيس. المحصلة أن الرئيس سوف يستخف بالمظاهرات كحدث وكدلالة وكرسالة وكمؤشر، هى فى حد ذاتها أقل أهمية من رسالتها، وهى فى عددها وشعاراتها أقل خطورة من تداعياتها وتراكماتها.

الرئيس كذلك متواصل مع سيرة سابقيه، يوقن أنه لا يخطئ وأنه يفهم أكثر ويعرف أكثر، وهو يتصرفَّ كما تصرفَّ كل سابقيه على اعتبار أن شعبه رعايا وليسوا مواطنين، وأن الشعب مابيفهمش زيهّ ولا يعرفش زيهّ وعشان كده لازم يسمع كلامه عشان مصلحته (مصلحة الشعب!!).

إذن بدلاً من التقاط المعنى والمبادرة فورًا بالاحتكام إلى الشعب فى قضية تيران وصنافير، سيستمر الرئيس فى ما استمر فيه سابقوه.

هذا ما لا أتمناه ولكن ما أتوقعه.

اقرأ أيضًا:

رصد شامل لمواقع بث سموم التحريض في عقول المصريين

قائمة الموافقين على التنازل للسعودية عن جزيرتي تيران وصنافير

تعرف على “أبو جلابية” الذي أحرجه الرئيس

حرب خرائط بين السعودية ومصر .. لمن النصر؟

أسوأ 11 تصريحًا عن “تيران وصنافير”

تعرف على مواقف 14 شخصية عامة من جزيرتي “تيران وصنافير”

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا