وكأن توفيق الحكيم في كتابه “ثورة الشباب” والذي صدر في عام 1975 يخاطبنا الآن ولعل من رسائله ما ينفع النظام القائم بشقيه السياسي والإجتماعي، حيث يقول: “إن الشيوخ لا يستيفيدون من أخطائهم عبر التاريخ.. وبدأت حصون الشيوخ تهتز.. وانهارت الثقة.. ولكن الشباب لم يشيد لنفسه حصونا؛ إنه حديث العهد بثورته وشعوره بذاتيته.. ليس عنده أفكار واضحة منسقة.. إنها ككل ثورة في بدايتها تدك الحصون القديمة ثم تقف حائرة بعض الوقت لا تدري ماذا تفعل”.
حاولنا نحن الشباب أن ندك الحصون القديمة، وما زلنا مستمرين، وقد حدث ما حذر منه من كتب عن شجرة الحكم قائلًا: “وهم -الشباب- كلما ثاروا اشتد الجيل السابق في اعتصامه بحصونه واتسعت شقة الانفصال بين الأجيال”.. وفي تقديري أن هذا ما يحدث الآن إلى الحد الذي يهدد في وجهة نظري سلامة هذا المجتمع وبنيانه.
تابعت كما تابع الملايين حديث الرئيس السيسي لبعض فئات المصريين في محاولة لتصحيح بعض ما أثير حول بعض القضايا الملحة وفي صدارتها تيران وصنافير، وبعيد عن الجدل الدائر حول تبعيتها حيث لا أرغب في الخوض فيه، ولكن كان من دواعي العجب أن يشير الرئيس السيسي إلى عام الشباب في أخر حديثه، وقال إنه يشعر بأنه لم يفعل الكثير للشباب، والحقيقة أنه فعل كثيرًا ولكنه لم يشعر، فما وصل إلى كثيرين من الشباب أنه هذا الرجل يريد أن يمارس سلطته الأبوية، تلك السلطة التي يرفضها أبناء هذا الجيل، قد يصمتون أمامها تأدبًا في بيوتهم وخجلًا أمام فارق السن، لكنهم يصلون كل لحظة من أجل فرصة لنقاش عادل على أسس من المنطق والعقلانية، فلا تجدي دائمًا كلمات الأب أن اغلق هذا النقاش أبدًا وتظل رغبة الجدل فائرة إلى حين.
شعور ربما يعلمه جيدًا الرئيس السيسي فهو أب قبل أن يكون رئيس، ولكن يؤسفني أن أقول له أنك لست أبانا الذي في السلطة وأن أبوية السلطة انتهت مع رحيل مبارك، بل أنت رئيسي في العمل وكلنا نعمل من أجل مصر، وما بيني وبينك هو الدستور والقانون واحتراكي لك كرمز وطني ولا فضل لمصري على مصري إلا بحب الوطن والعمل.
يتعجب الرئيس من عدم رؤية الشباب للإنجازات أو حدوث التغيير وكأن الشباب هم المشكلة و سيظل متعجبًا إذا لم تتغير لهجة جيل الشيوخ مهما كام فيها من رغبة للنفع ونية الإصلاح.
وهنا يقول من ضرب قلمه عمق مجتمعنا نجيب محفوظ في واحدة من مقالاته عن الشباب ومفهوم الحرية عام 1981 “إنه لا توجد مشكلة خاصة بالشباب وأن المشكلة الحقيقية هي مشكلة الكبار الحائزين للرشد والنضج، والممارسين لأسباب التوجيه والقيادة في المجتمع، هم الذين يصنعون الدراما الإنسانية” وفي رأيي فإن الرئيس صنع كوميديا سوداء حينما تحدث في نفس اللقاء عن جعل السوشيال ميديا وهي لغة شباب هذا الجيل كالدائرة المغلقة بعد تقفيلها بكتيبتين، ثم يتسائلون أين الشباب!!
إذا كان بالفعل كما وعد الرئيس أن يكون 2016 هو عام الشباب، فلابد أم تكون البداية من خطاب إعلامي مختلف تمامًا عن الماضي.
نرشح لك: حسام الدين حسين يكتب : الإعلام و الأمن القومي .. اتجاه عكسي
اقرأ أيضًا:
.