فرق كبير بين الثقة فى النيات والثقة فى القرارات.
.الرئيس السيسى دائم الإلحاح على أن أى اختلاف معه كأنه انتقاص للثقة فيه، وأى مناكفة مع إجراءاته أو أفكاره هى محض تشكيك أو عدم ثقة فيه شخصيًّا؛ لذا فإن أغلب خطاباته يكرّسها للحديث عن شخصيته وتزكيته لنفسه، والحقيقة أن الثقة فى نيات الرئيس وعزيمته وصدقه كبيرة جدا عند قطاع كبير من الشعب. لكن هناك فارقًا واسعًا شاسعًا بين الثقة فى النيات وبين الثقة فى القرارات والإجراءات.
.الشعب يحتاج إلى الشفافية وإلى المشاركة فى القرارات والإجراءات والأولويات بعيدًا عن ثقته فى شخص الرئيس ونياته.
طبعًا هناك القطاع العميانى مع الرئيس، يحبونه ويرونه صمامًا للأمن والاستقرار، فمستعدّون لتسليم أنفسهم وعقولهم له ويعتبرون ذلك دليلاً على الوطنية وحب البلد، والأدهش أن الرئيس يَسعد ويَرضى بهذا التسليم له «عميانى» بل ويراه كذلك وطنية.
لا يجب أن ننسى جميعًا أن الحب الأعمى والتأييد العميانى كان سمة تعامل الأغلبية العظمى من الشعب المصرى مع عبد الناصر ثم السادات، فماذا كانت المحصّلة؟ وبالمناسبة فالرئيس السيسى لم يجمع -قطعًا- خبرة هذين الزعيمين فى السياسة والرئاسة، ثم كان هناك التسليم العميانى كذلك ثلاثين عامًا من قطاع كبير من الشعب للرئيس الأسبق مبارك مع الإغداق عليه بصفات الحكمة والرؤية وبانى مصر الحديثة، فماذا كانت المحصّلة؟
.دعنا نؤكد أيضًا أن التأييد العميانى هو مقتل جماعة الإخوان حيث مرشد أعمى يقود بصيرًا، حيث ولاء مَهووس من الفرد للمرشد إلى حد أن مرشد الإخوان لو قال للإخوانى إن الأفيال تطير لصدّقه وآمن بها حقيقة لا تقبل الشك؛ لأنها صادرة عن المرشد. هذا ما جعل الإخوان جماعة كئيبة منعزلة ومعزولة عن واقعها وتصدق أى أوهام وخزعبلات يرميها قادة الجماعة فى مسامع أفرادها، فكنا جميعًا نشعر بالذهول حين يصدقون بمنتهى الحماس أن مرسى راجع فى صلاة العصر، أو أنهم سيصلّون الفجر فى الاتحادية، وهذا الخرَف الذى كان يصدقه الإخوان بمنتهى الهمة.
.لا يجب إذن أن يتحول قطاع من شعبنا إلى قطيع سياسى على طريقة الإخوان، ومن المستحيل أن تقبل العقول السليمة السوية بتسليم نفسها لشخص حتى لو كان موضع محبة وتقدير وشعبية.
الثابت أن العميانى منهج يجمع بين الخطأ والفشل طيلة الوقت، لكنه المنهج القديم الذى لا يزال ساريًا حتى الآن فى دوائر الدولة كما استخدم نفس الأفكار القديمة ربما بنفس الشخصيات القديمة، وبالمؤكد نفس الأجهزة القديمة فى معالجة ملفات الأمن والسياسة والأحزاب والشباب والتيار الدينى والمحليات والجهاز الإدارى للدولة والتعليم والتعليم العالى والصحة والسياحة والعمل طول الوقت، كما قلت وكتبت وأكرر وأؤكد أن هذا المنهج لن يذهب بمصر أبعد خطوة مما هى فيه.
.منهج التأييد العميانى وسياسة أهل الثقة وأهل الأجهزة، فضلاً عن الاعتماد المتطرف على الموظفين واللواءات فى كل تفاصيل ومؤسسات الدولة.
.مع غياب السياسة عن المسؤولين المختارين كلهم باعتبارهم لا يفهمون فى السياسة ولا لهم فيها ومش بتوع كلام ورغى وفلسفة فارغة، على حد مزاعم مَن يعتقد أن السياسة فلسفة فارغة. فإننا بهذا لن نروح لبعيد فى التقدم والتنمية..
بل أقصى ما نراه هو ما نعيشه حاليا، حيث بين الحين والآخر سنرى أشياء جيدة أو إيجابية أو رائعة بينما السائد هو ملل وبطء وقلة حيلة وارتباك وعشوائية وارتجالية.
من حق المؤيدين أن يؤيدوا، وبعضهم يراه واجبًا وهو حر فى ذلك، لكن التأييد لا يعنى العمى ولا يعنى العميانى، فضلاً عن أن المؤيد العميانى لا يجب أن يغضب من أى مفتَّح، التأييد الراشد العاقل المبصر شأن المعارضة الراشدة العاقلة المبصرة، هما إنقاذ للبلد وللتأييد والمعارضة أنفسهمها.
.وبالمناسبة، لا يفوتنى والأمر كذلك إلا أن أشرح لك العمى بتعريف معنى النظر، حيث أتبنّى تمامًا تعريف المبدع الكبير لينين الرملى بأن الشوف مش نظر، الشوف الحقيقى وجهة نظر!
اقرأ أيضًا:
.