سما جابر
هناك أوقات نشعر فيها أنها النهاية ثم نكتشف أنها البداية… مقولة خبير التنمية البشرية إبراهيم الفقي، التي اتفق معناها مع نهاية السيمفونية القصيرة، فيلم “حار جاف صيفًا”، للمتميزين الثلاثة محمد فريد وناهد السباعي والمخرج شريف البنداري، والذي عُرض مؤخرًا في مصر عبر فعاليات مهرجان الإسماعيلية للافلام التسجيلية والقصيرة.
30 دقيقة مليئة بالتفاصيل الحقيقية والبساطة في تجسيد الشخصيات.. 30 دقيقة من الطيبة والمعاناة والأمل.. مشاعر مختلطة تتمكن منك وأنت تشاهد أبطال هذا الفيلم، من أصغر الأدوار كالابن وسائق التاكسي الذي قام بدوره الممثل محمد عبد العظيم وصديقة العروس التي جسدتها الممثلة دنيا ماهر، والعاملة بصالون التزيين الشعبي، وصولًا إلى بطلا الفيلم الرئيسيين؛ العجوز عم شوقي والعروس الشابة دعاء، اللذان جمعهما “الأمل” صدفًة.
تبدأ رحلة البحث عن الأمل مع مريض السرطان الذي يتعجب طبيبه المعالج أنه ما زال على قيد الحياة حتى الآن بسبب اشتداد المرض عليه، مرورًا بمقابلته العروس المُقبلة على الحياة بأحلامها البسيطة، فيجمعهما زحام وضجيج شوارع القاهرة في حر الصيف.
هي مثلها مثل أي فتاة لا تتمنى سوى ارتداء الفستان الأبيض واقتناء ألبوم صور يجمعها مع شريك حياتها في ليلة العمر، وهو يسعى لأن يعيش ما تبقى له من أيام بدون آلام المرض.
قلق، يعقبه ترقب، يمتزج بمشاعر الحنية والطيبة والابتسامة، لينتهي بطاقة من الأمل تلك المشاعر التي تسيطر على المشاهد أثناء عرض الفيلم، رغم العقبات التي يقابلها أبطال الفيلم خلال بحثهم عن آمالهم البسيطة.
قلق.. من أن ينسى “عم شوقي” إحدى تعليمات ونصائح ابنه له قبل ذهابه للطبيب الألماني، الذي يرى فيه الأمل الأخير لعلاجه من مرض السرطان.
ترقّب.. تعيشه مع عم شوقي، فالأفكار السيئة تظل تلاحقك، مُتسائلًا هل سيستطيع العجوز الوصول إلى العروس الشابة التي أخذت شنتطه المليئة بالإشاعات والتحاليل بالخطأ؟ هل أصلًا سيصل العم شوقي إلى طبيبه حي يرزق؟!، بينما تظل منتظرًا أحلام العروس البسيطة وهي تتحقق “بالعافية”!.
الحنية والطيبة الممزوجة بالسذاجة.. فتشاهد العروس التي تحاول إسعاد نفسها والعجوز المريض أيضًا بأبسط الأشياء مثل “الأيس كريم والبارفان”، أما هو فحقق لها حلمها الوحيد في الحياة بأن يكون بديلًا لعريسها في صورة زفافها –على أمل أن يكون الفوتوشوب حلًا بعد ذلك وتوضع صورة عريسها مكانه- بعد المأزق الذي وضعها فيه العريس وذهابه لجلب أسرته من قريته لحضور الزفاف، فأصبح عم شوقي هو العريس المؤقت!.
نرشح لك: محمد فريد عن حلاقة شعره في “حار جاف صيفا” : بيقولوا موضة
رغم أن فكرة الفيلم الأساسية “الأمل”، نوقشت في العديد من الأعمال الفنية، ورغم أن الشخصيتين الأساسيتين مأخوذتين من فيلمي “صباح الفل” و”ساعة عصاري” للمخرج شريف البنداري، إلا أن حار جاف صيفًا له طعمًا مختلفًا، تشاهده دون أن تستطيع مقارنته بأي عمل أخر، كذلك لا تستطيع تخيل ممثلين أخرين يلعبون بطولة الفيلم غير ناهد السباعي ومحمد فريد،، محمد فريد الذي برع في تجسيد دور العجوز المريض، جسديًا وحركيًا وأداءً فنيًا، ورغم طول مشواره الفني الذي يتعدى 150 عملًا فنيًا، إلا أنه في رأيي ستظل الثلاثون دقيقة مدة هذا الفيلم هم الأبرز في تاريخه، وهو ما سيلاحظه الجمهور بعد مشاهدة العمل.
أما ناهد السباعي، فبجانب جرأتها بأن تظهر بهذا الشكل البسيط بدون ماكياج في العديد من الأعمال، إلا أن ملامحها المصرية وطريقتها المحترفة في التمثيل، والطبيعية التي تتمتع بها بشكل كبير، حققت أيضًا من خلال “حار جاف صيفًا” علامة ستظل مميزة في مشوارها الفني، بينما المخرج شريف البنداري فهو البطل المجهول الذي تشعر أنك تراه على الشاشة طوال أحداث الفيلم من خلال الكم الهائل من التفاصيل، بدايًة من زجاجة المياة المثلجة وشنطة “التحاليل والإشاعات” الصفراء، وصولًا لمشهد النهاية الذي يجمع العروس الشابة بعد سنوات من زواجها مع طفلها، ويجمع عم شوقي بعد شفائه مع ذكرياته القصيرة مع العروس!.
أحداث الفيلم في ظاهرها تحوي الكثير من “الهَمّ” لكن في باطنها الكثير من الأمل والتفاؤل.. فهناك أوقات نشعر فيها أنها النهاية ثم نكتشف أنها البداية….
نرشح لك: البنداري: شخصيات حار جاف صيفًا مستوحاة من هذه الأفلام