أحمد فتح الله يكتب: ماسبيرو.. المضمون أهم أم الشكل؟

وسط صخب الاعلام الحالي تحافظ القنوات المصرية الحكومية على شكل هادئ ومتزن وتقدم برامج بعيدة كل البعد عن المعارك والصوت العالي الذي يسيطر على برامج القنوات الخاصة في مصر.. ولكن هل هذا يكفي؟ بالتأكيد لأ.

تابعت مؤخرا برامج عدة على شاشة ماسبيرو في محاولة للهروب من الشكل الصاخب الذي صار يميز أغلب القنوات الفضائية الخاصة المملوكة لرجال أعمال، لدي ملاحظات عدة أريد تسجيلها في هذا المقال. منها مثلًا ان برامج ماسبيرو فعلًا جيدة وبها جرعة كبيرة من المهنية، وأصبح هناك بعض (أقول بعض) الحرية التي لم تكن موجودة في ماسبيرو من قبل لكن في المقابل هناك عدة عيوب في برامج التليفزيون الرسمي للدولة منها ضعف الامكانيات، وهذا يظهر بشدة في كل البرامج التي شاهدتها، مثلًا الديكور في البرامج فقير جدًا وكأن من صممه موظف حكومي وليس مهندس ديكور، كما يظهر عدم تناسق في الألوان ووجدت أكثر من قطع أو خدش أو حتى كسر واضحًا في ديكورات أكثر من برنامج.

أيضًا هناك مشاكل خاصة بالإضاءة .. لا يوجد أي اهتمام بأن تخرج البرامج بإضاءة مبهرة وواضحة بل على العكس ظل المذيعين يظهر في العديد من البرامج، وهذا عيب إضاءة شنيع، وملامح الناس سمراء كئيبة وكأن هدف الإضاءة في ماسبيرو إظهار وجوه الناس حزينة وليست مشرقة، وكأنهم لا يستخدمون معدات حديثة بل لمبات نيون قديمة وبدائية. الكاميرات أيضًا واضح أنها قديمة وصورتها رديئة لا اعرف السبب في ذلك. هل لا يستخدمون كاميرات رقمية عالية الوضوح في ماسبيرو؟ لا يحتاج ماسبيرو لتغيير الأسماء والمناصب وفقط لكنه يحتاج ايضا لثورة في الشكل النهائي.. الإعلام منتج مثل اي منتج.. هل يمكن لشركة شوكولاتة مثلًا أن تقدم خامة شوكولاتة جيدة لكن تغليفها ردئ وقديم؟ نفس الأمر مع الإعلام هو في النهاية منتج يقدم للناس فيجب أن يكون المحتوى والشكل لائقان ومناسبان للعصر الحديث الذي نعيش فيه.. محتوى محترم ومهني وشكل خارجي مبهر.. إضاء جيدة.. كاميرات عالية الوضوح.. ديكورات مبهرة تسرق العين وكل ذلك لا يحتاج أموال بقدر ما يحتاج فنانين ومبدعين وليس موظفين. إذا كنا فعلًا نرغب في ماسبيرو قوي فيجب ان ننظر لتجربة بي بي سي كنموذج.. هي في النهاية شبكة أشبه بالحكومية لكنها وفرت للعاملين بها مساحة من الحرية ووظفت ناس مؤهلة ولديها حس فني ومهني فخرجت النتيجة النهائية مبهرة وباتت مصدر ثقة لملايين المتابعين في كل مكان. وماسبيرو يجب ان يعود قويًا ليقدم للناس ما لن يجدونه في قنوات لها مصالح سياسية أكثر منها مصالح لخدمة الجمهور.. رسالة لمن يهمه الأمر في هذا البلد.. انقذوا ماسبيرو وساعدوه على النجاح!