نقلا عن الشرق الاوسط
هل شاهدت نجومنا في العروض الخاصة؟ أنصحك ألا تحاول أن توجد في تلك المناسبات، إذا كنت من هؤلاء الذين يفضلون أن يحتفظوا في خيالهم بصورة مثالية لهذا النجم أو تلك النجمة، سوف تفاجأ بأن عددا منهم، وبينهم بالمناسبة أنصاف مشاهير، أحاطوا أنفسهم ببودي غارد، ليس واحدا بل فريق كامل ممن تستعين بهم وزارات الداخلية في مكافحة الشغب. تستوقفك عضلاتهم النافرة وأياديهم المتشابكة، وفي علم قراءة الجسد هذا يعني لا تقترب وإلا، أكيد تعرف ما الذي تعنيه «وإلا»، خصوصا لو أضيف لها نظرة بها «عين حمرا»، حتى لو لم تكن في الحقيقة كذلك، فأنت ستراها كذلك.
كثيرا ما توجد عشرات الكاميرات ومئات من الصحافيين في مثل هذه العروض واللقاءات، مقدمو البرامج يتدافعون بحثا عن مادة مجانية، حديث لنجم ليعرضوه على موجة تلك القناة، من حق الفنان بالطبع الاعتذار، ولكنه ليس بحاجة إلى هذا العدد الضخم من الحراس، حيث يبدو الموقف وكأنها الزفة الصاخبة التي يريد أن يقول الفنان من خلالها أنا مشهور، فيزداد التدافع حوله، هل تشعر مثلي بنفور بعد أن ترى النجم خلف هذا السور البشري، المكون من هؤلاء المفتولي العضلات، بينما هو فقط يرفع يده ملوحا من بعيد لبعيد لجمهوره.
في الماضي، كان النجوم يوجدون في الأماكن العامة، وأقصى ما يمكن أن يحدث هو أن تجد من يُمسك بأوتوغراف يطلب توقيعه. طبعا في السنوات الأخيرة، صار الأوتوغراف مثل الديناصور المنقرض، ومصيره هو المتحف، بعد أن أزاحته جانبا الصورة السلفي التي أصبحت هي لغة العصر.
لو عدتم إلى صور أم كلثوم في الحفلات، واللقاءات الجماهيرية، سوف تجدون معها ابن شقيقتها، مهندس الصوت محمد الدسوقي، فقط لا غير، وكان وجوده له ما يبرره، بينما عبد الحليم حافظ مثلا سوف تجد بجواره المونولجيست الراحل أحمد غانم، الذي كان يشارك أيضًا في الحفل، ورشدي أباظة وفريد شوقي وكمال الشناوي وغيرهم لن تجد أبدا بجوارهم أحدا، وكانوا يحرصون على أن يتسوقوا من المحلات العامة ليلتقوا مباشرة مع الناس.
لم تكن الجماهير بالطبع من الملائكة، ولكن كان لدى هؤلاء فيض من سرعة البديهة لكي يواجهوا أي أزمة، مثلا أم كلثوم في أغنية «ليلة حب» كانت تكرر مقطع «ما تعذبناش ما تغلبناش»، وفي الوقت نفسه كان أحد المهووسين بصوتها يقترب من المسرح مكررا: «ثاني ثاني.. يا ست»، فلم يمنعه أحد، ولكنها وبخفة ظلها أشارت إليه، قائلة: «ما تعذبناش»، فضحك الجميع وتراجع صاحبنا وهو يشارك الجميع في الضحك على نفسه، وفي تسجيل آخر لا تزال تحتفظ به الفضائيات، عندما حدث هرج ومرج في الصالة أثناء غناء حليم رائعة نزار قباني ومحمد الموجي «قارئة الفنجان»، لا حظ عبد الحليم أن هناك حالة من الانفلات، فلم يفعل أكثر من أنه صفر مثلما يصفرون، وطلب من جمهوره أن يتوقف عن الحركة، وبالفعل انضبطت القاعة، وقدم تلك القصيدة الرائعة وسط إنصات الجمهور.
عدد من الصحافيين والإعلاميين صارت شكوتهم الدائمة تتلخص في أن هؤلاء الحراس يمنعونهم من الاقتراب، ونصيحتي إليهم عندما تكفون عن طلب حوار، ولا يشعر النجم بأن هناك من يتزاحم حوله، سوف يتخلص من هؤلاء المدججين بالعضلات، وربما هو الذي سيطلب أن يحصل على صورة سيلفي معكم!!