“فقولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى”
لطالما كانت نقابة الصحفيين لسان حال الأمة لمخاطبة النظام، وقف على سلالمها الكثير من البسطاء من لا حول ولا قوة لهم، يحتمون بها للمطالبة بحقوقهم، وهتف عليها فئات الشعب بمختلف طبقاته واتجاهاته، موجها رسائل لك، عسى أن تتذكر سيدي الرئيس، لكن جماعات الشر التي تحدثت عنها انتهكوا حرمة صاحبة الجلالة في يوم لا يختلف في سواده عن يوم دخول نابليون بونابرت الأزهر الشريف بالخيل.
سيدي الرئيس لا تشتري عداوتنا والبعد عنا بثمن بخس، الصفقة خاسرة، فإقالة وزير الداخلية وإعادة هيكلة جهازه هو الربح، لا ترتضي أن تلوث ثوب شرعية الحب والثقة، بشرعية الخوف، أرخص أنواع الشرعية وأكثرها خداعاً لصاحبها، فالصحفيين الشرفاء ليسوا قطيعا يسير خلف مرشده ولسنا عملاء نركع لمن يدفع لنا ولا نجيد دق الطبول، ولا تثق فيمن ينحنون لك خوفاً فهم أول من سيقفزون من المركب عندما تغرق، أما من يقاتلون حتى الموت فكثيرون وهم أصحاب القضية هم المنتصرون، تذكر قول الله تعالى “فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ”.
سيدي الرئيس، في خطابك يوم 13 أبريل الماضي، وجهت لنا العديد من الرسائل الخاصة تحمل رائحة الضغينة، لا تضعنا في خندق معاد لك لأن الخسارة ستكون كبيرة ليس لنا فقط ولكن الهزيمة الكاملة لكم، فنحن من كنا دوما الوقود الذي يشعل فتيل الثورة والمحراث الذي يمهد الأرض عقب الفترات العصيبة، كنا معك في خندق واحد في 30 يونيو ومن قبل كنا في خندق واحد مع الشعب في 25 يناير، فنحن دوما في خندق الحق، فلا يغرنك المادحون أصحاب الشعارات الزائفة من جماعات الشر التي تعرفها وحذرتنا منها، لا تقع في فخها المنصوب للأمة.
سيدي الرئيس أزمة اقتحام النقابة كشفت الكثير من العداء الذي يكنه بعض الأشخاص للصحفيين، حيث انهالت علينا سهام التهم الباطلة ووصفونا بالخونة والمرتزقة، نحن لسان الأمة وضميرها، كما كشفت عن تفاهة بعض العقول التي لاترى في الجرائد سوى أنها أوراق يمسح بها الزجاج أو تفرش للأكل عليها، حاولوا محو تاريخ نضال 75 عاما، تصدى فيهم القلم لجميع الأنظمة منذ حكم الملك فاروق وحتى وقتنا هذا، فلم يتمكن أحد أيا كان من أن يقصف قلمنا، وهو في أصله ريشة نضعها على رأسنا فلا يكسر ولا يهان، ونقولها بكل فخر “أيوه احنا اللى على راسنا ريشة، ريشة تدافع عن المواطن، تدافع عن الحق”.
سيدي الرئيس لن يستطيعوا شراء تاريخ الصحافة، فالتاريخ لا يقبل الرشوة، فمن يطالبون بحبسنا وكسر أنفنا كما نادوا على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، هم من يريدون إشعال الفتنة بين الشعب والصحفيين، حتى لا يحتمي أي مواطن ضعيف ببلاط صاحبة الجلالة، التي كان يجري إليها عندما يتعرض لظلم لتنصره وتقف وراء ظهره، ألا يعقلون ما يقولون؟، لا نطلب منهم أن يتوقفوا عن كرهنا أو محاولة الرقص على أقلامنا المكسورة لأنه لن يحدث، لن تكسر أقلامنا ولن تهزم الصحافة لأنه في هزيمتها لا بقاء لشيء آخر بعدها.
سيدي الرئيس من يطالبوننا نحن الغير مقيدين بالنقابة بالسكوت، لا يعرفون معنى الشرف والكرامة، فالكرامة لا تمنح ببطاقة عضوية وإنما هي في خصال الشرفاء، أولا قضيتنا ليست القبض على عمرو بدر ومحمود السقا فهم ليسوا أول ولا آخر المصريين الذين اعتقلوا أو لفقت لهم تهما باطلة، وقضيتنا ليست قضية شخصية ولكنها قضية كرامة أمة انتهكت يوم الأحد الأسود وعادت بنا إلى عصر المخلوع مبارك حين انتهك عرض الصحفيات على سلم النقابة على مرأى ومسمع الجميع، فاليوم ينتهك عرض الصحافة لكسر أقلامنا حتى لا نخبرك بما يجري حولك، حتى لا نشعل النور لترى سقطاتك التي تغضب الشعب منك، فمن منا بلا أخطاء، ولكنهم يريدونها مدينة الظلام.
سيدي الرئيس، نفخر بكوننا صحفيين ونعتز بكرامة مهنتنا وقدسية نقابتنا، لا أفهم سر صمتك حتى الآن، فمن المؤكد أنك علمت بما حدث، والأمر يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة لإخماد الفتنة، فهز صورة الصحافة هو هز صورة الدولة بأكملها، فهي مرآة الوطن. أردت أن نعاملك بمثل ما تعاملنا، فاليوم نقول لك قولا لينا عسى أن تتذكر وتخشى، ونعاملك بالحسنى لأننا أصحاب حق وأصحاب الحق لا ينصبون أنفسهم آلهه ولا لها ينحنون.