محمد المهدي يكتب: تريثوا و لا تتسرعوا

في أقلِ من ثمانٍ و أربعينَ ساعةً تصاعدت أزمةٌ ربما لم نسمْع عنها من قبلِ في تاريخِ الصحافةِ المصرية منذُ نشأتِها بين (الشرطة و صاحبة الجلالة) ، فالأولي بدافعِ تنفيذِ القانونِ اندفعت للقبضِ علي صحفيينَ من داخلِ نقابتِهم علي الرغمِ من قانونِ الصحافةِ الذي يمنعُ القبضَ علي صحفيٍ إلا بعدَ إجراءاتٍ و اخطارٍ للنقابةِ و النقيب ، و الثانيةُ صعَّدت الأمرَ و مازالت ، ثأراً لكرامةِ الصحفي و المهنةِ التي يتمني الكثيرُ العملَ بها .

لكن السؤالَ إلي متي ستظلُ الشرطةُ تُخطئ بدافعِ تنفيذِ القانونِ و لماذا لم تصدْر وزارةُ الداخليةِ بياناً قبلَ إلقاءِ القبضِ علي الصحفيين و لماذا لم تخبْر نقيبَ الصحفيين قبلَ إلقاءِ القبضِ عليهم؟

و سؤالٌ علي الجانبِ الأخر للصحفيينَ في مصرَ ماذا لو كانت التهمُ الموجهةُ للصحفيينَ جنائيةً تخصُ إتجاراً في المخدراتِ أو الدعارةِ ، أو مدنيةً مثلَ قضايا النفقةِ و الأحوالِ الشخصية هل تقبلونَ بتنفيذِ الشرطةِ للقانونِ أم تصعدون أزمةَ ؟

قولٌ فصلْ الجانبان (الشرطة و صاحبة الجلالة) ، ليسَ علي حقِ رغمَ صدورِ قرارِ النيابةِ العامةِ بحبسِ الصحفيينَ خمسةَ عشرَ يوماً علي ذمةِ التحقيق ، فالعاقلُ يُدركُ وضعاً متأذماً تُعاني منه الشرطةُ في الفترةِ الأخيرةِ بسببِ انتهاكاتِ أمناءِ الشرطة و بعضِ الضباطِ في الشارع وهذا ربما يُعيدُ صورةً نمطيةً عن الشرطةِ قبلَ ثورةِ يناير 2011 و يُحرجُ السلطةَ التنفيذيةَ .

والصحافة ُتُعاني من أزماتٍ عدةْ مع الشارعِ المصري إما بخروجٍ عن المهنيةِ و فبركةِ بعضِ الأخبار و تأجيجِ صراعٍ دونَ تحققٍ من المعلوماتِ او اختراقِ الحياةِ الخاصةِ لبعضِ المواطنينَ بدافعِ السبقِ و تشويه سمعتِهم خاصةً عندما أصبحَ الصحفيُ يعملُ معداً لبرامجِ التوك شو ما لا يستطيعُ علي كتابتِه داخلَ الصحيفةِ فتحولَ من سلطةٍ رابعةِ للدفاعِ عن الحقوقِ و الحرياتِ إلي منصةٍ للأهواءِ و المصالحِ الشخصيةِ و هذا لو انطبقَ علي البعضِ لا يذهبُ للكلِ .

و النصيحةُ التي أوجهها للجانبيين (تريثوا و لا تتسرعوا) في تأجيجِ الصراعِ فالشرطةُ سلطةٌ تنفيذيةٌ واجبُها إنفاذُ القانونِ و لكنَ دونَ نسيانِ روّح القانونِ و الصالحِ العام ، أما الصحافةُ سلطةٌ رقابيةٌ تدافعُ عن الحقوقِ و الحرياتِ و تكشفُ عن الفسادِ و تُنيرُ المجتمعَ ، فالخاسرُ أنتم و من قبلِكم المجتمعُ الذي يتمني الأمنَ و الأمانَ و الاستقرارَ مع الوضعِ في الاعتبارِ حريةَ الفكرِ و التعبيرِ عن الرأي .