هذا المقال عبارة عن اعتذار صادق من جانبى ومن جانب كل من اراد فى يوماً ما ان يعيش فى وطن يعلى من شأن الحرية والديموقراطية، هو صيحة اعتذار متأخرة لاشقائنا فى الوطن من المواطنين الشرفاء وحزب الكنبة والمطبلاتية والراغبين فى الاستقرار.
بالاصالة عن نفسى وبالنيابة عن كل فصيلتى المهددة بالانقراض من المطالبين بالحرية والديموقراطية وحقوق الانسان، نعتذر لحضراتكم فرداً فرداً على كل الالم والتعاسة والخراب التى سببناها لكم عندما تجرأنا وفكرنا ان نطالب بحريتنا، وحلمنا اننا يمكن فى يوم من ايام المستقبل ان نشرح لكم وجهة نظرنا ونحصل على مجرد تعاطفكم (اللى هو اصلاً مش كفاية).
سيدى المواطن الشريف نحن نعتذر اننا دخلنا حضرتك فى دوامة من ايام ثورة يناير اللى انت اصلاً مش مستوعب هى حصلت ليه؟! ولا ايه الهدف منها؟! وعندك شعور قوى انك من 5 سنين بتلف فى غسالة يناير اللى للاسف مقدرتش تنضف قاذورات السنين اللى فاتت.
ومع الاعتذار السابق احب اقول لسيادتك اننا فعلاً عملنا ده واحنا مسلوبى الارادة كنا زى المنومين مغناطيسياً اتحركنا بالقصور الذاتى لاننا مؤمنين ان الحرية اغلى من الحياة، واتولدنا على كده واهلنا ربونا اننا نكون احرار ما نسجدش غير لله وما نصنعش صنم عجوة وبعدين لما نجوع ناكله !!
احنا اللى حركنا دوافع ومبادئ لو فضلنا نشرح لسعادتك فيها سنين مش حتفهمها ويمكن تموت قبل ما تستوعبها، القيم ديه اهمها هى حرية الرأى والكرامة الانسانية واحنا عارفين انها مصطلحات غريبة على جنابك، ويمكن تتهمنا بالسفه او حتى الزندقة والفجور لمجرد اننا اصلاً بنستخدمها فى كلامنا، بس صدقنى مش بايدينا احنا مدمنين المصطلحات ديه ومش عارفين نتعالج من ادمانها احنا فعلاً مرضى ومدمنين وحضرتك سليم وسوى !!!!
احنا اسفين اننا عكرنا صفو حياتك ومنعناك انك تستمتع بكل الانجازات بداية من الصاروخ الظافر والقاهر وحتى جهاز الكفتة، بس احنا ربنا خلقنا كده غاويين نكد وعندنا عيون فاحصة وناقدة ونظرتها للامور ضيقة، بخلاف ما شاء الله عيون حضرتك المفتوحة على اخرها لرصد كل الانجازات حتى التى لا تشاهد الا تحت المجهر !!!!
ممكن حضرتك تستمر فى نمط حياتك الروتينى عادى جداً وتتجاهلنا باعتبارنا طفيليات وتستمتع ببرامج “احمد موسى”، “مصطفى بكرى”، ” سعيد حساسين” وغيرهم وتكمل معاهم حياتك الوردية بلون ميه البطيخ !!!! وللاحتياط ممكن كمان تقفل الفيسبوك وكل وسائل التواصل الاجتماعى اللى كل شوية تنكد عليك وتغير الصورة النمطية اللى رسمتها من خلال اللى بتسمعه فى برامجك المفضلة !!!!
حضرتك ممكن فجأة تقفز وتقول زى “اينشتاين” وجدتها .. وجدتها !! وتطرح علينا الحل العبقرى “غوروا من البلد لو مش عاجبكم .. وسيبونا نستمتع بالانجازات لوحدنا ونلهط فى القشطة براحتنا”، بس فخامتك نسيت حاجة مهمة اننا من البلاد القليلة جداً على مستوى العالم اللى فرضت قيود على السفر منها لعدد من الدول، ده طبعاً غير المؤامرة الكونية اللى على بلدنا من كل دول العالم واللى ساهمت فى ان صورتنا اصبحت زى الزفت ودعمت فكرة ان مواطنينا يتوصفوا دايماً فى اى مكان بانهم صيع !!
كما حدث مع احد اقاربى عندما سافر لاحدى دول الخليج وارادت امه ان ترسل له شريط كاسيت (كان وسيلة ارسال الرسائل الصوتية قبل ظهور الفايبر و الماسنجر) وكان الشريط موجهاً لقريبى ولعمه الذى كان سبباً مباشراً فى سفره، فارادت الام ان تجامل العم وقالت “ربنا يخليك يا فلان .. سفرته بدل ما هو كان قاعد صايع!!” فتدخل الاب ومسح تلك الجزئية من الشريط مؤكداً بخبرته الامنية انه يمكن احياناً ان يحدث تفتيش واستماع لمحتوى الشريط، وصاح قائلاً “يقولواعلينا ايه لما يسمعوه فى الجهات السيادية هناك .. باعتين لهم واحد صايع !!”
وبعد ان اعتذرت لسموك وكمان شرحت فساد اطروحتك بخصوص خروجنا من البلد، احب اعترف لجلالتك اعتراف اخير اننى عندما نزلت ثورة يناير لم اكن احلم كسائر الثوار بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية بل كان اقصى طموحاتى ان تتحقق الحرية فقط، لانى اعرف جيداً انه بعد سنوات طويلة من الفساد وديكتاتورية الادارة فى مصر اصبح كلاً من العيش والعدالة الاجتماعية من المستحيلات كالعنقاء والغول والخل الوفى.
اخيراً وبعد ان صدعت معاليك وضيعت كتير من وقتك اللى كان ممكن تقضيه فى حاجات امتع كتير مثل لعب البريدج وركوب الخيل وممارسة رياضة التزحلق على الجليد، اقول لوجاهتك زى ما قال “محمد صبحى” لمواطن برضه شريف فى مسرحية “تخاريف”: “شكراً روح لامك!!!!”