رائد عزاز يكتب: رجال أعمال حكموا الأندية بالمال!

نقلاً عن جريدة “الفريق”

خلال النصف الأول من القرن الماضي كان كرسي رئاسة الأندية الرياضية الكبري حكرًا على الوزراء والسياسيين الذين تسابقوا للجلوس عليه من أجل تعزيز علاقاتهم الاجتماعية وزيادة أسهمهم الشعبية، لكن بعد قيام ثورة يوليو 52، تحولت الدفة ناحية قيادات الجيش والشرطة أصحاب النفوذ والسلطة، قبل أن يظهر على الساحة رجال الأعمال الذين أنفقوا الكثير من الأموال في سبيل الوصول إلى المنصب الذي يضمن لهم اقتناص التوكيلات التجارية والحصول على العضوية البرلمانية.

سأستعرض معكم حكايات بعض من أصحاب الثروات الذين حكموا أنديتنا الجماهيرية العريقة قديمًا وحديثًا:

الأهلي: عندما تزوج أحمد عبود باشا من ابنة مدير الأشغال الهندسية للجيش الإنجليزي انفتح أمامه طريق احتكار بناء كل المنشئات العسكرية لقوات الاحتلال في فلسطين، وتحول إلى مليونير في غضون سنوات قليلة. عمد بعد ذلك على تحسين صورته عن طريق تقديم التبرعات السخية للأعمال الخيرية، كان منها بناء حمام سباحة جديد داخل القلعة الحمراء تكلف وقتها رقما أسطوريا ( ثلاثة ألاف جنيه)، وهو الأمر الذي أكسبه شعبية طاغية أهلته لاحقا لرئاسة الكيان مدة 15 عاما متتالية قام خلالها بتشييد مدرج الدرجة الثالثة الحالي، واشتري جزءا كبيرا من أرض نادي الفروسية المطلة على النيل ليضمها إلى مملكة الأهلي بالجزيرة.

أنفق طوال فترة ولايته على كافة الأنشطة الرياضية والإدارية من جيبه الخاص رافضا تلقي أي دعم حكومي، ومع ذلك صدر قرار جمهوري بإقالته سنة 61 مع مصادرة معظم ممتلكاته الشخصية بموجب القوانين الاشتراكية!

المهندس محمود طاهر اكتسح الإنتخابات الأخيرة بفضل المبالغ الهائلة التي رصدها لتطوير الخدمات والمباني داخل فرعي الجزيرة ومدينة نصر، بالإضافة إلى وعوده بتحمل مصاريف التعاقد مع نجوم مميزة ومدرب عالمي لفريق كرة القدم، لكن مستشاري السوء ورطوه في صفقات فاشلة أضاعت البطولات وأوقفت الإنجازات، فتصاعدت ضده نبرة الاحتجاجات ورفع أحد الأعضاء دعوى قضائية تطالب ببطلان انتخابه وهو ما أقرته المحكمة مؤخرا قبل أن يلتف الوزير على الحكم الصادر ويعيد تعيين نفس المجلس المنحل الذي رفض نصف أفراده مبدأ العودة.

الزمالك: وقع الاختيار على التاجر الشهير عبد الحميد الشواربي لتولي مهمة قيادة سفينة القلعة البيضاء سنة 55، إلا أنه استقال بعد ثلاثة أشهر فقط معلنا أن رجال الأعمال لايصلحون لرئاسة الأندية لأنهم يتعاملون بحسابات المكسب والخسارة التي لا تتفق مع سياسات وتوجهات الهيئات الرياضية.

الثري المعروف عبد اللطيف أبو رجيلة (إمبراطور الأتوبيس) تقلد نفس المنصب في العام التالي وتبرع ببناء الإستاد الحالي بميت عقبة ليكون بديلا عن المقر القديم المتواضع، وتكفل بمصاريف استضافة فرق أوروبية كبيرة من أجل اللعب أمام الفارس الأبيض الذي تطور مستواه بشكل لافت جعله ينتزع لقب مسابقة الدوري العام لأول مرة في تاريخه. مجلة روز اليوسف فتحت ملف السماسرة المصريين الذين حصلوا على عمولات من عوائد بيع الأسلحة الفاسدة خلال حرب 48، وكان من بينهم أبو رجيلة الذي حاول إبراء ذمته أمام القيادة السياسية عن طريق التعهد بتوفير أسطول ضخم من الأتوبيسات لنقل الجنود إلى الجبهة، غير أن فرمانات التأميم طالت غالبية شركاته فأصيب بحالة اكتئاب وهاجر إلي إيطاليا.

توالت بعد ذلك على زعامة البيت الزملكاوي أسماء متعددة تنتمي لفئة أصحاب الملايين الطامحين لحصد مزيد من الشهرة الإعلامية والوجاهة الاجتماعية.. أذكر منهم: علوي الجزار، حسن أبو الفتوح وممدوح عباس.

المصري البورسعيدي: المقاول سيد متولي سافر للعمل في ليبيا أوائل سبعينيات القرن الماضي وحقق هناك نجاحات مالية كبيرة، عاد بعدها للاستقرار داخل المدينة الباسلة وقدم تبرعات سخية للحزب الوطني الذي زكاه للتعيين عضوا بمجلس إدارة النادي المصري ثم دعمه للفوز بالانتخابات اللاحقة على كرسي الرئاسة الذي لم يجلس عليه طويلا بسبب ارتكابه مخالفات جسيمة أدت للإطاحة به. سعى مرارا للوصول إلى مجلس الشعب من أجل الحصول على الحصانة التي ستساعده علي تعويض خسائره، إلا أنه فشل في كل المحاولات مما دفعه لنقل مشروعاته وإستثماراته إلى دولة ألبانيا التي كون فيها فريقا حمل اسم “تيرانا”. رجع بعد سنوات قليلة لأرض الوطن وتمكن من استعادة مكانته ومكانه داخل المنظومة الرياضية البورسعيدية قبل أن توافيه المنية عام 2008.

رجل الصناعة عبد الوهاب قوطة جمع خلال حقبة التسعينيات ما بين عضوية البرلمان ورئاسة النادي المصري الذي نال معه أولى بطولاته الكروية المحلية، ورغم ذلك تم القبض عليه عقب ثبوت إدانته بإصدار 36 شيكا دون رصيد!

الخبير السياحي والمنتج السينمائي كامل أبو علي تولى المسؤولية على فترات متقطعة ثم انسحب سريعا من المشهد وتفرغ لمباشرة أعماله الخاصة وسط مطالبات جماهيرية بعودته لإنقاذ النادي من عثراته المتكررة.

الاتحاد السكندري: يوسف حويلة رئيس إحدي شركات الزيوت استطاع في غفلة من الزمن أن يمسك بزمام الأمور داخل معقل زعيم الثغر الذي كان يواجه حينها أزمات خطيرة كادت تعصف بمسيرته واستقراره.

حويلة أنفق أرقاما فلكية على التعاقد مع لاعبين مهرة واستخدم نفوذه لتقوية مركز سيد البلد، لكنه سرعان ما سقط في قضية رشوة ودخل السجن برفقة زميله شريف الحلو -أمين الصندوق- الذي تم اعتقاله بتهمة الاتجار في العملة.

هناك نماذج أخرى عديدة من رجال الأعمال الذين استخدموا سلاح المال من أجل الوصول إلى المنصب صعب المنال، منهم على سبيل المثال: مصطفى الرموزي (السويس)، طاهر القويري (الأوليمبي)، عبد القادر أبو فريخة (طنطا)، يحيي الكومي (الإسماعيلي)، وإبراهيم مجاهد (المنصورة).