نقلاً عن المقال
الرجل الذى خرج من شباك الأتوبيس قائلا للرئيس (ماتخافش) لم يكن ناصحا أمينا، فهناك أشياء من مصلحتنا جميعا أن تعمل لها الرئاسة ألف حساب.
يبذل رئيس الجمهورية مجهودا شاقا فى إقامة مشروعات مستقبلية مهمة، وهو يفعل ذلك كما يقول تحت عنوان (إحنا بنبى دولة)، وهو أمر جيد، ولكن لدى تحفظ، أن بناء الدولة لا يقوم على المشروعات فقط ولكن يجب أن يسبقه بناء الإنسان الذى سيعيش فى هذه الدولة، يجب أن تخاف الرئاسة من فكرة أنه فى يناير ويونيو لم يخرج الناس بحثا عن المشروعات ولكن بحثا عن كرامة وحرية، وهذا أمر آخر يجب أن تخشاه الرئاسة وهو أن تضيع على هامش بناء الدولة قيمة أفكار الحرية والكرامة الشخصية والعدل وهو ما يمكن ملاحظته من الطريقة التى تتعامل بها الدولة مع معارضيها؛ حبس واعتقال وفضائح شخصية وتكميم أفواه.
يجب أن تخاف الرئاسة من المحبة العمياء التى تبلع أية أخطاء وتتفانى فى تبريرها، “إذا أصبت فأعينوني، وإذا أخطأت فقوموني”، قال سيدنا عمر، وقال: “لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فيّ إن لم أسمعها”، هناك شيء آخر يجب الخوف منه أيضا و هو أن تقود المحبة العمياء أهلها إلى أن يقتلون فطرتهم بأيديهم، الفطرة التى يفترض أنها تجعل الواحد ينتصر للحق وللمظلوم، يقاومها البعض لو وجدوا أنها ستسيء للرئيس.
يجب أن تخاف من الخلط بين الرئيس والبلد، وقارن فى كل وقفة مؤيدة بين أعداد علم مصر وأعداد صور الرئيس، هذا الخلط سيجعل قاعدة التقييم هى (ما فى مصلحة الرئيس فى مصلحة البلد)، لن يقوى أحد على مراجعة موضوع مثل تيران وصنافير لأنه يحرج الرئيس وهذا ليس فى مصلحة البلد بالتأكيد.
يجب أن تخاف من مظاهر قلة القيمة التى تحيط بالدولة، وقفات المواطنين الشرفاء شاهرين أصابعهم الوسطى وعصيانهم فى وجه الصحفيين فى حماية الشرطة أو وجوه أتلفتها الغرز الطبية تقف ترقص بأعلام السعودية فى ميدان عام، والجميع مؤيد ومعارض يعرف أنها وقفات مدفوعة الثمن تدعم بها الدولة نفسها أمام كل من تسول له نفسه المعارضة.
يجب أن تخاف من اعتبار الرأى العام قاصرا (ماحدش يتكلم فى الموضوع ده تانى) أو عدوا (ممكن أدخل على فيس بوك بكتيبتين)، هذه الإهانة تسحب من الرصيد ربما ببطء لكن بثقة، يجب أن تخاف من اعتبار من يطلب الحقيقة والعدل والشفافية أهل الشر، موضوع أهل الشر هذا يحتاج إلى إعادة تعريف، من وجهة نظرى بعض أهل المحبة العمياء بتوع (اللى تشوفه ياريس) هم أهل الشر فعلا.
يجب أن تخاف من نوع الناس التى تتحدث باسمك، تقول الحكمة (رسول الملك ملك) فانظر من يتحدث باسم الملك وكم شخص تخسر محبته فى كل مرة يفتح أحد هذه الأسماء فمه، يجب أن تخاف ليس من الظلم ولكن من أن يتحول الظلم إلى وجهات نظر.