نقلًا عن المصري اليوم
اقتحام قوات الأمن مقر نقابة الصحفيين، في سابقة تحدث للمرة الأولى في تاريخ «قلعة الحريات»، ليس قمة الكوميديا السوداء، في عصر ما بعد 30 يونيو.
الخطوات التي اتخذتها وزارة الداخلية، بعد واقعة الاقتحام، تستحق أن تسجل في موسوعة جينس، للأرقام القياسية، باسم وزارة الداخلية المصرية، كأغبى جهاز أمني على مستوى العالم.
أتفهم أن تبرر وزارة الداخلية، في بيانات إعلامية لاحقة للواقعة، لماذا أقدمت على تلك الخطوة غير المسبوقة، أو أن تجيش لواءاتها السابقين، لاحتلال برامج التوك شو، لتزييف الحقائق، وتأليب الرأي العام، على الصحافة والصحفيين- وفقا لما تم تسريبه من خطة التعامل مع الأزمة.
غير أنه مالا يمكن أن يقبله منطق، أن تختار وزارة «الوزير النيجاتيف»، آليات لا تمت للقانون بصلة، من أجل إخماد ثورة غضب أصحاب القلم، المفترض كما تدعى الوزارة أنها في معركة مع الصحفيين، من أجل سيادة دولة القانون، كيف تعلى سيادة القانون، وفي نفس الوقت تجيش «المواطنين الشرفاء»، وتحتضنهم، وتوفر لهم الحماية، وتعتبرهم سلاحها في تلك المواجهة، ألم يستح رجل الأمن، من ظهوره في مختلف وسائل الإعلام، بزيه الميري، وبرفقته «بلطجي أو بلطجية»، يمارس «قولا وفعلا» أفعال مجرمة بقوة القانون، ما هو شعوره حينما تجبره الأوامر على أن يكون حارس على من يخالف القانون، بدلا من كونه «أمين على سيادة دولة القانون».
إنه لأمر غاية في الخزي والعار، أن يدشن الوزير«النيجاتيف» مرحلة جديدة في عمر هذا الجهاز الوطني، الذي لطالما دافع بشرف وبسالة، عن سيادة دولة القانون، مرحلة شعارها «الشرطة في خدمة الوزير النيجاتيف»، بدلا من خدمة الوطن والمواطنين.
ليس معنى أنك في خصومة مع نقابة الصحفيين، أنك تتخلى عن دورك المنوط به، في حماية سيادة القانون، قبل أن تحمي الصحفيين الذين تقاطروا على ملاذهم الآمن للتعبير عن رفضهم، الجريمة التي ارتكبت في حق «البيت الكبير».
إذا كان الجهاز الشرطي لا يرى أن حماية من يناصبونه الخلاف، من صميم اختصاصه، لماذا يحاكم أمين الشرطة، أو الضابط، الذي يعتدي على مواطن، إثر نشوب أي خلاف بينهما.
الأدوار المنوطة برجال الشرطة، التي ينالون عليها رواتبهم من الضرائب التي يدفعها المواطن، تتمثل في: المحافظة على النظام والأمن العام، والآداب العامة، حماية الأرواح، والأعراض، والأموال والحريات، ومنع الجرائم، وضبطها، بث الطمأنينة، والأمن للمواطنين، بالتعاون والتنسيق مع هيئات وأجهزة الدولة بالاستناد إلى الدستور والقانون.
الاغتراب عن النفس أقصى ما يعانيه الإنسان، لكن يبدو أن رجال الأمن، بفعل السياسات التي أدمنوا ممارستها، باتوا غرباء عن الوطن، وليس عن أنفسهم فحسب.
خير الكلام:
قد يكون للعبقرية حدود، لكن الغباء لا عائق أمامه. إلبرت هوبارد