رائد عزاز يكتب: المراهنات في مصر و العالم

نقلاً عن جريدة “الفريق”

المراهنات على نتائج المباريات والبطولات الرياضية صارت صناعة عالمية ضخمة تدر عائدا سنويا يقدر بمليارات الدولارات، لذلك قامت الدول المعنية بهذا النشاط -أغلبها من أسيا وأوربا- بوضع ضوابط حازمة وقوانين صارمة تهدف لحمايته من تدخلات عصابات المافيا الإجرامية التي تسللت إليه بكثافة خلال الآونة الأخيرة وبدأت تعبث بنظامه ومقدراته طمعا في الأستحواذ على أرباحه الخرافية ذات الأرقام الفلكية.

التقارير الرسمية التي نشرها البوليس الدولي (الإنتربول) تشير إلى وجود أكثر من 400 مكتب حول العالم يعمل في ذلك المجال عبر آلاف المواقع المنتشرة على الإنترنت -معظمها غير مشروع- وأن أول عملية مراهنات موثقة تمت أوائل القرن الماضي داخل بريطانيا التي شهدت أيضا مولد باكورة حالات التلاعب حين اتفق ناديي مانشستر يونايتد وليفربول عام 1915 على فوز الأول لإنقاذه من الهبوط وهو الأمر الذي تسبب في خسارة جسيمة لكل الذين توقعوا هزيمته مما دفع المسؤولين لفتح تحقيق انتهي بشطب سبعة من لاعبي الريدز، أما أكبر فضيحة من هذا النوع فقد حدثت في إيطاليا سنة 2006 عندما ثبتت إدانة يوفنتوس العريق برشوة الحكام فعوقب بإيقافات وغرامات مالية ضخمة فضلا عن هبوطه لدوري الدرجة الثانية.

الحكومة المصرية تعترف ضمنيا بالمراهنات و تُحصل عنها ضرائب باهظة -بلغت 677 مليون جنيه عام 2014-  وفقا للقانون 111 المعدل بقانون 143 لسنة 2006 الذي ينص في مادته 74 على: “تحصل ضريبة نسبية من المبالغ المعدة للمراهنين على سباق الخيل وصيد الحمام وغيرها من أشكال المراهنات واليناصيب بواقع 60%، كذلك يتحمل الرابح ضريبة 20% من قيمة الجائزة المادية أو العينية”، في المقابل نجد أن الدين الإسلامي يحظر المراهنة بالمال ويعتبرها نوعا من الميسر المحرم شرعا، غير أنه يجيز الرهان إذا كان من طرف واحد وهو مايطلق عليه اسم (جعالة) بمعني أن يقول أحدهما للآخر: لو سبقتني في السباحة سأعطيك كذا أما إذا سبقتك أنا فلا شيء عليك، كذلك يبيحه بعض الفقهاء إذا كان بين صديقين على سبيل التحدي أو المزاح بشرط أن يخلو من تقاضي نقود ويقتصر فقط على هدية شخصية بسيطة أو دعوة للطعام.

بعض المواقع الرياضية الدولية المشهورة، مثل LIVEGAMES الإسرائيلي و BET6 الأسباني، تنشر بصورة منتظمة مواعيد مباريات بطولة الدوري المصري وتفتح مجال المراهنة على نتائجها رغم أنها مسابقة محلية غير معروفة علي الساحة العالمية…. تفسير ذلك يرجع إلى رغبة هؤلاء المنظمين في استقطاب المقامرين المغامرين الذين يبحثون دائما عن كل جديد، لذلك يندفعون أحيانا للرهان بعشوائية علي منتج يجهلون طبيعته ومفرداته مما يحقق لهم مزيدا من الإثارة والتشويق. العام الماضي فاز متسابق صهيوني بثلاثة آلاف دولار بعد أن أصاب في توقعه بفوز الأهلي على اتحاد الشرطة، فكتب تعليقا سخيفا قال فيه: نشكر جيراننا الأعزاء الذين يساعدوننا على كسب المال!

الإعلامي الكبير أحمد شوبير كشف منذ فترة عن تورط أعضاء منتمين لمجلس اتحاد الكرة السابق تحت رئاسة سمير زاهر في جريمة مراهنات وغسيل أموال بالمشاركة مع شركة أجنبية مجهولة الهوية قامت سابقا بتنظيم لقاءات ودية لمنتخباتنا الوطنية، لكن التحقيقات العقيمة المطولة التي أجرتها وزارة الشباب والرياضة لم تسفر عن شيء ولم يصدر حتى الآن قرار إدانة أو براءة بحق المتهمين الذين فارق أحدهم الحياة وبقي الآخرون يتمتعون بكامل حريتهم دون محاسبة أو حتى مساءلة.

كثير من الجماهير العادية والأفراد العاملين في الحقل الرياضي بالداخل والخارج يلزمون أنفسهم بوعود غريبة و نذور عجيبة حين يصدق تخمينهم -وأحيانا إذا خاب- على مسار حدث بعينه.. إليكم عددا من الأمثلة الطريفة:

أحمد حسام ميدو كرر مرارا طوال الموسم الماضي أن ليستر سيتي لن يحصل على درع البريميرليج وتعهد بحلاقة شعره الطويل إذا حدث العكس… ميدو العالمي التزم بكلمته وأدى المطلوب يوم السبت الماضي على الهواء مباشرة أمام الملايين.

مهاجم الكرة الإنجليزية المعتزل جاري لينيكر الذي يعمل حاليا مذيعا لأحد البرامج التليفزيونية، صرح أنه سيقدم حلقة تاريخية بالملابس الداخلية لو تمكن ليستر من إنتزاع لقب الدوري هذا العام.. لينيكر أجّل التنفيذ حتى يشتري طقما مناسبا!

قبل انطلاقة فعاليات مونديال 2010 وعد المغني الأسباني المعروف إنريكي أجلسياس عشاقه ومحبيه بخلع كل ملابسه على الملأ إذا نال منتخب بلاده الكأس. بعد تحقيق المراد بأيام ظهر إنريكي في حفل عام وهو يغني عاريا كما ولدته أمه.

واحد من مشجعي شيلسي المتحمسين يأس من قدرة مدافع فريقه أوبي ميكيل على التهديف، فأعلن أنه سيرسم صورة للاعب على مؤخرته لو أستطاع تسجيل هدف في المباراة التالية، و هو ماحدث بالفعل ليضطر المتفرج للوفاء بالتزامه!

أمريكي عاشق لكرة السلة بجنون كان يتابع بالمنزل مباراة حامية بين ناديه المفضل وآخر يحظى بحب زوجته الجالسة بجواره والتي لم تتوقف لحظة عن إغاظته فاتفق معها على أن يقوم الذي ينتصر فريقه بصعق الآخر بالكهرباء! الاتفاق الدامي أسفر في النهاية عن نقل المرأة للمستشفي مصابة بحروق خطيرة وإلقاء القبض على الرجل بعد اتهامه بالشروع في قتل!

الصديق العزيز و المحلل القدير خالد بيومي أكد لي أن الفريقين اللذين سيصلا لنهائي بطولة الشامبيونز هما الريال والأتلتي، بينما رشحت أنا البايرن والريال. كلا منا تشبث برأيه فقررنا (تعليق) رهان بيننا جاءت نتيجته لتذكرني بمشهد للراحل يونس شلبي في مسرحية “العيال كبرت” حين خسر التوقع أمام أخيه الأكبر فطأطأ رأسه متمتما بخجل: هو اللي كسب!