(1)
منذ أسابيع أبرزت المواقع الإخبارية تصريحات أحد خبراء الإعلام المشاركين في وضع قانون الإعلام الموحد والذي صرح وفقًا للأخبار المنشورة، أن ضمن مواد القانون المقترح مادة تشترط وجود ميزانية نصف مليون جنيه من أجل تأسيس الموقع، وهو التصريح الذي خفت بعد ساعات من طرحه، بالرغم من العقبات التي قد تصنعها تلك المادة.
ربط الإعلام بالمال فكرة أضرارها أكثر من نفعها، وقد تؤثر على مصداقية الوسائل التي تعتمد على تمويل رجال أعمال أو أحزاب سياسية، وجميهم لهم أهداف وطموحات تأتي من خلف استثمارهم في تأسيس موقع إخباري، كما أنه لن يمنع وجود المواقع التي تنشر أخبارا مغلوطة ومضللة ويتم توجيه لها اتهامات التمويل الخفي، بل إن تلك المادة قد تكون السبب في ظهور مزيد من المواقع مجهولة التمويل وذات الأغراض السلبية.
لكن هل يمكن اعتبار شرط النصف مليون جنيه شرطا تعجيزيا يمنع إنشاء مواقع إخبارية جديدة؟
حسنًا، لننظر إلى الموضوع من جانب أخر، بداية، خبير الإعلام استخدم مصطلحا غير دقيق وهو كلمة “ميزانية”، وأغلب الظن أنه كان يقصد مصطلح “رأس المال”.
رأس المال يتكون من الأصول المملوكة للشركة مؤسسة الموقع بعد خصم التزاماتها المالية، أي أن قيمة مقر الموقع وقيمة الأثاث والأجهزة وسيارات مؤسسي الموقع من الممكن ضمها إلى بنود الميزانية، وهي بالتأكيد أصول قد تبلغ قيمتها ما يفوق النصف مليون جنيه، لكن بشرط أن تكون تلك الأصول مدفوعة الثمن ولم يتم شراؤها بقروض قائمة للبنوك.
ربما يكون ذلك هو سبب قصر مدة الاهتمام بذلك التصريح وعدم تداوله باهتمام من البرامج الحوارية أو المواقع الإخبارية.
(2)
في الآونة الأخيرة ازداد عدد المحتالين الذين بدأوا شهرتهم من خلال أخبار عن إنجازات وهمية منسوبة لهم، تناقلتها المواقع الإخبارية وهو ما دفع عددا من البرامج الحوارية إلى المسارعة باستضافتهم طمعًا في الانفراد، وهو الأمر الذي يثير التساؤل عن الطرف الذي يتم تجاهله في مثل تلك الحالات، وهو الشخص الذي فتح الباب لهذا المحتال للدخول إلى بوابة الإعلام.
من هو أول محرر نشر خبر قارىء القرآن المزيف الفائز بالجائزة الوهمية في ماليزيا؟ من هو المعد التليفزيوني الذي أدخل شخص عديم الموهبة إلى مبنى ماسبيرو ليشارك في أكثر من حوار في قنوات التليفزيون المصري بصفته مطرب؟ أو ذلك المعد الذي ساهم في التواجد الدائم على شاشة إحدى القنوات لشخص نسب إلى نفسه شهادات علمية ومناصب وهمية قبل أن يتم إلقاء القبض عليه بتهمة النصب والتزوير؟
يجب محاسبة هؤلاء المخطئين الذين تسببوا في صناعة فقاقيع وهمية لأشخاص استغلوا جهل الآخرين بحقيقتهم للنصب عليهم، كما استغلوا كسل بعض العاملين بالإعلام لإيهامهم بمواهب وخبرات غير موجودة دون أن يكلف أحد نفسه عناء التحقق من المعلومات التي يقولها له الشخص المحتال.
(3)
عزيزي المحرر السهران في شيفت أحد المواقع الإخبارية..
تحية طيبة و بعد،،
أدرك أنك قد تعاني من ندرة الأخبار في الساعة الثالثة صباحًا، لكن نشوب حريق داخل شقة سكنية أو محل تجاري ليس سببا كافيا لكي تباغت القراء الساهرين بخبر عنوانه “عاجل: حريق في حي كذا”، حيث أود أن أحيطك علمًا أن إدارة المطافىء موجودة منذ عشرات السنين وتقوم بعملها يوميًا باستمرار وأن حدوث حريق محدود ليس بخبر عاجل، كما أن ذلك التصرف يفقد الحوادث الحقيقية أهميتها، فهل يتساوى حريق محدود مع حريق تسبب في خسائر بملايين الجنيهات وعشرات الإصابات بالاختناق ومئات الصور السيلفي لسكان المنطقة مع الحريق؟ الوحيد الذي يعتقد أنه يتساوى هو أنت بالإضافة إلى الشخص المتضرر من ذلك الحادث.