هذا هو أحد الفوارق بيننا وبينهم.. وأظن أنه من المناسب أو الضرورى هنا التوقف أمام الضمائر للاتفاق على أن المقصود بـ«نحن» هو الإعلام المصرى بمختلف مجالاته واهتماماته.. بينما حين أقول «هم» فالمقصود هو الإعلام الغربى سواء كان أمريكيا أو أوروبيا.. وفى العدد الأخير من مجلة «نيوزويك».. المجلة التى تقتسم مع مجلة «تايم» قمة الصحافة السياسية الأسبوعية فى العالم كله.. لم يتردد جيم إيمبوكو، رئيس تحرير «نيوزويك»، فى منح شيمون أكام ثمانى صفحات كاملة يكتب فيها مشاهداته ورؤاه لنادى لوتون الإنجليزى الذى يلعب فى الدرجة الثانية..
وكان عنوان التحقيق هو: «رؤية من القاع».. وقد قضى شيمون ثلاثة أشهر كاملة يسافر كثيرا إلى مدينة ليوتن ويلتقى اللاعبين والمسؤولين.. ويجلس مع جماهير النادى حتى يكتب هذا التحقيق الذى رأته «نيوزويك» فى النهاية يستحق أن يكون التحقيق الرئيسى لعددها الصادر هذا الأسبوع.. وهو الأمر الذى لا تجرؤ عليه مطلقا أى وسيلة إعلامية مصرية أو حتى تفكر فيه.. فالإعلام السياسى وحتى الرياضى لدينا لا يعتبر هؤلاء الذين يلعبون كرة القدم فى الدرجتين الثانية والثالثة يستحقون أى اهتمام حقيقى ومساحات كافية من الضوء..
فالرياضة عندنا هى الأهلى والزمالك فقط.. نتابع كل يوم وكل ساعة ما يخص الأهلى والزمالك وأحيانا بعض أندية الدورى الممتاز ونكتفى بذلك، باعتبار الآخرين من الكومبارس الذين لا ضرورة لهم أو قيمة واحترام.. ولست هنا بالمناسبة أستثنى نفسى من العتاب واللوم والمسؤولية.. فأنا أحد هؤلاء الذين لا يرون معظم الوقت إلا الأهلى والزمالك.. والذى يستحق التوقف هنا ليس فقط فى أن «نيوزويك» قدمت حكاية نادى لوتون الإنجليزى فى تحقيقها الرئيسى الجميل أيضا ولم تنشغل بأندية القمة مثل تشيلسى ومانشستر يونايتد وغيرهما.. وإنما كان الذى كتب التحقيق هو شيمون أكام.. ليس صحفيا رياضيا من الدرجة الثانية ترك الأندية الكبيرة لمن هم أفضل منه واكتفى بالحديث عن أندية القاع المجهولة..
إنما هو صحفى سياسى واقتصادى قدير جدا، لا يخجل من رؤية كرة القدم قضية سياسية واجتماعية شديدة العمق والضرورة أيضا.. ولم ينزعج أحد حين يجد صحفيا، كان من أهم الصحفيين الذين غطوا انقلابات أفريقيا وحروبها وأزماتها، يكتب الآن عن ناد فى الدرجة الثانية.. فكرة القدم ليست تهمة أو فضيحة لأى إعلامى سياسى.. والحديث عن أندية القاع فى أى دولة ليس رفاهية.. فهذه الأندية تعكس كل ما يجرى فى المجتمع الحقيقى دون رتوش الدعاية والأضواء الزائفة.. وقد خرج شيمون فى تحقيقه هذا بنتائج هائلة تخص المجتمع البريطانى سياسياً واقتصادياً من خلال كرة القدم.
نقلًا عن “المصري اليوم”