نقلًا عن “المصري اليوم”
دخلت الجماعة الصحفية، معركتها مع الدولة، ممثلة في وزارة الداخلية، على خلفية اقتحام قوات الأمن، مقر النقابة، بدعوى القبض على اثنين من الزملاء، وتُمني نفسها الخروج من المعركة، بصورة تحفظ هيبة الجماعة الصحفية، وتضمن عدم تكرار مثل هذا الأمر مجددا.
جرت في أنهار الأزمة، مياها كثيرة، وانخفض سقف الطموحات، وبات حلم الجماعة الصحفية، بدلا من الخروج من الأزمة التي فرضت على الجماعة الصحفية، بما يحفظ كرامتها أمام الرأي العام، بات هناك شبه توافق حول الخروج بـ«صورة مشرفة».
ما بين البدايات والنهايات، يتوجب نقطة نظام، علها تكون فرصة مواتية لـ«جلد الذات»، لاسيما أن قادم الأيام، قد لا يأتي على هوى الجماعة الصحفية، ومن ثم يتوجب المكاشفة، والمصارحة، من منطلق أن أولى خطوات العلاج، تشخيص الداء.
أزمة «الداخلية- الصحفيين»، كشفت بجلاء عن حجم التصدع الذي أصاب البيت الصحفي بأكمله، لا يخفي على أحد أن جزءا كبيرا من هذا التصدع نتيجة الجهد الحثيث من قبل مؤسسات الدولة، لإزكاء نار الانقسامات، خاصة داخل قلعة الحريات باعتبارها قاطرة الأمة، نحو جلاء الغُمة، لكن في النهاية علينا التسليم بأنه بات هناك داخل البيت الواحد «فرق متناحرة»، وظهر ذلك بجلاء، في موقعة الأهرام.
جبهة الأهرام أول الخاسرين، لأنني كنت أربأ بهم، ومنهم قامات لا يشق لها الغبار، عدم الانزلاق إلى مخططات جعل الأهرام «المكان والمكانة» في مواجهة النقابة، «البيت، والحامي، والملاذ» لاسيما أن مثل هذه المواجهة يدفع ثمنها الجميع. قد نتفهم أن يكون هناك خلاف في الرأي، أو الرؤية في معالجة الأزمة، مع أعضاء مجلس النقابة، لكن هذا لا يعنى أن تكون الأهرام «نقابة موازية»، كان يتوجب على الزملاء الأفاضل وفى مقدمتهم الأساتذة مكرم محمد أحمد، عبدالهادي علام، أن يبادروا بالذهاب إلى مقر النقابة، لعرض رؤيتهم نحو الخروج من الأزمة، وسواء تم الأخذ بها من عدمه، يستمر موقفهم الداعم والمساند للنقابة، لأننا شئنا أم أبينا، يظل مجلس يحيى قلاش، المجلس الشرعي للنقابة، باختيار أعضاء الجمعية العمومية.
مجلس النقابة أيضا، مُني بخسارة أكثر فداحة، وأعتقد أنه سيدفع ثمنها باهظا في صناديق الانتخابات، نلتمس له العذر أنه لم يدخل الأزمة طواعية، غير أنه بدا منذ البداية مرتبكا، وغلب على أدائه «صوت الغضب»، أكثر من «صوت الحكمة»، كما أنه لم يستوعب أن الأزمة قد تكون بمثابة «طُعم» للجماعة الصحفية، الهدف منها، أولا: أن يتوارى ملف جزيرتي تيران وصنافير، عن الميديا، ليتصدر بدلا منه واقعة «اقتحام النقابة». ثانيا: كسر شوكة النقابة، لاسيما أنها خلال الأشهر الأخيرة تحولت إلى قِبلة أمام الاحتجاجات، والمظاهرات المناوئة للنظام، ثالثا: إطلاق رصاصة الرحمة على مجلس قلاش، لأنه من وجهة نظر الدولة، اختطف النقابة إلى أقصى اليسار، وأن استمراره يمثل مصدر إزعاج مزمن. ما يعزز هذا التوجه، أن إدارة الدولة في هذه الأزمة، كان أكثر احترافية، ما يشي بأنه كان هناك استعداد جيد لها.
خطايا المجلس لم تقتصر على ذلك، بل تعاظمت في اجتماع 4 مايو الجاري، وجاء الحشد الهائل داخل النقابة، «جعجعة بلاطحين»، حتى الآن لم نعرف إذا كان اجتماع 4 مايو، جمعية عمومية طارئة، أم أنه مجرد اجتماع عابر، الهدف منها «فرد عضلات»، كان ينبغي أن تكون جمعية عمومية طارئة، لتحصين القرارات التي صدرت عنها، فضلا عن إجهاض المخططات الرامية إلى شق الصف الصحفي.
جيل الوسط من شباب الصحفيين، تسببت تلك الأزمة في أن يظهر عليه أعراض الأمراض التي عانى منها المجتمع منذ ثورة 25 يناير، غلف الاحتقان سماء المناقشات، وأشهر الجميع تهم العمالة، والخيانة، في وجه من يخالفهم الرأي، وصدرنا للرأي العام صورة أكثر قتامة، عما آلت إليه أوضاع المهنة، كيف لأرباب مهنة الرأي، أن يصادرون حق زملائهم في الرأي، لمجرد اختلافهم في الرأى أو الرؤية.
أما الطابور الخامس، من الصحفيين والإعلاميين، الذين اتخذوا من برامج الـ«توك شو»، منصة لإطلاق الاتهامات الثقيلة، بحق المهنة، والذين يمتهنونها، لهؤلاء أقول «الضرب في الميت حرام».
خير الكلام:
بعض البشر كالضفادع حتى لو وضعتهم في كرسى من ذهب، كن على يقين أنهم سيقفزون للمستنقع.
قول مأثور