وليد رشاد يكتب : "ماجدة الرومى" .. والعصير والجبنة ومسحوق الغسيل !!

 

وليد رشاد
وليد رشاد

لا أنكر سعادتى الكبيرة باختيارى لتغطية المؤتمر الصحفي الخاص بأميرة الغناء العربي “ماجدة الرومي”، والذي استعرضت فيه تفاصيل حفلها الخيري، يوم 20 مايو عند سفح الأهرام، والذي يخصص دخله بالكامل لصالح مستشفى أهل مصر لعلاج الحروق، التي أسستها السيدة الرقيقة “هبة السويدي”، التي تحررت من جزء كبير من حياتها الطبقية ووهبت مساحة كبيرة من وقتها للمساهمة في علاج جرحى ومصابي الثورة، ومؤخرا ضحايا الحروق.

الحفل بالنسبة لي يحمل ثلاث مميزات: أولاً؛ هو فرصة للعودة لزمن الفن الجميل، وثانياً؛ هو محاولة مختلفة لتنشيط السياحة العربية لمصر، وثالثاً؛ هو فرصة لدعم مشروع مستشفى أصبحنا في أمس الحاجة إليه خصوصاً في ظل الأجواء الحرائقية الغريبة التي نعيش فيها في الفترة الأخيرة.

وجود “ماجدة الرومي” في مصر يعتبر بالنسبة لي حدثا ذو مغزى فني وإنساني وربما تاريخي، لأنها ساهمت في فترة ما من حياتي في تغيير الذائقة الفنية الخاصة بي، لأني كنت منذ طفولتي من مدمني “حليم” وأغانيه القصيرة، ولكن عندما دخلت مرحلة الجامعة وجدت نفسي أنجذب لبعض أغانيه الطويلة، وفجأة اكتشفت تلك الجوهرة الصوتية والحنجرة الذهبية، وكانت أغنية “كلمات”هي اللقاء الفني الأول بيني وبين “ماجدة الرومي”، وللمصادفة كانت تحمل بصمات “نزار قباني” الذي أعشق قصائده العاطفية، وبعدها توالى إعجابي بأغانيها “كن صديقي”، “مع الجريدة”، “سمراء”، “عيناك ليال صيفية”، وغيرها .

ورغم كل هذا العشق، ورغم أنني التقيت خلال رحلة عملي مع العشرات من الشخصيات الفنية والرياضية وكذلك كبار المسئولين، إلا أنني لم أحظ بفرصة لقاء “ماجدة الرومي”، ولذلك اعتبرته لقاء تاريخيا بالنسبة لي، وكنت حريصاً على أن أسألها خلال المؤتمر، حتى يكون كلامي موجهاً لها وكلامها موجهاً لي، لا سيما بعد ضياع فرصة إجراء لقاء مباشر معها لحظة وصولها للمطار بسبب تعنت طاقم الحراسة الخاص بها، ولكن في لفتة راقية منها، اعتذرت عن ذلك التصرف وأكدت أنها كانت حريصة على لقاء الإعلاميين في المطار لكن التدافع أثار قلق الحرس، وبادروا بإنهاء الموقف سريعاً.

ووجدت نفسي في بداية سؤالي أثني على اعتذارها وأعتبره من شيم الكبار قبل أن أنتقل لسؤالي الأساسي (أو حلمى الكبير) بأن تغني قصيدة أخرى للشاعر”نزار قبانى”، وسألتها هل هناك فرصة جديدة؟! إلا أنها صدمتنى وأكدت صعوبة أن تجد قصيدة له تصلح أن تغنيها سيدة وأضافت أن معظم قصائد “نزار” التى تصلح للغناء، أخذها مطربين آخرين.

وأهم سؤال تم توجيهه لها في المؤتمر، كان عن إمكانية عودتها للسينما، وكم كانت كبيرة وصادقة مع نفسها حين اعترفت بندمها على عدم خوضها تجربة السينما عندما اقترح عليها العملاق الراحل “أحمد زكي” مشاركته في فيلم، لكنها أكدت أن السينما تظل بالنسبة لها الحلم الأكبر.

وبعيداً عن الصورة الرومانسية الجميلة التي رسمتها في مخيلتي وأنا مراهق للمطربة “ماجدة الرومي”، فقد تأكدت لي من خلال كلماتها البسيطة في المؤتمر، على النقيض من فنانين آخرين تقلصت مساحات إعجابي بهم وحبي لهم عندما شاهدتهم على الطبيعة خلال عملي المهني ولا داعي لذكر أسماء!

كان ذلك المؤتمر فرصة لأن نلقي الضوء على ظاهرة مؤسفة باتت أساسية في كل فعالياتنا الفنية مهما بلغت دقة تأمينها، وهي تواجد عشرات الأشخاص الذين ليس لهم أية علاقة بالوسط الاعلامي أو الفني، حيث تجد رجالا كبارا وسيدات وأطفالا، لا يمكن أبداً أن تتمكن من تحديد هويتهم وكيف وصلوا إلى داخل الفعالية، ولكنك تجدهم يـتألقون عند ممارسة رذيلة المهرجانات الفنية الحديثة وهي السيلفي، حيث تجدهم يقتحمون بموبايلاتهم تجمعات الفنانين ويصيبوهم بحالة من الخوف والهلع ويعطلون الإعلاميين الجادين عن ممارسة عملهم.

ولا زلت أذكر واقعة غريبة في مهرجان الأسكندرية السينمائي العام قبل الماضي حينما أحاط بعض الشباب بالفنانة “لقاء سويدان” وقد كانت مقدمة حفل الختام، وحاصروها لدرجة أني تعاطفت معها وعرضت عليها عمل لقاء معها حتى أتمكن من إخراجها من ذلك الحصار بمساعدة المصور والفني، حتى أنني بعد أن أخرجتها قلت لها: “لكِ حرية الاختيار بين التصوير أو الانصراف لأن هدفي الأكبر كان مساعدتك في الخروج من الزحام”، لكنها وافقت على إجراء الحوار.

وعودة إلى مؤتمر “ماجدة الرومي”، حيث لم يكن ذلك التواجد الغريب لهؤلاء الأفراد هو أبرز ما ميّز المؤتمر، ولكن الأبرز كان ذلك القتال الذي حدث حول الحقائب الكرتونية المطبوع عليها بوستر الحفل، والتي اعتدنا كإعلاميين الحصول عليها، لاستخدام “الداتا” الموجودة بها في تقاريرنا الإعلامية، ولكني لاحظت هذه المرة قتالا غير عادي، ودفعني فضولي الصحفي لمعرفة السبب وراء تلك المعارك، وعندما أحضروا كميات أكبر، ووزعوا علينا جميعاً، فوجئت بأن تلك الحقيبة الكرتونية محل النزاع تحمل بالفعل بعض أوراق الداتا، ومعها أغرب ما يمكن أن تجده في مؤتمر صحفي لنجمة، حتى لو كانت نجمة صاعدة أو كومبارس!، حيث احتوت الحقيبة على عبوة عصير كبيرة، وعبوة جبن، ومسحوق غسيل، ولا أدري ما علاقة كل تلك التشكيلة العجيبة بالغناء والطرب؟! وهو ما دفع الإعلامية الزميلة “شيماء السباعي” أن تعتبرها إهانة للإعلاميين، وأن تطالب المنظمين بالاعتذار عن ذلك التصرف!، لأنه حتى وإن كانت الشركات الراعية حريصة على الدعاية لنفسها، كانت هناك وسائل أخرى كثيرة مختلفة، وأكثر رقياً من وضع منتجاتها داخل حقيبة الاعلاميين!