نقلًا عن “المصري اليوم”
فيلم مصرى يشارك فى مسابقة مع فيلمين إسرائيليين، وهذا هو بالضبط ما حدث مع ( اشتباك ) الذى يشارك فى قسم (نظرة ما) بمهرجان (كان) متنافسا مع 17 فيلما بينها فيلمان إسرائيليان، شاهدت الأول قبل كتابة هذه الكلمة وعنوانه (أمور شخصية) للمخرجة مها حاج، والثانى (ما وراء التلال والجبال) للإيرين كولرين، تعودنا فى الماضى فى مثل هذه الأمور أن ننسحب ولكن فى السنوات العشرين الأخيرة بات الاختيار الصحيح هو أن نشارك، إلا أن هناك فارقا بين أن نشارك فى التسابق مع فيلم إسرائيلى فى مهرجان عالمى خارج الحدود العربية، أى ما كان توجهه حتى ولو كان الفيلم معاديا لنا، وبين أن نسمح بمشاركة فيلم إسرائيلى فى مهرجان عربى حتى ولو كان سياسيا مؤيدا لنا، وسوف نعود بشىء من التفصيل لتلك النقطة فى القادم من السطور، حيث إن هناك اشتباك آخر أشد ضراوة وقع مع فيلم (اشتباك). السؤال الذى ملأ جنبات (كان) خاصة بين الوفود العربية، عن الداعية المصرى الكاجوال معز مسعود خريج سياسة واقتصاد وعازف الموسيقى السابق الذى هجر الموسيقى وحفظ القرآن رغم أنه ليس هناك تعارض بينهما، وصار وجها مألوفا على الفضائيات يتناول الإسلام الوسطى، معز سياسيا مع ثورة 30 يونيو وكتب بيانا من أجل إزاحة مرسى عن الحكم ولكنه أراد خروجا آمنا له مثلما تم استخدام هذا التعبير فى زمن مبارك، وكان المقصود به خروج آمن لمبارك الأب ودخول أكثر أمانا لمبارك الابن فهو كما ترى تعبير به لبس، إلا أن اللبس الحقيقى هو تأخير الإعلان عن مشاركة معز فى إنتاج الفيلم من القاهرة، ثم مفاجأة ظهوره بالأسموكن والببيون على خشبة مسرح (دى بى سى) فى (كان) حيث العرض الرسمى لافتتاح قسم (نظرة ما) يثير الكثير من اللغط، صحيح كان الفيلم فى حوزة معز كمنتج ودخل المنتج محمد حفظى شريكا فى الإنتاج بعد ذلك، إلا أن الصحيح أيضا أن نقول إن نصيب حفظى فى الجانب المصرى كجهة إنتاج أكبر من معز وأن الفيلم فى نهاية الأمر يعبر عن مخرجه محمد دياب وليس المنتج، بالتأكيد الفيصل هى الشاشة، وماذا قالت، ولكن عندما تشاهد الفيلم بمعزل عن جهة الإنتاج أو بتعبير أدق بدون أن تدرى عن توجه ما لجهة الإنتاج، تختلف تماما بعد أن تعرف بالضبط من هو المنتج، تعبير الإسلام الوسطى الذى يعلنه معز بالنسبة لى لا يعنى شيئا، الإسلام كان وسيظل هو الإسلام دين الوسط وليس الإسلام الوسطى، عندما يدخل داعية لساحة الإنتاج هل يمارسه بدون وجهة نظر معدة سلفا؟ سبق أن تناولت الفيلم على عجالة قبل أسبوع فى هذه المساحة ورأى أن الشاشة تؤكد أن الرهان على الإنسان وهو ما تلحظه فى كل الشخصيات رجال الداخلية والمواطن سواء كان إخوانيا أو متعاطفا أو كارها لهم، الفيلم يضبط هذه المعايير تماما، شاهدت الفيلم مرتين وتأكد لى انحيازه المطلق للإنسان، منذ كتابة (التترات) وهناك تأكيد واضح على أن الشعب المصرى أزاح مرسى فى مظاهرات مليونية أيدها الجيش، وأن من يسعى للتقسيم وللتفرقة هم الإخوان، الفيلم فكريا لا أختلف معه، ويبقى معز علامة استفهام كبيرة، هل يُكمل كمنتج سينمائى، وهل من الممكن أن تُصبح لدينا مرجعية دينية للفن، بينما الفن رغم أنه لا يتناقض مع الأديان إلا أنه أيضا لا يقيم بالدين سيظل هذا السؤال بحاجة لمساحة أخرى.
القضية الأخرى التى أثارها (اشتباك) وهى إسرائيل، لا شك أننا ينبغى ألا ننسحب من المهرجانات العالمية عندما ننافس فيلما إسرائيليا، بل نحرص على أن ننتصر، نحن لا نضع القواعد المنظمة للمهرجانات، وبرغم أن هناك حدودا فاصلة بين السياسى والثقافى، والمهرجانات الدولية التى تقع تحت مظلة اتحاد المنتجين العالميين مثل (كان) و(برلين) و(فينسيا) و(سان سباستيان) و(القاهرة) وغيرها تشترط ألا يتم فرض أى إطار سياسى للمهرجان يحول دون تحرره، إلا أن هناك مراعاة لطبيعة المهرجانات العربية وموقفها من إسرائيل، لم يشترط الاتحاد الدولى على مهرجان القاهرة مثلا ضرورة عرض أفلام إسرائيلية، والمهرجانات العربية أيضا، فيما عدا اختراقات محدودة حدثت هنا وهناك، إلا أن القاعدة هى أنه غير مسموح بتواجد أفلام إسرائيلية، وينبغى مراجعة بعض الاختراقات ولو بحسن نية مثل فيلم (فيلا توما) الذى كان على مشارف المشاركة بمهرجان الإسكندرية قبل عامين، بل كان مرشحا للافتتاح، لولا عدد محدود جدا من الأصوات، وكنت بينها، الذين حذروا من الاختراق، التى استندت إلى أن المخرجة سها عراف قالت إن الفيلم فلسطينى ـ بينما تترات الفيلم تؤكد أنه إسرائيلى، شاهدت الفيلم فى أكتوبر الماضى فى مهرجان (مالمو) بالسويد وتأكدت أنه إسرائيلى وبلا أى مواربة، مثلما فيلم (أمور عائلية) الذى يعرض هذه الدورة فى (كان) إسرائيلى رغم أنه ناطق باللغة العربية وكل أبطاله عرب بل وبنسبة ما متعاطف أيضا مع العرب.(اشتباك) المصرى فجأة أصبح تحت مرمى النيران ومن الجانبين، يبدو كما أن لكل إنسان نصيب من اسمه فإنه لكل فيلم نصيب أيضا من اسمه!!
(خارج النص)
■ تراجع جامعة القاهرة عن عرض فيلم (نوارة)، بعد موافقة رئيس الجامعة يؤكد على أن القوى الرجعية التى تتدثر عنوة بالإسلام لا تزال تمسك بيدها كل الخيوط حتى فى أعرق جامعة مصرية.
■ عندما التقيت بوائل نور قبل أكثر من 30 عاما، كان هو فى السنة الأولى بمعهد المسرح، وأنا فى السنة النهائية بمعهد السينما، كان يصطحبنى خلفه فى (فيسبا) يتعمد أن تكسر كل القواعد وتُثير الصخب فى الشوارع، وتهدد السائق ومن يجلس خلفه، لم أكرر التجربة معه كثيرا، ولكن صداقتنا لم تنقطع، تابعت ورصدت نجاحه واقترابه من الجمهور فى حقبة التسعينيات، كان يُنظر إليه صحفيا قبل بزوغ نجومية أحمد السقا باعتباره خليفة الولد الشقى أحمد رمزى، ربما لأسباب شخصية قبل عشر سنوات اختفى وائل عن الخريطة الفنية، ثم كان لقاؤنا مجددا فى نوفمبر الماضى بمهرجان (القاهرة) فى فيلم (الليلة الكبيرة) وأدرت الندوة وحضرها وائل وتذكرنا معا أيام (الفيسبا) التى كانت تثير الصخب فى الشوارع، ولكنه غادرها وغادر الحياة بلا صخب!.
■ عاصى الحلانى أحيا بعد توقف عدة سنوات أولى ليالى التليفزيون، تساءل البعض أين المطرب المصرى؟ لم نسأل يوما عن جنسية المطرب هذه واحدة، الثانية أعتقد أن كبار نجوم الغناء المصريين الذين يحققون أرقاما فى البيع، يغالون فى أجورهم والوصول إليهم صار مستحيلا، ثالثا المطرب العربى أكثر احترافية فى التعامل وأكثر تواضعا فى الأجر، مصر كانت ولا تزال بيت الفنان العربى رغم دعوات التعصب التى يزكيها عادة الفاشلون!
■ تركيا ثانى دولة عالميا فى تصدير الدراما التليفزيونية بعد أمريكا، حيث تعرض مسلسلاتها فى 90 دولة، ولهذا أرى أن دعاوى المقاطعة لا جدوى منها أمام رغبات المشاهدين، نحتج على آراء ومواقف أردوغان السياسية هذه نقرة ولكن مهند ولميس لا يدفعان الثمن تلك نقرة أخرى.
■ ريجينى المصرى توصيف به الكثير من الدونية لمحمد باهر صبحى المصرى الذى مات فى إيطاليا، دأبنا مع الأسف عبر الصحافة أن نطلق على أمير الشعراء أحمد شوقى لقب (شكسبير الشرق)، وفاطمة رشدى (سارة برنار الشرق)، وشكوكو (شارلى شابلن الشرق)، و المخرج كمال الشيخ (هيتشكوك الشرق)، لماذا صرنا دائما صورة ولسنا أصلا، فى الإبداع وحتى فى المآسى!!
■ للعام السادس على التوالى يبتعد عادل إمام عن السينما، الإغراء المادى فى دراما التليفزيون من الصعب مقاومته، ولكن ينسى عادل أن السينما رصيد وعمق استراتيجى، الدراما التليفزيونية توصف علميا بأنها رغاوى صابون، يبدو أن عادل أصبح فى السنوات الأخيرة عاشقا للرغاوى!
■ نيللى كريم صارت عنوانا للتميز على الشاشة الكبيرة، تنتقل من (الفيل الأزرق) إلى (هيبتا) وأخيرا (اشتباك)، تنسى أنها النجمة نيللى، ولا تُفكر إلا فى الممثلة نيللى، وهذا هو سرها.
■ فى مهرجان القاهرة منحوا فى هذه الدورة جائزة فاتن حمامة التقديرية عن مشواره العريض للمخرج الكبير محمد خان، بينما جائزة التميز للنجم أحمد حلمى الذى استطاع أن يقدم الضحكة الصافية والذكية واللامعة فى السنوات العشر الأخيرة، التقدير من حق خان عن مشواره الفنى الذى بدأه قبل قرابة أربعة عقود من الزمان، بينما التميز لحلمى جائزة مستحقة لنجم ننتظر منه الكثير فى القادم من السنوات، فما هى المشكلة إذن؟!.