شوف، أنا أصلا بحب كتب السيرة، أي سيرة، قصة حياة شخص، كتبها هو، حد كتبهاله، حد بـ يكتب عن حد، بـ تستهويني فكرة استعراض حياة إنسان، واستعراض مسيره ومصيره، وازاي بـ تحصل له تحولات، وازاي بـ تمر بيه الأحداث الكبيرة، أو هو بـ يشوفها ازاي، وهكذا.
كتب السيرة الشخصية بـ توريك عين تانية لـ العصر اللي عاشت فيه الشخصية، لـ إن فيه حاجات كتير مش بـ تقولها كتب التاريخ مع إنها الأصل، هي الحياة. كتب التاريخ تقول لك مين الحاكم، السيرة تقول لك نوع المواصلات اللي كانت الناس بـ تركبها، كتب التاريخ تقول لك النزاعات السياسية، السيرة تقول لك الناس كانت بـ تاكل عيش ازاي، كتب التاريخ بـ تكتب المانشيتات، السيرة بـ تكتب التفاصيل، وإنت عارف التفاصيل واللي فيها.
والسيرة اللي بين إيدينا النهارده مش أي سيرة، دي سيرة ليلى مراد يا جدعان، زي ما هي حكيتها بـ نفسها لـ صالح مرسي بين سنة 1970 و1971. وصالح مرسي أعزك الله أعرف من أن يعرف، واحد من الكتّيبة بتوع روز اليوسف (المؤسسة) وكان بـ يكتب في صباح الخير وقتها.
صالح هو اللي عمل رأفت الهجان، وكل طقم الجاسوسية: الحفار، الصعود إلى الهاوية، وكل شغل المخابرات، وهو من المدنيين القليلين اللي اشتغلوا مع المخابرات المصرية بـ صورة علنية، وكان له أيادي بيضاء على صحفيين كتير في روز اليوسف، منهم الأستاذ إبراهيم عيسى.
في مذكرات ليلى مراد، بـ تشوف حاجات كتير، طفولة ليلى المهدورة، أبوها اللي كان ملء السمع والأبصار، وبعدين راحت عليه وسافر أمريكا، اشتغل كتير وكسب كتير وصرف كتير، وطلع من القاع لـ القمة ورجع القاع تاني.
سكن في شقة عشرتاشر أوضة مفروشين بـ أفخر الأثاث، وبعدين باعوا الأثاث، ورجعوا سكنوا في شقة صغيرة، راجل “متلاف” زي ما بـ يوصفه صالح مرسي في المذكرات، كان هـ يضيع لولا موهبة بنته اللي أنقذت العائلة كلها.
مش هـ أطول في تفاصيل حياة ليلى مراد، اللي كل حكاية منها ليها سياق منفصل، وإن كنت أحب أنوه لـ إني اندهشت جدا من ليلى مراد حبت فاخر فاخر في مرحلة من حياتها.
مش هـ أتكلم عن اللي كتبه صالح مرسي، لكن هـ أتكلم عن اللي مكتبوش، وأنا عندي تصور كده إن ربنا هـ يحاسب الناس يوم القيامة عن اللي قالوه، لكنه هـ يحاسب الصحفيين عن اللي ما قالهوش.
يعني يا أستاذ صالح حضرتك بـ تكتب عن أهم شخصية مصرية يهودية في فترة ازدهار اليهود في مصر، وقدرت تاخد منها سيرة حياتها على كاسيت، وتضيع علينا فرصة التعرف على كواليس البيت اليهودي المصري في الفترة الحرجة دي
أنا لما دخلت الكتاب كان كلي أمل أقرا عن أجازات السبت، عن المعبد، عن التعليم وكانوا بـ يدرسوا إيه في المدرسة، إيه تفاصيلها في مدرسة راهبات مسيحية زي نوتردام ديزابوتر، طب هي ازاي اتحولت لـ الإسلام، وليه؟ دي حاجات مهمة يا ناس.
كنت أفهم لو كان أستاذ صالح نشر الكتاب في حياة ليلى مراد، ونقول هي طلبت منه ما يكتبش عن القصة دي، لكنه نشره بعد ما اتوفت، وهو بادئ الكتاب بـ خبر وفاتها.
يا راجل ده عدى على الموضوع ولا كـ إنه حصل، لـ درجة إنه بـ يستعرض أدق تفاصيل قصص الحب، وتعرضها لـ محاولة اغتصاب، وحتى مشروع الجواز اللي قبل أنور وجدي من غير ما يقول كانت هـ تتجوز ازاي واحد مسلم وهي يهودية.
ما علينا، المعرفة ليها ألف باب، وبرضه الأستاذ صالح يشكر ع الكتاب الشيق
ألف رحمة ونور عليه، وعليها.