بلغ بنا التطرف والتشدد في التشبث بالرأي درجة عالية من التمسك بظننا بان رأينا هو السليم – فليكن- لكن ليس لدرجة أن يكون من يختلف معي في الرأي ولو بشكل جزئي هو عدوي بل اناصبه العداء واحاربه أينما حل. بلغنا من التطرف مدى لا يمكن معه التعايش بسلام، اصابتنا سموم التفرقة والتشتت والانسياق في دوامة الرأي الواحد، فيما يعد تطبيقاً مبدعاً لمقولة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن بعد هجمات سبتمبر ” من ليس معي فهو ضدي”، نعم لقد أصبحنا عنصريين وملئ كل منا الغرور بما نعتقد بأنه هو الصواب والآخرين في غيهم يعمهون.
حاول أن تراقب نفسك في خلافاتك مع اقرانك فأنت لا تتقبل الرأي الآخر وترفضه وإن تناقشت تغدو عدوانياً شديد الشطط وينقلب الأمر إلى خصومة قد تتطور إلى النوع الثأري، أما ان كنت ممن يتمتعون بقليل من الهدوء النفسي فستأخذ طريق السخرية مما يناقش الطرف الآخر من أفكار أو آراء أياً كانت وجاهة ما يساق من دلائل على وجاهة وجهة النظر المضادة، تجد أن أسهل طريق لمواجهة الفكرة تكون بالتسخيف أو الاستهزاء من الرأي الآخر. قد يكون ذلك ناجماً عن كسل عقلي عن النقاش الفكري أو عدم قدرة على مواجهة الأفكار المطروحة.
نحن لا نقبل الرأي الآخر وان اختلفت درجات عدم القبول والتي قد تتدرج من الرفض المباشر إلى ما يتم التعبير عنه شكلياً بمقولة “احترم رأيك لكني اختلف معه” وهي مقولة ديبلوماسية كاذبة في حقيقة الأمر، فمن يصرح بذلك لا يحترم رأيك بالفعل لكنه قد يحترم طريقتك في إبداء الرأي المخالف أو أنه يحترم حقك في إبداء الرأي وليس الرأي بذاته والذي يرى بأن ذلك الرأي مكانه هو أقرب صندوق للقمامة، وقد يكون هناك ما يدفعه لقول ذلك لتهدئة حماسك في إبداء رأيك أو لكسب أرضية وإبعاد صفة “احتقار الرأي الآخر عنه” فيكتسب صفة المناقش المحترم ومن ثم يبدأ إما في عرض محاسن وجهة نظره هو أو في مساوئ ونقاط ضعف وجهة نظرك موجهاً أسلحته بأكملها للقضاء على هذا الرأي.
نقاش الآراء المتباينة لا يتم إلا برأس بارد وعكس ذلك ينقلب النقاش إلى نزاع أو صراع لإثبات النفس قبل صحة الرأي من عدمه، ومن هنا نكتشف بأننا بشكل عام ينقصنا توكيد الذات ونحتاج لإثباتها في كل نقاش ونرفع شعار “لا رأي إلا رأيي وليذهب الجميع إلى الجحيم” أصبحنا دكتاتوريين بشكل فاضح بينما نتشدق ليلاً ونهاراً بالرأي والرأي الآخر وفي حقيقة الأمر ينبغي تغيير الشعار إلى “الرأي وإعدام الرأي الآخر”. في النهاية أود أن تعرف، أن رأيك مهم وقد يكون رأي الآخرين أهم.
تهمني آرائكم
نرشح لك