منّ علينا هذا الزمان بأنماط من البشر تتحاكى بكل شيء وتتكلم في أي إطار وتسدى النصح بكل ثقة في أي مجال دون سابق تجربة تذكر، فتارة تجده ينظر لما حدث في أيام الثورة والتي كان وقتها معارضاً لها وبعد ذلك مؤيداً ومناصراً، وتجده تارة أخرى تجده يدعي بطولات في مواجهة فساد نظام سابق وقد كان في قائمة المستفيدين والمسبحين بحمده، ومرة أخرى يناطح خبراء الاقتصاد بأن يدلي بدلوه المثقوب برؤيته المخبرية في حل المشكلة الاقتصادية، أما ثالثة الأثافي فتلك عندما تجده وبقدرة قادر أصبح محللاً استراتيجياً وخبيراً أمنياً، بل ويسترسل في سرد خبايا أو أسرار ما أنزل الله بها من سلطان والتي ليس أمام البسطاء من الناس إلا تصديقها فهو رجل واصل. وليس من مانع عند هذا النمط من أن يقوم بين الحين والآخر بالنقد الفني إما لشعر أو قصة أو أداء راقصة لولبية.
انتشر أولئك البشر في وسائل الإعلام كافة، فتجده كاتباُ لمقالة في جريدة تقرأها نهاراً، وضيفاً على برنامج إذاعي في الضحى، يتبعه في الظهيرة محللاُ للمشهد الحالي والخالي في قناة فضائية، وما أن يأتي المساء إلى وتجده متنقلاُ متنطعاُ بين جنبات برامج الحوار المختلفة والتي تبث معظمها بشكل مباشر، مكرراً نفس الأفكار بنفس الانفعال واضعاً نفسه كعفريت العلبة يظهر كلما ضغط تعلى زر جهاز التحكم عن بعد، فلا تجد أمامك إلا أن تشاهد إحدى قنوات الأفلام وتتعمد أن تبحث عن فيلم قديم يسبق تاريخ ميلاده لتضمن عدم ظهروه فيه.
وبتأمل تلك النوعية من البشر، ستجد أنه في الأساس يمتهن مهنة أو وظيفة معينة قد لا تجد بينها وبين ما يقوله أي علاقة أو أنه لا يمارس عمله الفعلي لأنه لا يذهب إليه فهو مقيم بشكل شبه دائم بين جنبات الاستديوهات الإذاعية والتليفزيونية، أو بين هذه وتلك يقوم بمداخلة على الهاتف ولا أدري متي يقوم هؤلاء أيضاً بتأليف الكتب التي يغرقون بها الأسواق.
لهؤلاء جميعاً أوجه سؤال واحد، متى ترحمونا لوجه الله وتمارسون حقوقكم الطبيعية في تلبية نداء الطبيعة بالدخول إلى الحمام، فالحمام يليق بكم.
إقرأ ايضا
محمد مندور: فقع مرارة
تابعونا عبر تويتر من هنا
تابعونا عبر الفيس بوك من هنا