رسالة ماجستير تناقش سياسات الصحف المصرية

إعلام.أورج

خلصت رسالة ماجستير أعدتها الصحفية سارة إبراهيم، وحصلت على درجتها، في قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، بعنوان “السياسات الإدارية للمؤسسات الإعلامية بين المعايير المهنية والتوجهات الايديولوجية – دراسة تقويمية مقارنة على عينة من المؤسسات الإعلامية”، إلى أن المؤسسات الإعلامية -ولا سيما الصحفية منها- تتعرض لضغوط مهنية تؤثر على تطبيقها لسياساتها الإدارية والتحريرية، والأخيرة تتعلق بمعايير مهنية ينبغي الالتزام بها في انتاج المواد الإعلامية قبل عرضها على الجمهور، مثل الدقة والموضوعية والصدق، وبدون الالتزام بها يصبح المحتوى الذي تقدمه تلك المؤسسات لا قيمة له، وإن في مقدمة تلك الضغوط هو شكل النظام السياسي التي تعمل المؤسسة الصحفية في إطاره، بالإضافة للضغوط الاقتصادية الخاصة بالإعلان وأشكال ملكية الصحف، وتأثير التوجهات الأيديولوجية لإدارة المؤسسات الإعلامية على الأداء المهني للصحفيين.

وأجرت الصحفية والباحثة سارة إبراهيم، الدراسة على مؤسستي “المصري اليوم” و”أخبار اليوم” كعينة للدراسة؛ نظراً لأن أخبار اليوم تعد من أهم المؤسسات الصحفية القومية في مصر، فيما تعد “المصري اليوم” أول مؤسسة صحفية مستقلة تمتلك مطبعة خاصة بها تطبع أعدادها، عقب أن كانت الطباعة تابعة لمؤسسة “الأهرام”؛ حيث تعتمد أغلب الجرائد الصحفية في مصر على مؤسسة “الأهرام” لطباعة وتوزيع أعدادها.

نظرية حارس البوابة الإعلامية

واعتمدت الدراسة على نظرية حارس البوابة الإعلامية؛ نظراً لدورها في التعرف على الضغوط الإدارية المؤثرة على القائم بالاتصال وخاصة سياسة الوسيلة الإعلامية، ومعرفة إلى أي مدى تؤثر السياسات الإدارية التي تتبعها المؤسسات الصحفية على الأداء المهني للصحفيين.

وتنتمي الدراسة إلى الدراسات التقويمية، والتي اعتمدت بشكل أساسي على طريقة المسح بالعينة العشوائية البسيطة عند تطبيقها لاستمارة الاستبيان التي تم توزيعها على 120 من الصحفيين في مؤسستي أخبار اليوم والمصري اليوم، بـ 60 صحفي لكل منهما على حدة، منهم 44 ذكر و16 أنثى من أخبار اليوم، و46 ذكر و14 أنثى من المصرى اليوم، بنسبة 25 % إناث و75 % ذكور من إجمالي الـ 120 صحفي.

وبلغت الفئة العمرية، 40 عام فأكثر، 18 من أخبار اليوم، و10 من المصري اليوم، بنسبة 33 %، ومن 35 إلى أقل من 40 بلغوا 3 صحفيين عن أخبار اليوم، و10 عن المصرى اليوم ، بنسبة 15 %، ومن 30 إلى 35 عام، 14 عن أخبار اليوم ومثلها عن المصرى اليوم، بنسبة 33 %، ومن 25 حتى 30، 23 صحفى من أخبار اليوم و18 من المصرى اليوم، بنسبة 49%، ومن 20 إلى 25، صحفيان إثنين من أخبار اليوم و8 من المصرى اليوم، بنسبة 12 %.

واعتمدت الدراسة على الأسئلة المغلقة في الاستمارة، للحصول على إجابات واضحة ومحددة من المبحوثين والوصول إلى نتائج دقيقة، واحتوى الاستبيان على 47 سؤال تم توزيعهم على 3 محاور، الأول تمثل في البيانات الأولية للمبحوثين، والثاني أسئلة خاصة بوعي الصحفيين بالسياسات الإدارية المتبعة في مؤسساتهم الصحفية، والثالث برؤية الصحفيين للمعايير المهنية التي يلتزمون بها داخل مؤسساتهم ومدى تأثرهم بالتوجهات الايديولوجية للمؤسسة.

كما أجرت الدراسة عينة عمدية غير عشوائية عند تطبيقها لدليل المقابلة في مؤسستي أخبار اليوم والمصري اليوم؛ حيث تم إجراء مقابلات مقننة وغير مقننة مع 14 من المسئولين عن إدارات التحرير والإعلانات والتوزيع والطباعة والتسويق وذلك في نطاق محافظتي القاهرة والإسكندرية في الفترة من 1 نوفمبر 2015 إلى 30 مارس 2016.

الدراسة تمت تحت إشراف الأستاذ الدكتور إسماعيل علي سعد، أستاذ علم الاجتماع السياسي بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، والدكتورة شدوان علي شيبة، مدرس الإعلام بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وتكونت لجنة المناقشة من الأستاذ الدكتور السيد رشا غنيم، أستاذ ورئيس قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، والأستاذ الدكتور عربي عبد العزيز الطوخي، عميد معهد الإسكندرية العالي للإعلام، وأستاذ الإعلام بجامعة حلوام، وجاءت في 5 فصول، حيث يعرض الفصل التمهيدي الإطار المنهجي للدراسة حيث يضم مشكلة الدراسة وأهميتها وأهدافها وتساؤلات الدراسة وأدوات جمع البيانات، والثاني دراسة المؤثرات على إدارة المؤسسات الإعلامية، والثالث تناول السياسات الإدارية داخل المؤسسات الإعلامية، وكذا العوامل المؤثرة على المؤسسات الإعلامية والخاصة والمتعلقة بحق الدولة في منح التراخيص والإشراف المباشر، بالإضافة إلى السيطرة الاقتصادية من خلال الإعلام وامتلاك وسائل الإعلام، والقوانين واللوائح المنظمة للإعلام، والضغوط الاجتماعية، والضغوط السياسية، وجماعات الضغط المحلية، فضلاً عن الضغوط داخل المؤسسة الإعلامية ذاتها.

بينما انقسم الفصل الرابع إلى جزئين، الأول يتناول المعايير المهنية التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون داخل مؤسساتهم الصحفية والعوامل المؤثرة عليها، بالإضافة إلى معايير تقييم الأداء المهني، والجزء الثاني يتناول التوجهات الايديولوجية للمؤسسات الإعلامية “الحكومية والخاصة” وآثرها على الأداء المهني للصحفيين.

ويتناول الفصل الخامس والأخير نتائج الدراسة الميدانية والتي استخدمت فيها الباحثة أداتيَ دليل المقابلة واستمارة الاستبيان.

أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة

1- يعد الجمع بين منصب رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة أمر غير مستحب، ويؤدي إلى الخلط بين الأمور التحريرية والإدارية.

2-يلجأ الصحفيون في المؤسسات القومية إلى الرقابة الذاتية، ويتشبعون بسياسة المؤسسة في تناولهم لموضوعاتهم الصحفية.

3-يؤثر النظام السياسي على المؤسسة الصحفية القومية عينة الدراسة من خلال اختيار القيادات العليا التي تضع السياسات الإدارية التي تتوافق مع توجهاته.

4- يشعر الصحفيين في مؤسستي المصري اليوم وأخبار اليوم بعدم الرضا عن السياسات الإدارية المتبعة في مؤسساتهم، بسبب عدم اشتراكهم في وضعها، حيث تفرضها غالباً الإدارة العليا عليهم، بالإضافة إلى عدم وجود تسلسل واضح للترقي الوظيفي.

5- تتمثل أبرز أشكال تدخل رئيس مجلس الإدارة في المؤسسات الصحفية- عينة الدراسة- في العمل الصحفي في إعطاء أوامر بمنع نشر موضوعات بعينها، بالإضافة إلى إعطاء أهمية للمادة الإعلانية على حساب المادة الصحفية، فضلاً عن الفصل التعسفي.

6-يعد رئيس مجلس الإدارة ومجلسه هو المسئول عن وضع السياسات الإدارية في مؤسستي أخبار اليوم والمصري اليوم، ونادراً ما يتم إشراك إدارة التحرير في وضعها.

7- الترقي الوظيفي في المؤسسات الصحفية القومية غالباً ما يعتمد على المعارف الشخصية، والأقدمية دون النظر إلى الكفاءة.

8- تؤثر سياسة الأجور على الأداء المهني للصحفيين، حيث يدفع المقابل المادي غير المجزي الصحفيين إلى العمل في مؤسسات أخرى، بالإضافة إلى الشعور بعدم الأمان الوظيفي.

9- تعمل سياسة التطوير التي تتبعها المؤسسات الصحفية- عينة الدراسة- على رفع كفاءة الأداء المهني للصحفيين من خلال إمدادهم بالأدوات الحديثة في عملهم، والدورات التدريبية.

10-تؤدي زيادة المساحات الإعلانية المنشورة في مؤسستي المصري اليوم وأخبار اليوم إلى اختصار المواد التحريرية، وأحياناً حذفها بالكامل واستبدالها بالمادة الإعلانية، وتعمل إدارة الإعلانات في بعض الأوقات على إصدار ملحق إعلانات منفصل عن المادة التحريرية.

11-تعد أرقام ونسب توزيع الجريدة من الأمور السرية التي لا تُفصح عنها إدارة المؤسسة الصحفية لعدة اعتبارات على رأسها التخوف أن انطباعات المؤسسات الصحفية المنافسة، بالإضافة إلى التخوف من انصراف القارئ عن مطالعة الجريدة إذا عُلم بانخفاض نسبة توزيعها.

12-تتمثل أهم أهداف السياسات الإدارية في المؤسسات الصحفية- عينة الدراسة- في توفير مصادر التمويل اللازمة للمؤسسة، وخلق سمعة جيدة للمؤسسة واصدارتها، وتدعيم العلاقة بين المؤسسة وجمهورها، بالإضافة إلى تحقيق مكانة للمؤسسة في السوق الصحفي، فضلاً عن مساعدة الإدارة العليا في اتخاذ القرار.

13- تتمثل أبرز المعايير التي تستند عليها الإدارة في تقييم الأداء المهني للصحفيين في السبق الصحفي، وكشف الإنتاج ومواعيد الحضور والانصراف.

14- يستعين مجلس إدارة مؤسسة المصري اليوم بإدارة التحرير عند القيام بحملات تسويقية جديدة؛ لمعرفة كيفية توظيف المحتوى الصحفي لإبراز هذه الحملات، من خلال التركيز على الأفكار الإبداعية التي تربط الجانب التحريري بالتسويقي.

15-تتمثل أهم معايير نشر الموضوعات الصحفية في مؤسسة أخبار اليوم في أن تتوافق مع السياسة التحريرية للمؤسسة، وفي مؤسسة المصري اليوم يعد التعبير عن اهتمامات القراء أبرز المعايير.

16- يضع الصحفيون في مؤسستي المصري اليوم وأخبار اليوم التوجه الأيديولوجي للمؤسسة في اعتبارهم قبل كتابة موضوعاتهم.

17- تتمثل أبرز العوامل التي تساعد الصحفي على الترقي في وظيفته في مؤسستي المصري اليوم وأخبار اليوم في إرضاء الرؤساء، يليها الاجتهاد في العمل ثم التدريب وتنمية المهارات المهنية والشخصية.

18-تتمثل أبرز الضغوط المهنية المؤثرة على الصحفيين في مؤسستي المصري اليوم وأخبار اليوم في عدم الأمان الوظيفي، والضغوط السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى القوانين المُقيدة لتداول المعلومات، فضلاً عن اعتقال الصحفيين، وضعف الامكانيات المادية.

19- تتمثل أبرز المعايير المهنية التي يلتزم بها الصحفيون في المؤسسات القومية والخاصة في الدقة، والموضوعية، والصدق، واحترام حقوق الإنسان، التوازن، احترام خصوصية المصادر.

20- السياسات الإدارية المتبعة في المؤسسات الصحفية عبارة عن لوائح تُنظم سير العمل داخل المؤسسة، بالإضافة إلى السياسات الخاصة بمجالات عمل المنشأة مثل “التوزيع، الإعلانات، التسعير، الأجور والمرتبات”، وهي سياسات مقسمة على عدة قطاعات على أن يلتزم كل قطاع بتنفيذها، ويتم وضعها بعد مراجعتها من قبل مجلس الإدارة.

أبرز توصيات الدراسة

1- ضرورة إعادة النظر في السياسات الإدارية في المؤسسات الصحفية عينة الدراسة خاصة المتعلقة بالأجور والمرتبات وقواعد تنظيم سير العمل داخل المؤسسة.

2- ضرورة إعادة النظر في السياسات المتعلقة بتقييم أداء الصحفيين على أساس مواعيد الحضور والانصراف أو كشف الإنتاج الشهري الذي يقدمه الصحفي لرؤسائه.

3- ضرورة تفعيل دور نقابة الصحفيين لتعمل كوسيط بين الصحفيين والمؤسسات الصحفية التي يعملون بها في حالة فصلهم تعسفياً أو تعرضهم لجزاءات غير مبررة.

4- ضرورة دعم المؤسسات الصحفية القومية والخاصة ماديًا، نظراً للوضع الاقتصادي الذي تمر به المؤسسات الإعلامية المصرية من تراجع في ايراداتها الناتج عن تراجع حجم الإعلانات، وضعف توزيع الجريدة؛ الأمر الذي يلقي بتبعاته على إدارة تلك المؤسسات ومن ثم على الصحفيين العاملين بداخلها”.

2e1b417b-9575-47c9-8b2e-365fa69e5225 890589f0-bc71-4969-a54a-1589447c0f46

بنر الابلكيشن