عندما تخرج من بيتك متجها إلي عملك ، وأنت تشعر ولو بنسبة واحد في المليون أنك لن تعود إلي بيتك مرة أخرى ، أو علي الأقل ستعود إما مصابا بالإختناق من الغاز المسيل للدموع أو بحجارة إستهدفت رأسك أو بطلق خرطوش أو برصاص حي .
عندما تودع زوجتك وأبناءك ووالديك في اليوم الواحد مائة مرة .
عندما تتحسس جسدك من وقت لآخر أثناء العمل لتتأكد من سلامتك .
عندما تقرأ الفاتحه وتنطق الشهادتين بمجرد رجوعك سالما إلي باب شقتك .
عندما تدخل إلي حجرة نوم أبناءك لتقبلهم أثناء نومهم ، وبعد ساعات قليله تقبلهم مرة أخرى لتعود لإستكمال عملك ، ويستكملوا هم نومهم .
عندما تفاجئك إبنتك بمكالمة هاتفية أثناء عملك لتطلب منك أن تترك العمل نهائيا وتتفرغ لها ولأحلامها المشروعه في اللعب والغناء والتنزه معك .
عندما تمرض والدتك فلا تستطيع أن ترد لها ولو جزءا ضئيلا من فضلها عليك بسبب ظروف عملك التي إقتضت أن تسافر في نفس فترة مرضها
عندما تتردد مليون مرة قبل أن تتقدم بطلب اجازة ، تقديرا لضغط العمل وظروفه التي تقتضي أن تكون تحت الطلب طوال الوقت.
عندما تكون مجبرا أللا تغلق هاتفك المحمول ولو لمدة دقيقه واحده ، لإدراكك التام أن هذه الدقيقه قد يحدث خلالها حدثا جللا يتطلب تدخلك بأقصى سرعة.
وعندما يتعشم فيك الآخرون أن توصل صوتهم وتساهم في حل مشاكلهم ، ويحملوك أمانات ثقيله ، مقتنعون أنك تملك عصا سحريه ، غير مبالين بمحاولاتك المستميته لإقناعهم بأنك لا تملك اي شئ سوى .. شرف المحاولة.
أنت بالتأكيد تعمل بمهنة غير عادية .. والمهن غير العادية كثيرة ومتعددة ، منها ما كان له نصيب من الشهره ، ومنها ما كان يحتاج لشرح طويل عندما يسألك أحدهم : هو حضرتك بتشتغل إيه؟
من ضمن المهن التي كانت تحتاج إلي شرح .. مهنة المراسل التليفزيوني ، ولعل فيلم جاءنا البيان التالي ، من العوامل التي ساهمت كثيرا في التعريف بمهنة المراسل التليفزيوني ، فلم يعد مطلوبا منك أن تبذل جهدا كبيرا في شرح مهنتك كمراسل تليفزيوني ، فيكفيك أن تقول : زي محمد هنيدي في جاءنا البيان التالي !!!!
أيضا وبكل تأكيد ، ساهمت الأحداث التي مرت بها مصر في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير في إضافة معنى حقيقي لمهنة المراسل التليفزيوني وساهمت بشكل كبير في ولادة المهنة من جديد و صناعة أسماء جديدة من المراسلين الذين إمتلأت بهم شاشات القنوات الفضائية وإعتمدت عليهم بشكل رئيسي في وصف ونقل وتغطية الأحداث المتعاقبة في مختلف محافظات مصر
ومن ينظر ويدقق إلي المراسل التليفزيوني يجد فيه ملخصا لحال الإعلام بشكل عام ، فالمراسلون صنفان .. الصنف الأول : المراسل الشغّيل : وهو من يتعامل مع المهنه بضمير وحب وتفاني وإخلاص في العمل مؤمنا أنه يعمل من أجل إظهار الحقيقه ونقل الواقع بحذافيره دون تزييف ، ينقل الصورة كما هي دون تشويه أو تجميل .. يتعامل بوعي مع اللحظات الفارقه التي يمر بها وطنه .. يتجرد من أية إنتماءات أو ميول أو آراء شخصية أثناء وقوفه أمام الكاميرا ، يتوكل علي الله ولا يخشي في الحق لومة لائم
والصنف الثاني .. المراسل الشغّال : وهو من يتعامل مع المهنه بنظام السبوبه ، ويمتثل لإملاءات أشخاص أو مؤسسات ، ويستقى كلماته من ذوي المصالح والرشاوي ، ويتلون علي جميع الألوان ويلعب علي كل الأحبال ، ويشارك في تزييف الواقع بنشر معلومات مغلوطة أملاها عليه أحدهم ، ويرتضى علي نفسه أن يلعق أحذية أسياده طامعا في عطاياهم وخدماتهم المشبوهه
فرق كبير بين الشغال والشغيل .. فرق بين السماء والأرض ، قد ينجح الشغال في الوصول لأهدافه بسرعه ، ولكن من المؤكد أنه سيسقط بسرعة ، وقد تنصرف الأنظار عن الشغيل لبعض الوقت ، ولكن من المؤكد أنه سيظهر في الوقت المناسب بنفس بريقه وكبريائه ليعلو صوته بالحقيقه .. فقط عليه أن يحاول .. فيكفيه شرف المحاولة.