معتز عبد الرحمن يكتب:الحقيقة الوحيدة في قصة المعتمر المصري

بدأ الأمر بانتشار فيديو على الفيسبوك يظهر فيه معتمر مصري في الحرام يصيح باكيا (بصري رجع تاني يا رب ، أشكرك يا رب، بصري رجع تاني يا رب، أشكرك يا رب) ، انتشر الفيديو مصحوبا بالتسبيح والدعوات عند البعض، وبالتشكيك والتساؤلات عند البعض الأخر.

لم تمض ساعات حتى غلبت منشورات التشكيك منشورات التسبيح بالتعليق على ارتداء المعتمر لساعة يد وظهور ذراع نظارة من جيبه لا تظهر بقيتها في الصور ولكن واضح من الفيديو أنها نظارة سوداء، ثم خبر عن اعتقال أمن الحرم للمعتمر المصري الذي تبين – حسب الخبر مجهول المصدر – أنه نصاب نشال سرق موبايلات كل من اجتمعوا حوله للتهنئة.

وبعد قليل انتشر نفي أمن الحرم لخبر اعتقال المعتمر ، وبقيت التشكيكات معتمدة على مسألة ارتداءه لساعة يد والتي دافع عنها البعض بأن بعض المكفوفين يستطيع استخدامها بصورة ما وأن هذا ليس دليلا كافيا على أنه محتال، كذلك الاستدلال بما وصفوه بأنه أداء “أوفر” وبالتالي الرد في الجهة المقابلة أنه ليس “أوفر” وتصور نفسك مكانه، ثم كان التطور الأخير بانتشار (سكرين شوت) لمنشور منسوب لابن المعتمر يوضح فيه أصل القصة وهي أن والده كان قد أصيب بجلطة أفقدته البصر بإحدى عينيه فقط وأنها هي تلك العين التي عاد إليها البصر في الحرم ، مع تأكيده على كذب خبر اعتقال والده من قبل أمن الحرم واستياءه لما أثير عنه ، وبالكلام عن إصابة عين دون الأخرى لم يعد للاستدلال بارتداء الساعة أي قيمة لأن من البداية هناك عين سليمة ، ولكن من قال أن هذا ال(سكرين شوت) مأخوذ فعلا من حساب ابنه أو أن هذا ابنه أصلا لا سيما أن اسم المعتمر نفسه مجهول.

المتأمل في تطور الخبر ومنشوراته وتناقضها وتناطحها يزداد يقينا في أن الحقيقة الوحيدة في مواقع التواصل الاجتماعي أنها يستحيل أن تعتبر – منفردة – مصدرا للأخبار ، وأنها رغم قيامها بدور هام في تقليل آثار التضليل الإعلامي في وسائل الإعلام التقليدية فإنها لم تسلم من عيوب نفس هذه الوسائل التقليدية والتي من أبرزها تقديم وجهات النظر في صورة خبر ، فخبر اعتقال الرجل بدأ بتشكيك (وجهة نظر) ثم تحول إلى خبر جازم عند الكثيرين ينشرونه اعتذارا عن نشر الفيديو أو تأكيدا لشكوكهم من البداية، كما أن منشور الابن والذي يعد خبرا ربما نكتشف في وقت لاحق أنه أيضا غير حقيقي ، هذا إذا ظل الموضوع تحت الأضواء أساسا ولم يختف كمئات الموضوعات التي تنفجر فجأة على مواقع التواصل الاجتماعي ثم تختفي دون الوصول لنتيجة نهائية ، وسيظل المصدق مصدقا والمكذب مكذبا ، ولو سألت الناس بعد عشر سنوات ستجد كل شخص قد وقفت ذاكرته عند ما يحب ، فمن أعجبه خبر الاعتقال سيسجل به نهاية القصة ، ومن أعجبه النفي – وهو منشور في جريدة الرياض- أو منشور الابن فسيسجل به في ذاكرته أيضا نهاية القصة، وربما بعد سنوات ينتشر الفيديو مرة أخرى على أنه جديد ، وهكذا دواليك.

https://www.youtube.com/watch?v=Gd-Toe32Qgk

نرشح لك

معتز عبد الرحمن يكتب: قصص الآيات.. تماحيك “وطنية”.. ودلالات سلبية

تفاصيل الدورة الثانية لمهرجان “إعلام.أورج” رمضان 2016

بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016

شارك واختار من النجم الأفضل في إعلان فودافون رمضان ٢٠١٦؟ اضغط هنـــا

بنر الابلكيشن