قد يميز المشاهد أثناء متابعته لأي عمل فني لأحد النجوم الكبار، بين نوعين من “الظلم” -إن وجد-، الظلم المقصود وما إن كان الفنان بطل العمل قد تدخل في تفاصيل العمل أو في مساحة أدوار من حوله، أو حاول الاستحواذ على 99.9% من مشاهد العمل على اعتبار أنه “البطل” ومن حوله يساندونه فقط من أجل إبراز دوره؛ وبين الظلم غير المقصود، حيث تطغى اطلالة هذا النجم على من يشاركونه البطولة بسبب قدرته الفائقة على التقمص وتمثيل الدور ببراعة، وحبه لما يؤديه والذي يظهر بوضوح بالغ في أي دور يلعبه.
مارس يحيى الفخراني –بدون ألقاب لا يكفيها مقال واحد- نوع من أنواع الظلم غير المقصود للأبطال المشاركين معه في مسلسله “ونوس”، فرغم عدد مشاهده الطبيعية المتناسقة مع عدد مشاهد الآخرين إلا أنه استطاع منذ الحلقة الأولى “خطف” المشاهد وتركيزه للبحث والتساؤل عما يميز هذا الشيطان “ونوس” ليجبرك أن تجلس ساعة يوميًا على الأقل لمشاهدته، وترديد حكايته لمن لم يشاهدوا المسلسل معك، وحتى إن انجذبت لأبطال العمل الآخرين، فمع انتهاء كل حلقة تجد تعليقات المتابعين تتلخص في “الراجل ده كدة إزاي؟!”.
الإشادات لا تتوقف عن “ونوس” منذ الحلقة الأولى وربما من قبلها… أمر طبيعي، فنحن أمام المُبهر “يحيى الفخراني” -مع التفخيم-، الذي نادرًا ما تجد له عملًا لم يترك علامة مميزة في ذاكرة جمهوره، يكفي ذكر “عباس الأبيض في اليوم الأسود، نصف ربيع الأخر، زيزينيا، الخواجة عبد القادر، يتربى في عزو، شرف فتح الباب، أوبرا عايدة، أبنائي الأعزاء شكرًا، ليالي الحلمية، جحا المصري، الملك لير، خرج ولم يعد، الكيف”، لاسترجاع إحدى الذكريات المرتبطة في ذهن كل شخص مع هذه الأعمال.
كذلك لا يمكن إغفال الأدوار المميزة التي أداها كل فريق العمل بالطبع، وكما ورد في المثل الشعبي الشهير “الجواب بيبان من عنوانه” فمع تتر البداية والموسيقى التصويرية لأمين أبو حافة تبدأ رحلتك لعالم أخر غريب، هادئ، مثير ومخيف في نفس اللحظة، بالتزامن مع نظرات “ونوس” التي يكسوها الخير لكنها لا تحوي إلا كل أذى لمن حولها، والتي لا تفارق ذهنك عند سماعك للموسيقى.
واستكمالًا لمجموعة الأمثال الشعبية، تجد أن المخرج شادي الفخراني يجعلك تؤمن بهذا المثل أيضًا “ابن الوز عوام”، حيث أثبت قدرته على إدارة هذا الجمع من الفنانين وإخراج أفضل طاقة تمثيلية بداخلهم، منذ عمله الأول “الخواجة عبد القادر” مرورًا بـ”دهشة” وصولًا لـ”ونوس”.
أما عبد الرحيم كمال وحواره الذي يحرك بداخلك شيئًا ما غير مفهوم أحيانًا، حتى وإن بدا الحوار عاديًا، لكنه يثير الجانب الروحاني كما عودنا في كتاباته السابقة، لتخرج من كل حلقة وهناك مشاهد مميزة عالقة في ذهنك، سواء بسبب عمق وروعة حوارها أو طريقة أداء مؤديها… المتألقة حنان مطاوع استطاعت لفت انتباه المتابعين أيضًا، بأدائها وهيئتها وشخصيتها غير السوية التي تقترب من مرحلة الجنون بسبب ظروف مرض ابنها في المسلسل، لتثبت للجمهور أن زمن “التمثيل” الجميل لم ينتهِ.
نبيل الحلفاوي الذي لا يختلف على أدائه اثنين، خاصة عندما يجتمع مع “الشيطان” ونوس، فيصبح المشاهد هو المستفيد الوحيد، كالذي يستمتع بمشاهدة مباراة كرة قدم، لا يهمه فوز فريق على آخر، لكنه يريد مشاهدة “اللعبة الحلوة”… الصاعد محمد الكيلاني، في ثاني أدواره التمثيلية، بعد مسلسل “مريم”، والتي يؤديها حتى الآن ببراعة، والذي في رأيي أن تجربته في التمثيل تفوقت على تجربته في الغناء، نتمنى استمراره والسعي نحو التطور فيما يقدمه مستقبلًا.
أخيرًا.. قد يحتاج المسلسل العديد من المقالات للإشادة بكل جملة وكل مشهد فيه، لكننا يمكننا وصف “ونوس” بأنه مسلسل “حلو” فقط، فهي الكلمة اللائقة التي تعبر عن الحالة كلها، وعلى عكس من يريد الوصول للحلقة الأخيرة لمعرفة ما سيحدث وأين سينتهي الحال بـ”ونوس” و”ياقوت”، أريد فقط مشاهدة الحلقات لأطول فترة ممكنة وتأخير مشهد النهاية حتى لا تتوقف حالة “الاستمتاع” والإبهار التي يهادينا بها ونوس في كل حلقة.
نرشح لك
بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016
شارك واختر أي من هذه البرامج أو المسلسلات تتابعها وقت الإفطار؟ أضغط هنـــا