نقلًا عن “المصري اليوم”
منذ بدأ شهر رمضان الكريم، لم تنقطع أسئلة الزملاء الصحفيين بخصوص المحتوى الإعلامى والإعلانى المقدم عبر الفضائيات المختلفة.
لكن «برامج المقالب»، وعلى رأسها بالطبع برنامج الممثل رامز جلال، حظيت بأكبر قدر من الاهتمام، وبالتالى فقد استأثرت بأكبر عدد من الأسئلة.
لو أننى استسلمت لتهويمات «نظرية المؤامرة» السائدة فى المجتمع المصرى راهناً، لقلت إن هناك حملة منظمة، من جهة نافذة وقادرة، تريد أن تقوض عالم «برامج المقالب»، وأن تحول المكاسب الكبيرة التى يجنيها صناعها إلى خسائر.
لحسن الحظ، فإننى لست من هؤلاء، ومع ذلك، فقد اندهشت كثيراً بسبب كثرة الموضوعات الصحفية التى تستهدف توجيه سهام النقد إلى ذلك النوع من البرامج، وحمل المصادر المشاركة فى تلك الموضوعات حملاً لكيل الشتائم والسباب لأبطال تلك البرامج، والضيوف الذين تستضيفهم، والقنوات التى تذيعها، والمعلنين الذين يحرصون على دس إعلاناتهم فى الفواصل التى تتخلل عرضها.
يريد هؤلاء الصحفيون من المعلقين والمحللين والخبراء أن ينتقدوا برامج المقالب، وأن يعددوا «مخاطرها ومفاسدها»، وأن يدعوا القائمين عليها إلى «الهداية» وعدم التورط فى إنتاجها مجدداً، «حفاظاً على الفضيلة، والتقاليد، والمهنية».
يسعى هؤلاء الصحفيون إلى كتابة موضوعات عن «تجاوزات رامز جلال وبرنامجه»، ويتعاطف آخرون مع الضيوف، الذين «يهينهم رامز أو يرعبهم»، ويريدون من المصادر التى تشارك بالتعليق فى تلك الموضوعات أن تنتصر لـ «المهنية والكرامة الإنسانية واحترام الخصوصية».
حسناً، إننى لا أصدق كل هذه الموضوعات، ولا أعتقد أنها تقدم تغطية عادلة وذكية لقضية «برامج المقالب»، بل أرى أنها تستثمر تلك البرامج، وتتطفل على نجاحها، وتسعى إلى الرواج عبر الطعن فيها وتوجيه النقد القاسى لها.
ثمة العديد من الآراء والانطباعات التى يمكن أن نوردها إذا أردنا أن نحلل موضوع «برامج المقالب»، وعلى رأسها برنامج رامز جلال، لكن هناك حقيقة واحدة واضحة وضوح الشمس بخصوص مثل هذا البرنامج، وهى أنه يحظى بأكبر مشاهدة، ويحصل على أكبر عائد إعلانى.
يكون رامز جلال، وبرنامجه، كل رمضان، على «لوحة التنشين»، ويجمع أكبر قدر ممكن من الشتائم، والانتقادات، والقضايا، والبلاغات، والنصائح، والدعوات بالهلاك أو بالهداية، وفى النهاية لا يبقى سوى أنه يتصدر قوائم المشاهدة.
فى الفيلم السينمائى المشوق «جاءنا البيان التالى»، دار حوار لطيف بين لص ومذيع؛ وفى هذا الحوار كان اللص يشرح للمذيع كيف استطاع الحصول على «سى دى» يكشف جريمة خطيرة، فقال له: «فى وقت وقوع الحادث كان رجال الشرطة يقومون بدورهم، ورجال الإسعاف يؤدون عملهم، ورجالى أيضاً يفعلون كذلك»، وحين سأل المذيع، وما عمل رجالك؛ أجاب اللص: «حرامية».
إنه إذن توزيع أدوار، وهو أمر يجرى سنوياً على النحو التالى:
أولاً: شركة إنتاج قوية وفاهمة، تنتج البرنامج، وتتحمل تكاليفه.
ثانياً: قناة ذكية، تذيعه، وتروج له.
ثالثاً: ضيوف براجماتيون، يتنازلون عن جزء من كرامتهم فى مقابل مبالغ مالية كبيرة، ويمثلون دوراً باتوا يتقنونه، ويحصدون بسببه الكثير.
رابعاً: نجم البرنامج الذكى، الذى يعرف أن تعرضه لقدر كبير من الإهانة والشتائم، وتلقيه لعدد أكبر من الضربات، يعنى أن يحصد رواجاً ومشاهدة، وبالتالى يمكنه أن يطلب زيادة أجره فى المواسم المقبلة.
خامساً: «سوشيال ميديا» تافهة، تشن الحملات على البرنامج، وتتهمه بالتمثيل وإهانة الكرامة الإنسانية، ولا تنسى أن «تشير» الحلقات، وتذيل روابطها بالتعليقات، فتسهم فى بناء مجد البرنامج، والترويج لضيوفه، وتمنحه المزيد من المكاسب المالية.
سادساً: صحفيون ينتظرون البرنامج عاماً بعد عام، لكى يبحثوا عن مصادر تتابع البرنامج عاماً بعد عام، ويوجهون لهم السؤال نفسه، ويحصلون على الإجابة ذاتها.
سابعاً: جمهور محتال.. ينتقد البرنامج، ويلعن المشاركين فيه، لكنه يحبه ويحبهم للغاية، حتى إنه لا يفوت حلقة.
إنه تواطؤ جماعى.
نرشح لك
بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016
شارك واختار أي من هذه البرامج أو المسلسلات تتابعها وقت الإفطار؟ أضغط هنـــا