نقلًا عن “المقال”
شعروا يومها أن «الإخوان» ماتت!
كانت الجماعة قد انحلَّت وقياداتها بين السجون والمحاكمات والهروب إلى البلاد العربية والأوروبية، كانت الأُسَر قد تحلَّلت والمكاتب الإدارية انتهت والحملات الدعائية والسياسية ضد الإخوان ليلَ نهار، وكان الشارع مغليًّا فى مواجهتهم، فقد ثبُت أنهم جماعة من الخوَنة خطَّطوا ليس فقط لاغتيالات وتفجيرات، بل لتفخيخ القناطر الخيرية لإغراق الدلتا، ولم يكن هناك سياسى واحد ساعتها إلا ويدرك أن هذه الجماعة التى ابتلى الله بها الإسلام والمسلمين قد راحت إلى غير رجعة.
كان هذا فى منتصف الستينيات وعقب الانكشاف الكبير لتنظيم الجماعة الإرهابى عام 1965، وكذلك بعد إعدام سيد قطب!
خُد بالك أن وقتها لم تكن مصر سلفية كما هى الآن، ولم يكن السلفيون مخترقين أعلى مستويات حكم البلد، ولم تكن الداخلية والمخابرات متحالفة مع الأحزاب السلفية وشيوخها، ولم تكن هناك وهابية فى كل ركن بيت مصرى وعلى مقعد كل مسؤول فى البلد، بالعكس كان المجتمع متفتحًا متحررًا عاقلاً ويحمل بعض الرشادة، أى أن درجة الارتياح لموت جماعة الإخوان كانت عالية ومنطقية.
ورغم ذلك عادت جماعة الإخوان بعد أقل من عشر سنوات، حيث أفرج الرئيس أنور السادات، رحمه الله وغفر له، عن قياداتها من السجون وأعاد بعضهم من الخارج وفتح للجماعات الإسلامية مجال العمل فى الجامعات، وتحالفت أجهزة الدولة كلها مع الجماعة ضد اليسار والقوى المدنية.
وعادت جماعة الإخوان أقوى وأشرَس.
نفس المأساة تتكرَّر بنجاح ساحق هذه الأيام، بينما اعتقد البعض أن جماعة الإخوان قد تعرَّت وانفضحت وانكشفت وأنهى الشعب وجودها فى ثلاثين يونيو.
بينما الإخوان عائدون.
عائدون لأن الدولة التى نعيش فى كنفها دولة سلفية بامتياز، وكل ما فيها يهيئ عودة الإخوان مظفرين للدلدلة على رؤوس الناس، لأن الدولة غير صادقة وغير أمنية فى تصديها للفكر السلفى، بل هى متواطئة معه من أعلى المستويات وحتى أدناها مسؤولية، لأن الدولة تكبت العمل السياسى الحر المفتوح وتجرى نحو هدفها المنشود وهو إخلاء الساحة من أية معارضة أو تيار سياسى حقيقى قوى.
وتنتج عملية الإفراغ هذه صحراء جماهيرية لا يملؤها إلا جمهور الدولة، جماهير الاستقرار، والذين يشكل فزعهم من الإخوان سببًا ومبررًا هائلاً للاحتماء بالدولة، فيصبح من صميم خطة الأجهزة هو الحفاظ على صلاحية الثنائية القاتلة (يا أنا يا الإخوان)، ومن ثمَّ مصلحتها فى الإبقاء على هذه الجماعة معها فى صفقة تسخن أحيانًا وتبرد أحيانًا حسب الحاجة إليها كفزّاعة أو كحليفة.
وجماعة الإخوان تخطو خطوات العودة، وليس سرًّا أن المكاتب الإدارية فى المحافظات عادت للنشاط بل وللتنسيق مع مكتب الأمن الوطنى فى كل محافظة، وأن الأُسَر بدأت تتجمَّع من جديد واختارت نُقباءها، وأن السيناريو المعتمد هو نفسه سيناريو الفترة الأولى من حكم مبارك، التقدُّم ببطء نحو النقابات والظهور التدريجى فى الشارع عبر وسائل مرحلة الاستضعاف والمَسْكنة.
إنها الدولة المصرية التى تحترف الفشل!
نرشح لك
إبراهيم عيسى يكتب: اقتحام نقابة الصحفيين قرار دولة
إبراهيم عيسى يكتب: فى انتظار حصار مدينة الإنتاج الإعلامى!
بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016
شارك واختار أي من هذه البرامج أو المسلسلات تتابعها وقت الإفطار؟ أضغط هنـــا