فرضت الخمسة أعوام الماضية واقع جديد في الأعمال الدرامية، وعلى وجه الخصوص المسلسلات الدرامية وتحديداً دراما رمضان.. حيث أصبحت فجأة دراما رمضان هي العمل الرئيسي والأهم، وربما الوحيد لكثير من الممثلين وبالتبعية المخرجين وأضيف إليهم في العامين الماضيين كتاب السيناريو.
وتبع هذا التجديد في الواقع تجديد في المهام، حيث أصبح معظم الممثلين أصحاب البطولة هم من يصنعون فكرة العمل الدرامي أو القصة القصيرة للمسلسل ثم يختارون الكاتب المناسب لصياغة الحبكة الدرامية، والسيناريو والحوار، والرسائل المباشرة، والمعالجة الدرامية للعمل، ومن ثم يختار أيضاً مُخرج العمل.. رغم أن معظم هؤلاء الممثلين من النجوم أصحاب العمر الصغير الذي يتراوح بين الخامسة والعشرين والأربعين عاماً، والمشوار الفني القصير الذي يتراوح بين بطولة عمل واحد، وخمسة أعمال، والقليل منهم له ماضي طويل في الأدوار الثانوية.
المثال الواضح لهذة المرحلة أو بمعنى أدق يمكن أن نسميه شعار هذه المرحلة الشراكة الدرامية بين الكاتب (عمرو سمير عاطف) والممثل (يوسف الشريف) والمخرج (أحمد جلال) والتي بدأت بدخول يوسف الشريف مسلسلات الدراما بوجه عام، ودراما رمضان على سبيل الحصر حيث بدأ يوسف في دراما رمضان ٢٠١٢ واستمر أسيراً لها وحدها حتى الأن بخمس أعمال متتالية.. كان نصيب الكاتب عمرو سمير عاطف ثلاث أعمال آخرها لعبة إبليس رمضان الماضي، والمخرج أحمد جلال أربعة أخرها القيصر الذي يعرض الأن.
عمرو سمير عاطف هو صاحب البصمة الأولى، والكبرى في الحياة الدرامية ليوسف الشريف بفكرة وتأليف وسيناريو مسلسل (رقم مجهول) والذي دخل يوسف الشريف من خلاله الدراما من الباب الكبير الذي لم يدقه أحد من قبل في تاريخ الدراما المصرية؛ باب الإثارة والغموض والجريمة وفوق كل هذا الرسائل الواضحة للمجتمع في الحوار الذي دائماً ما يكون مباشراً في مواجهة مشاكل المجتمع.. ومن هنا ولد يوسف الشريف نجم لدراما رمضان.
سرعان ما عاد يوسف الشريف لعمرو سمير عاطف بـ (الصياد) بعد أن خرج في عمله الثاني من الشراكة بـ (إسم مؤقت) مع كاتب أخر (محمد سليمان عبد الملك) مستنداً على نجاح العمل الأول.. إلا أن ما كان ينتظره الجمهور من يوسف كان أعلى طموحاً مما قدمه الشريف في عمله الثاني.. ولهذا عاد لعمرو سمير بالصياد أحد أفضل وأهم مسلسلات رمضان في آخر عشر سنوات وقدم مالم يتوقعه الجمهور منه واستعاد صدارة الترتيب من كل أبطال جيله.
فالصياد مسلسل متكامل سواء في الفكرة الرائعة ليوسف الشريف التي أراد من خلالها العودة السريعة للصدارة، والحبكة الدرامية المتقنة والسيناريو الخيالي المتمكن، والرسائل المباشرة في الحوار والتي تُميز عمرو عن أي كاتب آخر، والأهم من هذا ما قدمه عمرو سمير عاطف من خلال غرس بذور الثقة بين يوسف والجمهور في تقديمه الحقائق المجردة للأشياء، أو بمعنى أدق تعامل مع جهاز الشرطة بحرفية وحيادية تامة بإبراز الإيجابيات والسلبيات وتبيان لواقعية أن كل مكان به الصالح والمخلص جداً والسيء والخائن.
تبع هذا النجاح الغير متوقع نجاح كان متوقع للغاية ليوسف الشريف مع عمرو سمير عاطف في مسلسل (لعبة إبليس) رمضان الماضي والذي كان أيضاً من فكرة يوسف الشريف وزوجته (إنجي علاء) ومارس من خلاله عمرو مهاراته التي تطور بشكل أسرع مما يتوقعه أحد من خلال السيناريو الشيق والحوار الذي يفتح من خلاله عقل المشاهد ويضيف له نفسياً وعلمياً ومن خلال رسائل مباشرة لا لبس فيها للجمهور.
وفوق كل هذا روي بذور الثقة بين يوسف والجمهور والتي كانت قد غُرست في الصياد، من خلال توضيح حقيقة ما يحدث في كواليس صناعة الإعلام بشفافية تامة سواء بتداخل الدولة بمساحة كبيرة فيها وتدخل فساد رأس المال بمساحة مماثلة وأيضاً بإبراز من يحاول أن ينأى بالصناعة من هذا وذاك.. والأهم من هذا مدى تفاوت الإعلاميين في كل شيء سواء في الضمير، أو الحالة الإجتماعية، والمادية، أو التفاوت الشاسع في المصداقية.
بهذا شكل عمرو سمير عاطف نهج يوسف وحافظ عليه وحماه من الشطط كما يفعل غيره وجعله أكثر الممثلين قناعة للجمهور، وعندما يصل الممثل لتلك الدرجة من القناعة تتحول العلاقة بينه وبين الجمهور من مجرد ممثل لا يختلف أحد على موهبته، في عمل درامي متميز، إلى كاشف لحقيقة ما يحدث في المجتمع بأعلى درجة من المصداقية.. وبعدها يتحول العمل الفني من مجرد محاكاة للحقيقة والواقع بالنسبة للجمهور، إلى أن يكون العمل نفسه هو الواقع الحقيقي والممثل هو واحد من أصحاب الحقيقة.
لهذا أصبحت الحلقة الأولى من عمله الجديد (القيصر) هذا الموسم أكثر حلقات الدراما ٢٠١٦ مشاهدة على (اليوتيوب) وببحث بسيط ستجد أنها الأعلى من بين أكثر من عشرين عمل درامي في رمضان الحالي، وهذا يعني أن الجمهور وقف على أطراف أصابعه في إنتظار ما سيقدمه الشريف هذا الموسم؛ ودلالة هذا أن النجاحات المتتالية قبل هذا العمل في (الصياد – لعبة إبليس) فاقت أي أعمال أخرى عرضت مهما في المواسم الماضية.. وهي شهادة إمتياز لكاتب العمل.
لكن وللأسف ما يقدمه يوسف الشريف في من خلال الفكرة التي كتبها هذا الموسم (القيصر) واستناداً على ما سبق من نجاحات باهرة في المواسم الماضية ليست في السياق الذي بدأ وتميز من خلاله، وهنا لا أتحدث عن أهم مميزات أعماله في توضيح الحقائق للناس بإيجابياتها وسلبياتها مهما كان الرأي الشخصي لها.. فبات واضحاً أنه يسوق للناس أن جميع جمعيات حقوق الإنسان، ونشطائها ملوثين نفسياً وخلقياً وينفذون مخططات ضد مصر ويدعمون الإرهاب ويدافعون فقط عن الإرهابيين، والطاهر منهم يعمل مرشداً للأمن ضد زملاء المهنة.. وأيضاً الشرطة تقوم بكل الجهد في محاربة الإرهاب ولا تدخر جهداً في السعي الدائم للقضاء عليه.. وإذا ألقت القبض على متهمين في عمليات إرهابية لا تنتزع منهم إعترافات بالتعذيب.. بل لا يوجد من الأساس شيء إسمه تعذيب في سجون مصر لأي متهم مهما كانت جريمته.. وللأسف لم يتعلم يوسف مما فعله في عمله الثاني (إسم مؤقت) حيث انتهج نفس المنهج.
هذا ما قرر أن يستثمر فيه يوسف الشريف نجاحاته السابقة وحالة الثقة اللا متناهية بينه وبين الجمهور.. ومن المؤكد أنه سيترتب على هذا تراجعاً كبيراً في التقييم هذا العام وربما ينسف علاقة الثقة بينه وبين الجمهور.
نرشح لك
محمد حليم بركات يكتب: القول الفصل في حكاية رمضان صبحي
بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016
شارك واختر من النجم الأفضل في إعلان فودافون رمضان ٢٠١٦؟ اضغط هنـــا