نقلا عن مجلة “7 أيام”
الصحافة بمعناها التقليدي، أي نشر الأخبار والتقارير والحوارات، لا يمكن أن تفيد عملا فنيا دون المستوى، يمكن أن تروج لمواعيد العرض، تدفع الجمهور لمتابعته فور انطلاقه، لو كان العمل الفني مسلسلا تلفزيونيا فإنها تساعد على مشاهدة الحلقة الأولى بكثافة، لو كان معروضا على قنوات غير رئيسية فإنها ترشد المتفرج لمواعيد العرض والإعادة، لكنها أبدا لا تجعل العمل الناجح فاشلا والمسلسل الفاشل ناجحا، حتى الحملات المنظمة التي كانت تقوم بها بعض الصحف من خلال أقلام فقدت المصداقية ضد فنان صاعد يغير منه فنان قاعد تتحول سريعا إلى فقاعات تطير في الهواء ولا يبقى منها أثر.
مناسبة ما سبق، العادة الرمضانية التي يقوم بها أصحاب بعض الأعمال الدرامية التي لا تصمد في المنافسة منذ اليوم الأول للشهر الكريم، طبيعي جدا في ظل وجود 32 مسلسلا في السباق -بخلاف البرامج-، أن يختار الجمهور بعد الأيام الأولى 10 أعمال على الأكثر وينقسم حولها، مع متابعة خافتة لأعمال أخرى، فيما تسقط من “قعر القفة” كما يقولون أعمال تمر مرور الكرام، وهنا يجب على صناع تلك الأعمال أن يعترفوا أمام أنفسهم بالثغرات التي جعلتهم في نهاية السباق حتى قبل أن يبدأ.
ثغرات من نوعية؛ مدى جاذبية أبطال العمل، هل القصة والإخراج فيها الجديد الذي يشجع المتفرج على الإمساك بالريموت والسؤال على شاشة وموعد العرض، هل حظى العمل بالدعاية اللازمة قبل رمضان بوقت كاف حتى ينتظره الناس ويترقبوه، هل بطل العمل سواء كان نجم أو نجمة يستحق أن يكون بطلا بالفعل، ولو كان يستحق ما هو ترتيبه في أولويات المتفرج، يعني قد يكون هناك ممثل جيد من حقه البطولة المطلقة وله رصيد بالفعل عند الجمهور، لكن المتفرج لديه أيضا 5 أو 6 نجوم لهم أولوية، بالتالي غير مسئول عن الزحام الذي نتج عن انفراد كل نجم بالبطولة لتتساوى الرؤوس شكلا فيصبح كما ليحيي الفخراني وعادل إمام مسلسل، هناك أعمال لأسماء أخرى لا يجد المتفرج وقتا لها حتى لو أجادوا، فكيف الحال لو كان العمل عاديا تقليديا لا يحمل أي جديد؟
كشف هذه الثغرات سيوفر على صناع تلك الأعمال الوقوف بمنظر سيء أمام الصحفيين والمتفرجين والنقاد وهم يطلقون أخبارا تجعلهم “أضحوكة” أمام كل من له عقل ويستطيع التمييز بين الناجح والفاشل والواقف في المنتصف، الادعاء بأن هذا المسلسل أصبح ترند على تويتر، انتظار إشادة وحيدة من أحد النقاد وتحويلها لخبر، القول بأن حجم مشاهدات المسلسل على يوتيوب يتزايد على أساس “إن محدش هيعد ورانا” وكل هذه الأمور التي وصلت لحد تأجير “لجان إلكترونية” من أجل زيادة انتشار اسم العمل على السوشيال ميديا، كل ذلك يؤكد أن المسلسل فاشل لا العكس، لأن الجمهور لن يقرأ هذه الأخبار ويهرع لمتابعة الحلقات التالية، الجمهور مع دراما رمضان وغيرها من الأعمال الفنية ليس كالناخب الذي يمكن أن ينزل من بيته للتصويت إذا حمسه أحدهم بأغنية، أو أرهبه آخر بنتائج وخيمة لو لم يذهب، أو أطلق ثالث شائعة الغرامة لمن لا يصوت، جمهور الفن حر في اختياره دائما والأخبار “المضروبة” لا تفيد بل تضر أصحابها وتظهرهم في موقع العاجز عن جذب المتفرج.
ما سبق ينطبق أيضا في الاتجاه العكسي، برنامج أو مسلسل ناجح وتريد هدمه، ابحث عن ثغرات حقيقية، لكن لا تدّعي أنه خطر على الأخلاق عبر تقارير ينشرها موقع مهتم أيضا بنشر أخبار لاأخلاقية، لا تستدعى أراء معارضة متكررة بل حاول أن تفسر لماذا أقبل عليه الجمهور ولماذا لا يقدم “المغتاظون” أعمالا منافسة تتوفر فيها الجاذبية وتراعي البعد الأخلاقي والاجتماعي.
راجع لو أردت أرشيف الصحف المصرية في كل رمضان، خصوصا تلك الصحف التي يقبل محرروها نشر عناوين “مضروبة”، تابع المسلسلات التي ثارت حولها ضجة صحفية وانصرف عنها الجمهور، ثم ابحث عنها الآن في ذاكرة الجمهور بل وحتى في ذاكرة من كتبوا تلك الأخبار، لن تجدها، ستجد فقط الأعمال التي نجحت في تلك المواسم لاتزال حاضرة، بينما الخاسر الأكبر كالعادة ليست الأعمال الفاشلة وإنما الصحفي الذي لازال مستعدا لنشر خبر لن يقرأه سوى المؤلف أو المنتج، ليضحك على نفسه وينام مرتاح البال بأن مسلسله نجح في عقله هو فقط.
نرشح لك
بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016
شارك واختر أي من هذه البرامج أو المسلسلات تتابعها وقت الإفطار؟ أضغط هنـــا