هبة سمك
انحياز المؤلف الكبير عبد الرحيم كمال، لدراما الصعيد بات واضحا ، ولما لا وهو ابن سوهاج الذي يعتبر الأعمال الصعيدية التي يقدمها بمثابة تجسيدا لتاريخه، وعادته وتقاليده.
هذا الإنحياز تُرجم بأعمال درامية دقيقة في تفاصيلها، رائعة في قصتها، حيث حول الأدب الكلاسيكي العالمي لقصة تدور في قرية صعيدية في “دهشة”، وقدم المتصوف في ” الخواجة عبد القادر”، واقتبس من التاريخ قصة “شيخ العرب همام”، وخرج عن مألوف الدراما الصعيدية وقدم ” الرحايا” مع المبدع الراحل نور الشريف.
يطل علينا عبد الرحيم كمال في دراما رمضان هذا العام، بمسلسل ” يونس ولد فضة”، الذي يثبت بمرور حلقاته إننا أمام عمل درامي مميز قدم الصعيد بصورة مختلفة عن ما قدم من قبل، تلك الصورة نرصد أبرز ملامحها في التقرير التالي:
يونس ولد فضة
شخصية ثرية في تفاصيلها، ابدع الفنان عمرو سعد في تقديمها، وساعده على ذلك ملامحه السمراء قريبة الشبه بأهل الصعيد، أما من ناحية المضمون تميزت بـ
* المزج ما بين الجدية، والذكاء من ناحية، وبين خفة الظل، والفكاهة من ناحية أخرى
*شخصية معاصرة محب للتكنولوجيا، يطالع الفيس بوك، ويلعب ” بلاي ستيشن” مع ولده إبراهيم.
*قاتل وفي نفس الوقت عاشق لايجد حرجا في الإفصاح عن مشاعره أمام الجميع
*على الرغم من عدم تعليمه وحصوله على أي شهادة، إلا أنه على قدر كبير من الثقافة، ويظهر ذلك في العبارات التي يقتبسها من مشاهير الأدب أمثال شكسبير وآرثر ميللر وأينشتاين، ومارتن لوثر كينج، وغيرهم، حيث قال في أحد مشاهده محاورا زوجته :” أنا زي العقاد، اتعلمت كل حاجة في بيتنا”.
* محب للموسيقى، عاشق للأشعار، متحدث للإنجليزية لكن بصعوبة.
فضة أم يونس
تلك الشخصية التي قدمتها الفنانة المخضربة في دراما الصعيد، سوسن بدر، والتي أظهرت فيها قوة المرأة الصعيدية الثائرة لكرامتها، فقتلت زوجها، بعد وفاة ابنها الوحيد، لكن بدهاء المرأة المجروحة استطاعت أن تفرض ولد جديد، ليس من صلبها على عائلة زوجها، واقنعت الجميع بأن يونس ولد فضة، حتى تحصل على الورث.
لكن في نفس الوقت نجحت في أن تجعل الجمهور يحبها من طريقة حبها لولدها يونس وحنانها عليه، ومن معاملتها الطيبة مع زوجته رضوى.
حوار الأبطال
البطل الحقيقي قبل الفنان عمرو سعد في المسلسل، هو الحوار الذي نسجه العبقري عبد الرحيم كمال بين أبطاله، حيث استطاع أن يخلق من جمل الحوار أشعارا عامية وليس حوارا تقليديا، فحفز المشاهد على الإستماع، والإستمتاع بكل جملة صعيدية تقال، خاصة تلك التي تدور بين “يونس”، وحبيبته “صفا”، والتي تعلق بها الجمهور واصبحت تترد بشكل واسع على وسائل التواصل الإجتماعي ومنها:
“محدش يقدر يقتل عاشق أبدًا العاشق عمره طويل، روح كبيرة محدش يقدر عليها غير اللى خلقها”.
أداء لافت لبعض الأبطال:
1-أحمد حلاوة
من بين أبطال العمل، استطاع أحمد حلاوة أن يخلق لنفسه حالة فنية مميزة، حيث اختار “نغمة صوت”، تجمع ما بين السرعة، والكوميديا في نفس الوقت، فلا يمر مشهد يظهر فيه، إلا وقد رسم ابتسامة على وجوه المشاهدين، خاصة في تلك المشاهد التي تجمعه بـ “يونس”، حيث يكون الحوار الكوميدي متبادل بين الطرفين.
2-ريهام حجاج & هبة مجدي
على الرغم إنها المرة الأولى التي تظهرا فيها الفنانتان ريهام حجاج، وهبة مجدي، بدور الفتاة الصعيدية، إلا إنهما أجادا في إتقان اللغة الصعيدية، فبدا الإثنان وكأنهما متمرستان في دراما الصعيد، إلى جانب الأداء اللافت والمميز لهما في أحداث المسلسل.
3-صفاء الطوخي
لغة عيون “حسيبة” -تلك الشخصية التي تقدمها الفنانة صفاء الطوخي-، كفيلة أن توصل للمشاهد جرعة من الحقد، والغل، والكره الكامن في قلبها اتجاه “يونس”، إلى جانب شخصيتها القوية، الرافضة للإستسلام لفكرة أن “يونس” هو ولد “فضة” الحقيقي.
دور مميز للمرأة الصعيدية
حرص الكاتب عبد الرحيم كمال على تقديم نماذج مختلفة من المرأة الصعيدية، فهناك المرأة التي تحدت الفقر، ورفضت الظلم، واختارت الثأر من زوجها وعائلتها، فقتلته، ونسبت لهم ابن ليس من صلبهم، وهنا نتحدث عن “فضة”.
وتلك الفتاة الصعيدية المتعلمة في الجامعة الأمريكية، لكنها في نفس الوقت محتفظة بعادات وتقاليد الصعيد، وهى “صفا” التي تقدمها ريهام حجاج.
أما الثالثة فهى الشخصية التي تقدمها الفنانة هبة مجدي، تلك الفتاة التي حافظت على شرفها، واختارت أن تعمل في ورشة سيارات متخلية عن أنوثتها حفاظا على نفسها، وعلى أختها.
تسع حلقات مرت من عمر المسلسل، وقت كتابة هذا التقرير، ولم تتصاعد بعد الأحداث، لكن المقدمات مبشرة إننا أمام عمل درامي مميز، قد يظلمه قليلا العرض الحصري على قناة “MBC”، لكن في المقابل يغرد ” يونس ولد فضة” منفردا بأحداثه الصعيدية عن باقي الأعمال الدرامية المنافسة، مما يساعده على جذب مشاهدي دراما الصعيد…ويبقى الحكم مكتملا مع إنتهاء الأحداث.
نرشح لك
بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016
شارك واختار أي من هذه البرامج أو المسلسلات تتابعها وقت الإفطار؟ أضغط هنـــا