خالد زكي يكتب: عبدالرحيم كمال.. إيه الدنيا

مات محمد صفاء عامر، لكن ملاحمه عن صعيد مصر لازالت تنبض بالحياة، ورحل أسامة أنور عكاشة، لكن أعماله الدرامية مازالت شاهدة على مراحل مهمة في تاريخ مصر، وعلى التغيرات الرهيبة التي حدثت في تركيبة الحارة المصرية، تستطيع وأنت مرتاح البال أن تتوج الثنائي الراحل كملوك في مملكة الدراما المصرية، أعمالهما تلقى صدى ومتابعة حتى يومنا هذا، تلمح موهبة الأول وتمكنه من مفردات أهل الصعيد في “ذئاب الجبل” و”الضوء الشارد”، وتكتشف جوهر الشخصية المصرية في دراما “عكاشة” تغوص معه في تفاصيل مهمة عن حياة المصريين في “ليالي الحلمية” و”زيزينيا” و”أبوالعلا البشري”.

شيء من رائحة صفاء عامر وأنور عكاشة، يمكن أن تشتمه بسهولة في أعمال نجم الكتابة الدرامية الصاعد بسرعة الصاروخ الكاتب عبدالرحيم كمال.. صغير السن كبير الموهبة.. الذي يطل على المشاهدين في رمضان 2016 بعملين (ونوس ــ يونس ولد فضة)، حازا إعجاب قطاع كبير من المشاهدين بعد عرض الحلقات الأولى. “كمال” الذي ينتمي قلبا وقالبا للصعيد، برع خلال السنوات الأخيرة في تقديم دراما مختلفة عن أهل الجنوب، غاص في تفاصيل الشخصية الصعيدية، وقدم شخصيات من لحم ودم عن بشر يعيشون هناك بعيدا عن صخب القاهرة وناسها.

ربما تكون مشكلة عبدالرحيم كمال أنه مؤلف بلا “شلة”، يعمل في صمت، ويعتمد فقط على موهبته -وهي تكفيه- في زمن العلاقات العامة والتظبيط من تحت لتحت. بدأ “كمال” حياته في المعهد العالي للسينما دارسا بقسم السيناريو، اتجه في البداية للأدب، فنُشرت له رواية “عذاب فاخر” ومجموعتان قصصيتان منهم “رحلة إلى الدنمارك وبلاد أخرى”، لكن الدراما والسينما أخذته من عالم الرواية والأدب ودفعت به دفعا إلى ساحة السيناريو والحوار.

غالبا لا يكون النجاح حليف أى كاتب يخوض السباق الرمضاني بعملين فى نفس التوقيت، لكن عبدالرحيم كمال كسر تلك القاعدة ونجح في تحدي نفسه بعملين لكل منهما طابع خاص، ومذاق مختلف، في الأول يواصل التعاون للمرة الرابعة على التوالي مع العملاق يحيى الفخراني، وفي الثاني يعيد بعضا من البريق الذي فقده عمرو سعد، العمل الأول قاهري يؤكد فيه حرفيته في صياغة أفكار بعيدة عن دراما الصعيد، والثاني يتحدث عن “يونس ولد فضة” صاحب اللزمة الشهيرة “إيه الدنيا” وهو “صعيدي مودرن” يستخدم الفيس بوك ويمتلك حسابات على “تويتر” و”إنستجرام” ويتبادل الأحاديث مع أصدقائه وأقاربه على “الواتس آب”.

يقولون إن “الجواب بيبان من عنوانه”، وعنوان عبدالرحيم كمال في الدراما كان عنوانا جذابا، له بريق من نوع مختلف، وكشف النقاب عن جوهرة ثمينة في الكتابة، أطل كمال على الجمهور لأول مرة عام 2009 من خلال مسلسله الأول “الرحايا” من بطولة العملاق الراحل نور الشريف، وحقق المسلسل نجاحا غير مسبوق جعل صناع الدراما ينتبهون إلى مولد نجم جديد في سماء الدراما الصعيدية.

قبل “الرحايا” بعام واحد فقط كان سيناريو فيلم “على جنب يا أسطى” قد عرف طريقه إلى دور العرض، في أول تجربة كتابة يخطها “كمال” للسينما، ورغم أن الفيلم لم يحقق النجاح المأمول تجاريا، إلا أنه نال استحسان عدد كبير من النقاد الفنيين.

بعد “الرحايا” انطلق “كمال” في دنيا الدراما وتلقفته يد فنان كبير مثل يحيى الفخراني، قدم معه مجموعة من الأعمال الناجحة بدأت بـ “شيخ العرب همام” مرورا بـ “الخواجة عبدالقادر” و”دهشة”، ومن المؤكد أنها لن تنتهى هذا العام بـ “ونوس”، ذلك الشيطان الذي يكشف طبائع النفس البشرية في أحط لحظاتها.

 

ثنائية “الفخراني وكمال” صارت في السنوات الخمس الأخيرة عنوانا للنجاح والتميز، وكأن هناك سرا إلهيا يربط بين فنان بحجم وقيمة الفخراني وكاتب بمكانة وموهبة كمال، يجعل أعمالهما معا تحقق أعلى نسب مشاهدة في موسم رمضان من كل عام، وفي الوقت نفسه تحوز رضا وإعجاب وتقدير النقاد والمتخصصين في دنيا الدراما.

علاقة كمال بالفخراني ربما نجد لها تفسيرا فيما قاله السيناريست عن بطل أعمال حيث يقول كمال في إحدى مقالاته: “القصة بيننا ليست قصة كاتب ونجم كبير في التمثيل لكنها قصة حب للأفكار الصادقة، هو يقدر الكاتب ويصدقه، وأنا مغرم بالممثل الذي يتحكم صعودا وهبوطا في سلم المشاعر، وكأنه سلم بناه بيده وصدقه بقلبه وأناره بعقله، فكان لذلك هو يحيى الفخراني نجمي المفضل، عرضت عليه أفكارا كثيرة لا أصدقها، وكان يكشفني بسهولة بقلبه ونهرب إلى أفكار أخرى”، كمال تحدث في نفس المقال عن بداية علاقته بـ “الفخراني” قائلا: “كنت طالباً في المعهد العالي للسينما حينما ذهبت لمشاهدة مسرحية الملك لير ورأيته أمامى للمرة الأولى ملكا مهيبا يلعب به عقله فيقف على المسرح يتأرجح بين عظمة الملك وضياع العقل بالخرف، وأصابني الذهول، لم أكن أتصور في حياتى أن أرى قدرة على التشخيص بهذا الشكل، وكيف يستطيع إنسان أن يتحكم في مشاعره إلى هذه الدرجة فيصعد في لحظة سلم المشاعر إلى درجة البكاء، بعد أن كان قبلها بجملة واحدة فقط قادراً على جعل نفس المسرح يضج بالضحكات، كانت ليلة لا تُنسى جعلتني أعيد النظر في فن التمثيل وأقع في غرامهما معاً، التمثيل ويحيى الفخراني”.

نرشح لك

دعاء فاروق تكتب: الكماشة رقم (١) في مصر.. قناة الحياة سابقًا

تعرف على معنى ”الدوندو” في إعلان جهينة

شارك واختر.. ما هو المسلسل الكوميدي الذي تتابعه في رمضان؟ اضغط هنـــا