محمد الباز يكتب: هل فسر الشيخ الشعراوى القرآن فعلا؟ (القرآن في مصر 16)

نقلاً عن “البوابة”

وصلنا إذن إلى الشيخ محمد متولى الشعراوى… وكان لابد أن نصل إليه.

إمام الدعاة الذى تقاطعت حياته مع القرآن الكريم، بما منحه مجده وشهرته وسطوته، ولا أبالغ إذا قلت خلوده أيضا، فالشيخ الأزهرى الذى لم تتجاوز دراسته إلى الدراسات العليا، فلم يحصل لا على ماجستير ولا دكتوراه، سجل على صفحة التاريخ تفسيرا للقرآن باسمه، يضعه المسلمون إلى جوار كتب التفاسير العظيمة التى أصبحت جزءا من تراثنا الذى يقدسه البعض، ويطالب البعض بمراجعته وتنقيحه.

قبل الدخول فى عالم الشيخ الشعراوى المتلاطم، وعلاقته بالقرآن الكريم، لابد أن نجيب عن سؤال مباشر: هل ما قدمه الشيخ للمكتبة الإسلامية والعربية يعتبر تفسيرا للقرآن؟

من حقك أن تتعجب وتقول أن هناك كتاب من أجزاء اسمه تفسير الشعراوى، فكيف تسأل عما إذا كان ما فعله تفسيرا من عدمه، ستقلل من أهمية أن البرنامج الذى كان يتحدث الشيخ من خلاله اسمه ” خواطرى حول القرآن الكريم”… وليس تفسير أو تفسيرى للقرآن الكريم، لكن ما رأيك أن تقرأ ما كتبه الشيخ الشعراوى بخط يده.

كتب يقول: الحمد لله على نعمة الإيمان به، والحمد لله على شرف الإسلام له، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد أذن الخير التى استقبلت آخر ارسال السماء لهدى الأرض، ولسان الصدق الذى بلغ عن الحق مراده من الخلق.

وبعد… فإنى لا أستبيح لنفسى أن أدخل على كتاب الله مفسرا، فليس عندى ما أرجح به أننى بالغ فيه ما يرضى نفسى عن نفسى، ولذلك آثرت أن أسمى كل ذلك خواطرى حول القرآن الكريم، والخواطر رزق يجدده الرازق، ولا يلام عليه المرزوق، وكل ما أرجوه أن يجزى الله عنى وعن كل مفيد من خواطرى، وكل من تأثرت به، سماعا منه، أو قراءة له، أو تأسيا به، فمن كل هؤلاء خميرة عملى هذا، ولا أستطيع أن أقول أنى أتيت بجدبد لأن ما جئت به لهؤلاء وليد، ورحم الله ابن المقفع إذ قال: شربت الخطب ريا، ولم أضبط لها رويا، فغاضت ثم فاضت، فلا هى هى، ولا هى غيرها.

ويكمل الشيخ: ولقد شاء الله لهذه الخواطر أن تكون نتيجة لكل ما تأثرت به، حتى وإن كان سامعا يبدو من ملامحه الإعجاب، أو قارئا يطربنى فى كتاب، وإنى لأسأل الله أن يجزى بالخير كل معين على هذا النشر معدا، أشكر له إعداده، أو مراجعا أشكر له إمداده، وهو وحده يعلم من كل اخلاص النية وعلى قدرها تكون سماحة الجزاء من رب الجزاء”.

وقبل أن أجيب عن: لماذا قال الشيخ ما قاله؟

أحب أن أنبه فقط إلى أن الشيخ الشعراوى لم يكتب طوال حياته شيئا من الكتب الكثيرة التى تقتنيها فى مكتبتك، أو تراها على أرفف المكتبات وعند باعة الصحف>

اكتفى فقط بأن يتحدث، ويترك الآخرين يفرغوا ما قاله، ويعيدوا كتابته من جديد، كل بأسلوبه، وكما يرى، ولم يكن الشيخ يكلف نفسه عناء مراجعة ما ينشر باسمه.

كان هذا سببا فى تناقضات كثيرة عن حياة الشيخ فى الكتب التى سجلت حياته، لكن هذه التناقضات تكاد تكون مرفوعة فى الكتاب الذى يحمل تفسيره، وتصدره دار أخبار اليوم إلا قليلا – هناك دور نشر بدأت فى طباعة تفسير الشيخ – لأن هناك لجنة للصياغة والمراجعة.

****

لم يعتبر الشعراوى ما قدمه تفسيرا إذن، وقد تتخيل أنه كان يقول ذلك تواضعا، ورغم تواضعه الذى لا ينكره أحد عليه، إلا أنه كان يقول الحقيقة، ويمكن أن نفصل الأمر على النحو التالى، ومن كلام الشيخ نفسه.

كان الشيخ الشعراوى فى جلسته المميزة على كرسى التفسير، يقرأ الآية، فيشرح أولا معنى كل كلمة فيها، ولأنه كان من علماء اللغة البارعين والمشهود لهم فكان دقيقا فى شرح معانى الكلمات، ثم يتأمل فى ترتيب الكلمات ليكشف عن بعض أوجه الإعجاز اللغوى، وقد ينتقل إلى ذكر أسباب نزول الآيات أو إلى وقائع تلقى الضوء على فهم الآية، ويشير إلى الأحكام الفقهية التى تتضمنها الآيات.

هل نستمع له مرة أخرى؟

يقول الشيخ: خواطرى حول القرآن الكريم لا تعنى تفسيرا يوضح القرآن، وإنما هى هبات صفائية تخطر على قلب مؤمن فى آية أو بضع آيات، ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره، لأنه نزل عليه، وانفعل به، وبلغ به وعلم وعمل وظهرت له معجزاته، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التى تبين لهم أحكام التكليف فى القرآن الكريم وهى ( افعل ولا تفعل) ويثاب عليها الإنسان إن فعلها، ويعاقب إن تركها، وهذه هى أسس العبادة لله سبحانه وتعالى التى أنزلها فى القرآن الكريم.

يستكمل الشيخ رؤيته.

يقول: أما الأسرار المكتنزة فى القرآن حول الوجود فقد اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما علم منها، لأنها بمقياس العقل فى ذلك الوقت لم تكن العقول تستطيع أن تتقبلها، وكان طرح هذه الموضوعات سيثير جدلا يفسد قضية الدين، ويجعل الناس ينصرفون عن فهم منهج الله فى العبادة إلى جدل حول قضايا لن يصلوا فيها إلى شئ.

لدى الشيخ رؤية أعمق، أعتقد انها ستكون مفيدة فى نطاق الحديث عن إعجاز القرآن العلمى تحديدا، فهو يرى أن القرآن لم يأت ليعلمنا أسرار الكون، بل جاء بأحكام التكليف واضحة، أما أسرار الوجود فجاء بها مكتنزة، وكلما تقدمت الحضارة الإنسانية واتسع فهم العقل البشرى يكشف الله من أسرار الكون ما يجعلنا أكثر فهما لما فى القرآن من إشارات إلى حقائق الكون التى يكشفها العلم كلما تقدم الزمن.

****

لسنوات طويلة ظل الشيخ الشعراوى أحد علامات القرآن الكريم، تحول إلى أسطورة وصلت به إلى درجة التقديس، فلم يكن أحد يجرؤ على أن ينتقد الشيخ، أو يقول فيه كلمة تسوءه، صحيح أن هناك من تصدوا له، ووضعوا أمام الناس زلات الشيخ سواء فى الحياة السياسية أو الحياة العامة، لكن كل هؤلاء تلاشوا تماما، وبقى هو.

كان المسلمون يتعجلون خطب الجمعة العقيمة التى يسمعونها من خطباء بلا قيمة، ليجلسوا أمام درس الشيخ الذى كان يذاع بعد صلاة الجمعة مباشرة، وهناك من أساتذة التسويق الإعلامى من يرون أن نجومية وجماهيرية الشيخ جاءت من توقيت إذاعة برنامجه، حيث كان المستمعون يقارنون بينه وبين الخطباء الذين كانوا يستمعون إليهم منذ قليل، وكانت نتيجة المقارنة تصب فى صالحه بالطبع.

وفى شهر رمضان من كل عام، كان الشيخ الشعراوى ينفرد بحديث يومى طوال الشهر، قبل أذان المغرب، وهو توقيت يقبع فيه المصريون أمام التليفزيون فى انتظار الإفطار، وهو ما جعلهم يرتبطون به ويستمعون إليه بتركيز شديد.

هل تريدون ما هو أكثر منذ ذلك؟

كان الشيخ الشعراوى يفضل مسجد سيدنا الحسين رضى الله عنه، يسجل فيه حلقات برنامجه، لكنه لم يكن يمانع من الانتقال إلى أى مسجد داخل مصر ليواصل تسجيل حلقاته، بل انتقل إلى مساجد الدول العربية، وهو ما جمع جمهور ضخم يرتبط معه بذكريات خاصة.

لم يكن هذا فقط هو ما جعل الشيخ الشعراوى يحظى بكل هذه الجماهيرية والشعبية، كان هناك ما هو أكثر.

فى كتابى عنه، وكان كتابى الأول ” محاكمة الشعراوى… الشيخ ما له وما عليه” تعرضت لما فعله فى مقارنة بين التفسير والخواطر، وكان من بين ما قلته.

يحرص الشيخ الشعراوى على إتباع خطوات محددة فى تفسيره للقرآن يمكن أن نرصدها فى الآتى:

أولا: يتناول الشعراوى آيات القرآن الكريم بالترتيب المصحفى، بمعنى أنه بدأ من سورة الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران وهكذا، حتى يصل إلى نهاية المصحف، وهو بذلك يتبع معظم أو كل التفاسير التى تقوم على تناول القرآن بترتيبه المصحفى، كان الشيخ الشعراوى يفعل ذلك فى برنامجه التليفزيونى وجريدة اللواء الإسلامى والكتب التى تصدرها أخبار اليوم تحت اسم” تفسير الشعراوى”.

مات الشيخ الشعراوى قبل أن يتم تفسير القرآن، وكانت أمنيته ودعاءه أن يطيل الله فى عمره حتى ينجز هذه المهمة العظمية، لكن المفاجأة أنه وبعد وفاته ظهرت تسجيلات له فى المملكة العربية السعودية كان قد فسر فيها الجزء الأخير من المصحف ” جزء عم”، وبذلك يكون الله أتم عليه نعمته، بأن مكنه من تفسير القرآن كاملا.

ثانيا: كان الشيخ الشعراوى يهتم ببيان معانى المفردات وشرح اللغويات وتوضيح المقصود من الجمل والتراكيب اللغوية، وذلك لأنه درس اللغة العربية التى تمثل عمودا هاما من اعمدة التفسير، ومن مميزات أسلوبه أنه كان يتناول هذه المفردات والتراكيب اللغوية بطريقة سهلة وبسطية كانت تقرب القرآن من عقول العامة والبسطاء.

ثالثا: لا يغفل الشعراوى أسباب التنزيل، كان يهتم فى إطار حديثه عن آيات القرآن بتبيان سياقات الآيات وأسباب نزولها، واضعا إياها فى إطارها التاريخى، فقد كان الشيخ يعرف جيدا أن معرفة أسباب نزول الآيات أو الحدث التاريخى الذى نزلت بشأنه الآية مهم للغاية.

رابعا: كان الشيخ الشعراوى يهتم اهتماما كبيرا بتبيان أوجه الإعجاز فى القرآن الكريم، ولا يتوقف ذلك على الآيات التى تتناول الحقائق العلمية، بل يتناول الآيات التى تبين وتوضح الإعجاز اللغوى.

خامسا: كان الشيخ الشعراوى حريصا على الربط بين المتشابه من سور القرآن الكريم، كنت تجده يتحدث فى سورة معينة، وإذا به يخرج إلى سورة أخرى، ولا يتردد فى ذكر أى شئ يتعلق بموضوع الآية سواء تعلق الأمر باللغة أو الدين أو العلم، وهو الشئ الذى كان يجعل الاستطراد يغلب على أسلوب الشعراوى فى الحديث، وهو ما كان يجعله يقع فى مأزق، فلو ربط بين آية فى سورة البقرة التى فى أول المصحف، وبين سورة الأعراف مثلا، فإنه عندما يأتى إلى سورة الأعراف يعود مرة أخرى إلى آية البقرة، مع أن المنطق يقول أنه يجب أن يمر على آية الأعراف سريعا، لكنه يقول ويزيد ويعيد، وهو ما كان يعرضه إلى حالة ملل تنتاب مستمعيه، لم يكن أحد يمل من القرآن بل كانوا يملون تكرار الشيخ لما يقوله.

وجد هذا الملل صدى عند الشيخ الشعراروى، ففى إحدى حلقاته قال أن أحد المستعمين أبرق إليه ألا يكرر فى تفسير الآيات المتشابهة حتى لا يمل المستعمون، لكن فى الحلقة التالية قال: لقد اتصل بى أحد المستعمين تليفوينا ردا على البرقية التى تقول لا تكرر، بأن البعض ربما لا يكون قد استمع إلى الآيات الأولى، فمن الفائدة ان يكرر الشيخ ما قاله عند كل موضع يجد التكرار فيه مفيدا، ثم عندما نأتى لنطبع الخواطر نحذف المكرر، حيث لا فائدة من التكرار فى الكتب.

أخذ الشيخ بالرأى الثانى، واستمر فى تكراره، لكن المفاجأة أن أخبار اليوم عندما طبعت التفسير فى كتب، لم تحذف المكرر، بل تركت كثيرا مما قاله الشيخ على حاله.

سادسا: لم يكن ما يقوله الشيخ الشعراوى فى آيات الله يخلو من الإعتماد على الأمثال الشعبية، والمواقف التى حدثت له شخصيا فى حياته، سواء كانت فى الريف أو فى السعودية أو فى القاهرة، وكان يكرر الأمثال التى ضربها، ويعيد القصص التى رواها، ولذا كان دائما ما يقول ” كنا ضربنا زمان مثل ولله المثل الأعلى.

****

لا يمكن أن تجادل فى قيمة الشيخ الشعراوى، ولا فى قيمة ما قدمه بين يدى القرآن الكريم، لكن أعتقد أن الصناعة الإعلامية لظاهرة الشيخ كانت بادية جدا، فلو لم تتح للرجل فرصة تفسير القرآن تليفزيونيا، لما حظى بكل هذه الشهرة، وما كان له أن يحصد كل هذه الجماهيرية، وما كان له أن يحدث كل هذا التأثير.

ما الذى يبقى من تفسير الشيخ الشعراوى للقرآن – هذا إذا اعترفنا بأنه تفسير كامل -؟

يبقى منه أنه كان تفسيرا لغويا، جرب وحاول أن تجرد التفسير من أسباب النزول، ومن حكمة الشيخ الحياتية وخبرته، ستجد حالة لغوية فقط.

للتفسير اللغوى للقرآن قيمته بالطبع، لكن له خطره أيضا.

لن أفند هذا الخطر، ولكنى ساترك المستشار الراحل محمد سعيد العشماوى صاحب كتاب الخلافة الإسلامية يتحدث.

يقول العشماوى: ” التفسير اللغوى للقرآن الكريم أسلوب خاطئ، فهو منهج وافق هوى فقهاء السلطة وفقهاء المعارضة على حد سواء، فاستعمله هؤلاء وهؤلاء فيما يريدون من تأييد للسلطان أو خروج على الحكام، ثم صاغه الفقهاء فى عبارة تقول ” العبرة فى تفسير آيات القرآن الكريم بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، أى أنهم قلبوا القاعدة الأصلية وصارت قاعدتهم هى التى تدرس فى علم أصول الفقه على أنها القاعدة الأصولية فى تفسير القرآن الكريم مع ما فى هذه القاعدة من خطأ وأصبح خطر داهم.

يعدد العشماوى أوجه الخطر فى الآتى:

اولا: هذه الطريقة تبرر اتهام الحكومات وتقويض المجتمعات على أساس شرعى بدعوى أن هذه وتلك لا تحكم بما أنزل الله” ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون”، ومن ثم فإن هذه القاعدة هى التى سوغت على أساس دينى أكثر الاضطرابات والثورات والفورات والعصيان الذى حدث وما زال يحدث فى المجتمعات الإسلامية.

ثانيا: تؤدى هذه الطريقة إلى تعصيم ( أى إضفاء العصمة) على الحكام مهما كان ظلمهم، وقد كانت هى الأساس فى فساد نظم الحكم الإسلامية منذ أن بدأ العمل بها وحتى الآن، فما دامت بيعة الحاكم بيعة لله، وما دام الحاكم يحكم بنور الله، وما دام الحاكم لا يسأل عما يفعل ويسأل خصومه ( بواسطة الحاكم نفسه أو عماله)، ما دام الأمر كذلك فإن الطغيان يتوسد أسسا شرعية والظلم يتحصن بقواعد دينية.

ثالثا: تؤدى هذه الطريقة إلى تأييد دعوى إسرائيل العنصرية والإقليمية، ففى القرآن الكريم ” يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين” و” لقد اخترناهم على علم على العالمين” و ” يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله لكم” و ” وواعدناكم جانب الطور”، فتفسير هذه الآيات على عموم ألفاظها أن بنى إسرائيل مفضلون على العالمين بإطلاق وأنهم شعب الله المختار، وأن أرض فلسطين هى الأرض الموعودة والمقدسة التى كتبها الله لهم، أما تفسير الآيات وفقا لأسباب النزول وتبعا لسياقها وأخذا بالظروف التاريخية فهو يفيد أن المعنى ببنى إسرائيل قوم موسى وحدهم، ولا تعنى الإسرائيليين فى كل مكان وكل زمان على الإطلاق، وأن فلسطين كانت الأرض الموعودة زمن موسى فحسب.

رابعا: تؤدى هذه الطريقة إلى ظهور تناقضات غير حقيقية بين آيات القرآن الكريم، فآية تقول ” يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين”… وآية أخرى تقول:” فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية”… التفسير على عموم الألفاظ يثبت تناقضا بين اعتبار بنى إسرائيل مفضلين على الإطلاق، وبين لعنهم وجعل قلوبهم قاسية، لكن التفسير على أسباب التنزيل، ووفقا لتاريخية النص يرفع هذا التناقض، إذ يكون المفضلون من بنى إسرائيل قوم موسى، ويكون الملعونون منهم يهود المدينة على عهد النبى.

خامسا: أسلوب تفسير القرآن على عموم اللفظ لا على خصوص أسباب التنزيل، ووفقا للظروف التاريخية للآيات ينتهى إلى تفسير القرآن وتأويل الآيات على غير ما أراد التنزيل، وربما عكس ما أراد فيؤدى إلى إيجاد إسلام غير الإسلام، وشريعة خلاف الشريعة، ويعمل على اضطراب المجتمعات الإسلامية وعلى استبداد الحكام وعلى زرع الفتن بين المسلمين، وعلى نشر الحروب بين المسلمين وغير المسلمين على مدى التاريخ وبغير نهاية، حتى ينتبه المسلمون إلى المنهج الصحيح لتفسير آيات القرآن فيأخذون به ويعرضون عما سواه.

يصل المستشار العشماوى إلى الشيخ الشعراوى فيقول عنه” ورغم خطورة هذا الأسلوب فى التفسير إلا أننا لا نستطيع أن نقول أن الشعراوى مفسر لغوى فقط، فهو أيضا يهتم بأسباب النزول، لكن الذين ينادون بالتفسير على قاعدة من أسباب النزول يريدون أن تخضع جميع آيات القرآن لهذا الأسلوب، والذى أظهر خطورة هذا الأسلوب أن الشعراوى أخضع بعض الآيات لخدمة الحاكم مثل قوله للسادات” لا يسأل عما يفعل وهم يسألون”.

أما كيف حدث هذا؟…. فهذه قصة أخرى تستحق أن تروى كاملة.

نرشح لك

محمد الباز يكتب : القرآن في مصر  (الحلقات من 1 إلى 15)

شارك واختار .. ما هو المسلسل الكوميدي الذي تتابعه في رمضان؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن