منذ 6 سنوات، هي عمري المهني في بلاط صاحبة الجلالة، وأنا أبحث عن ماهية الإعلام والدور الحقيقي له، والخفي أيضًا، لا أنكر أهمية هذا ” المدعوق”، فقد غير العالم في السنوات العشر الأخيرة بالذات، متجاوزًا كل الحدود .
إذًا بقيت عندنا صحافة “ترافيك”، وعرفنا كل مشاهير أفلام ” البورنو” ونجمات عمليات تكبير الثدي، ورفعنا مقاسات مؤخرات الفنانات قبل وبعد إجراء العلميات،هكذا يرى جهابزة المهنة “الناس الكبّارة” كيف تكون الصحافة، لكن ماذا بقى منا نحن!!
كنت صغيرآ وكان لدي ولع بمتابعة أنوثة هند رستم، وخفة دم سعاد حسني وشغوفًا بالبحث عن “تمر حنة” جميلة الجميلات، تلك الفتاة الغجرية التي ترقص في موالد الصعيد، وتتمتع بقدر كبير من الجمال والخفة ووخذات الخدود رمان!
الإدراك عندي كان شغفًا بالفنون، وهي حالة لم أكن أبدًا مقتنعا بكونها طبيعية يمكن أن يقبلها هؤلاء المهذبون القائمين على تربيتي سواء أبي أو أمي، كنت أحّول المحطة إذا حضر والدي أو أحد إخوتي .
ثمة شيء غريب يلوح في الأفق بالقرب من مقرات الصحف والمواقع الالكترونية في القاهرة الساهرة الساحرة الساخرة، لم أكن أدري أنني عندما أبلغ رشدي سأجد نفسي داخل مستنقع بشري متحرش بطبيعة الحال، فما علاقتنا نحن أصحاب هذه المهنة بمؤخرات الفنانات وبطلات أفلام البورنو، الحق أقول لكم المهنة أصبحت تضم مئات الدخلاء، هؤلاء الذين يجيدون البحث عن عورات الناس ويقدمون للقارئ المصري المصنف لدى شركة “جوجل العاملة” بالمواطن الأكثر بحثأ عن كلمة سكس في محركات البحث 2013، هؤلاء يقدمون وجبة دسمة من تقطيع الفرو وقصف المحصنات وفضح أمور سترها الله، لا حاجة للقارئ بها ولا فائدة للدولة منها فالمستفيد الوحيد رئيس التحرير ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الذي يدر أرباحًا خيالية من نمو “الترافيك” وزيادة عدد المشاهدات، جميعنا يتذكر عنتيل المحافظة الفلانية ونجمة البورنو ذات الأصول العربية وفضيحة الشيخ “فلان” والقس “علان” والفنانة “ترتان”، هكذا نكون في الصدارة من خلال ما نقدمة من محتوى صحافة الجنس والإغراء فضلًا عن الفضائح .
سمعنا منذ سنوات عن تطوير بعض الدول للأسلحة لتكون أكثر فتكًا بالبشر ولكن الأمر أصبح عبء ثقيل بل ومكلف جدًا، وسط ظهور سلاح جديد يستطيع الفتك بدول ومجتمعات بأكملها دول تكبد تكاليف باهظة بالإضافة إلى قدرة هذا السلاح على الوصول لأكبر عدد من سكان العالم، إنه الإعلام ياسادة، ليس سلاحًا فتاكًا فقط، بل هو الإعلام ابن الفتاكة!
عندما يصل بنا الحال إلى نشر تقارير مطولة عن شبكات الدعارة والشذوذ والتركيز على المحتوى الجنسي في وسائل الإعلام مجتمعة فنصل إلى حد كتابة أسماء مواقع إباحية في مواقع إقليمية وعالمية يصل عدد زوارها يوميًا بضعة ملايين ..فهذا إعلام ابن فتاكة
إذا كانت المؤسسات الإعلامية والصحفية بالتحديد تعمل بمنطق السادة والعبيد فنجد تفاوت في الأجور بين المحرر والمدير والرئيس فيأخذ الباشا المدير 10 أضعاف دخل المحرر بل تزيد فهذا ليس حقد طبقي.. هو ده الإعلام ابن الفتاكة.
عندما نموت في الشوارع وتغتالنا أيادي الارهاب والداخلية والبلطجية متحدون ولا نجد من يدافع عنا بل ويعطينا حقوقنا ويقف إلى جانبنا ضد كل معتد أثيم فهذا إعلام ابن فتاكة.
عندما نكون أصحاب رأي وأصحاب كلمة وغير متاح لنا أن نتكلم أو نتحدث أو حتى نختلف من قريب أو من بعيد أو ننتقد سياسات حكومية أو حزبية أو حتى إدارية داخل مؤسساتنا ولا نحصل على حقوقنا كاملة ويرانا الجميع أصحاب رأي وموقف وقلم .. هو بنفسة الإعلام ابن فتاكة.
كل هذا بجانب الإقصاء والتحريض وتوزيع الاتهامات والإبلاغ عن المصادر والتحريض على أشخاص والحملات الممولة ضد رجال الأعمال والحكومة ولا حقيقة لوجود لإعلام المواطن.
كل هذا بمقابل زهيد، سوق النخاسة الإعلامية لا يتجاوز من 1000 الى 3000 ونصر على أن نبيع وإذا حاول أحد منا إعادة ترتيب البيت من الداخل يواجه بالفصل وتعنت رئيس التحرير ونذالة أصحابة وجبن زملائه وقتها يبحث عن قانون يحمية ، قانون نقابة الصحفيين يسمح بتسخير المحررين لصالح ملاك الصحف ورؤساء التحرير ليصب ذلك في مصلحة رجال أعمال فاسدين، ويتحول القانون بقدرة قادر إلى نافذة لبث عقدهم النفسية في محاباة المتقدمين للجان القيد والممنوعين من الدخول باب نقابة الصحفيين بدعوى عدم حملهم لكارنيه العضوية – الكارنيه الاصفر- من آثاره الجانبية “العلل والامراض النفسية والضغائن”!!.